“عند ذكر الأهرامات تتبادر مصر إلى الأذهان.. وعندما تتبادر مصر إلى الأذهان يذكر معها الأهرامات” هذه الصورة الذهنية لأرض مصر استمرت لقرون عديدة وعلى ما يبدو أنها ستلتصق وإلى الأبد بمصر لطالما أهراماتها موجودة. ولكن يبقى السؤال الحقيقى، ماذا نعلم عن الأهرامات المصرية؟ إليكم 10 معلومات مجهولة عن أهرامات مصر
كيف بدأت قصة بناء الأهرامات المصرية؟
هضبة الجيزة هي المكان الأثري الأشهر في العالم على الإطلاق، لأنها تحتوى على العجيبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع القديمة (هرم خوفو)، وعلى الرغم من شهرتها إلا أن أهرامات الجيزة الثلاث ليسوا أول الأهرامات المصرية.
كان المصريون القدماء يعتقدون في الحياة بعد الموت لذلك عملوا على تجهيز موتاهم لكل الاحتمالات الممكنة وغير الممكنة في العالم الآخر، وكان أول ما لاحظه المصري القديم هو الظاهرة الكونية الأعظم وهي الشمس التي تشرق يوميا من جهة الشرق وتأتي بالحياة لسائر المخلوقات إلا أنها ومع نهاية اليوم تموت في رحلتها إلى الغروب واعتقد المصرى القديم أن الشمس تذهب في رحلة تحت الأرض في ظلمات الليل حتى تشرق من جديد في الصباح التالي في دورة لا نهائية.
من هنا كان القرار بدفن الموتى في الضفة الغربية من نهر النيل، بينما الأحياء يعيشون في الشرق، لذلك فإن كل مقابر القدماء تقع على الضفة الغربية من نهر النيل باستثناء أمثلة نادرة جدا لها ظروف استثنائية.
بدأ المصريون يدفنون موتاهم في دفنات بسيطة تحت الأرض مع القليل من مقتنيات المتوفى ليستخدمها في العالم الآخر، ومن ثم تطور الأمر إلى حاجة أحباء المتوفى وأقاربه أن يزوروه لتلاوة الصلوات والدعوات له فتم بناء مبنى من الطوب اللبن أو الحجر فوق الأرض كمكان لزيارة المتوفى وسمى هذا البناء في العصور الحديثة (مصطبة).
مع تطور العقيدة المصرية القديمة بدأت تلك المصاطب في التطور فوضع على جدارنها لوحات خشبية تمثل المتوفى ونقشت جدرانها بمناظر له أو موائد القرابين، وكذلك مناظر للحياة اليومية فى مصر القديمة والتي تمنى كل مصري أن يعيشها كما عاشها عندما كان على قيد الحياة.
بمرور الزمن بدأت المصاطب في التطور أكثر فأكثر حتى ظهرت المصطبة المزدوجة، وهي عبارة عن مصطبة ذات دورين حتى ظهر في عصر الأسرة الثالثة بناء استثنائي أشرف عليه عبقري من أرض مصر يدعى “إيمحوتب”، كان هذا البناء عبارة عن 6 مصاطب بنيت فوق بعضها البعض وهو ما عرف لاحقا بهرم سقارة أو الهرم المدرج للملك “زوسر”. هذا المبنى هو أقدم هرم في تاريخ الإنسان على الإطلاق مع تحفظنا على تسميته بالهرم لانه فى الأصل عبارة عن مصطبة مدرجة.
أول هرم كامل في التاريخ
انتظرت مصر حتى نهاية الأسرة الثالثة وبداية الأسرة الرابعة مع تولي عرش مصر ملك طموح يدعى “سنفرو” وهو والد الملك الأشهر “خوفو”، بنى “سنفرو” أول هرم كامل في التاريخ في صحراء “دهشور” التابعة لمركز البدرشين، وهو “الهرم المنحني” الذى غير مهندسه زاوية البناء فيه لتفادي انهياره فخرج بهذا الشكل العجيب الذي أدى إلى تسميته بالهرم المنحني.
اتجه فريق عمل الملك “سنفرو” شمالا في مشروع جديد وهو بناء هرم آخر للملك “سنفرو”، وبالفعل نجحوا في إتمامه في أقل من 10 سنوات تقريبا وهو الهرم الذى سيطلق عليه “الهرم الأحمر” وهو أول هرم كامل أملس الجوانب في التاريخ.
مع المجهود العظيم والتجارب التى أجراها مهندسو وفريق عمل الملك “سنفرو” فى بناء هرميه الضخمين كان من الطبيعى أن تكون كل الأمور مهيأة لمن سيخلفه على العرش أن يحقق إنجاز غير مسبوق، وهو بالفعل ما حدث مع تولي الملك “خوفو” عرش مصر وبنائه لأكبر أهرامات مصر على الإطلاق وهو الهرم الأكبر في الجيزة.
أهرامات مصر عددها يتجاوز 100 هرم
ما لا يعلمه الكثيرون أن بناء المصريين للاهرامات استمر لأكثر من 1000 عام طوال تاريخ مصر، بل أن عدد الأهرامات المصرية غير معلوم على وجه التحديد وإن كنا نتحدث عن ما يقارب 120 هرما.
أما آخر هرم مصرى معروف هو هرم الملك أحمس الأكبر قاهر الهكسوس والذى شيده في منطقة “أبيدوس” بمحافظة سوهاج، وهو عبارة عن أطلال حاليا.
ضخامة الأهرامات كانت سبب نكبتها
على مر العصور كانت الأهرامات المصرية مثار خيال للكثير من الأمم، وكانت كل واحدة تتسابق على حل لغزها مع فقدان اللغة المصرية القديمة وتحول إنجازات حضارة مصر القديمة إلى أساطير شعبية، فنجد على سبيل المثال أن العقلية الغربية فسرت من ضمن تفسيرات عديدة أن سبب بناء الأهرامات كانت أنها مخازن غلال النبي يوسف، بينما العقلية العربية كانت ترى أن الأهرامات بنيت لحماية ملك ما من الطوفان ولكنه غرق في نهاية المطاف.
لكن على الرغم من ذلك فقد أجمع الكل أن الأهرامات بداخلها سر لن ينكشف إلا بدخولها واقتحامها إن لزم الأمر.
ومن أشهر محاولات معرفة أسرار الأهرامات هي ما ذكره الخليفة المأمون العباسي عن نجاحه في دخول هرم خوفو وعدم عثوره على شيء ذو قيمة بداخله، وما لم يعمله أن اللصوص القدامى قد سبقوه إلى نهب الأهرامات منذ عصور سحيقة، وحتى يومنا هذا لا يزال طريق دخول الزوار إلى داخل هرم خوفو هو فتحة الخليفة المأمون العباسي.
وكان حجم الأهرامات وضخامتها التي لم تتأثر بعوامل الزمن هي عنصر الجذب الأقوى طوال التاريخ لمعرفة أسرار الأهرامات، وكانت نكبة على المنطقة بأسرها التي لم تسلم من أيدى العابثين والمغامرين والباحثين عن الكنوز طوال آلاف السنين حتى تحولت إلى أطلال.
أشهر مهندس أهرامات في التاريخ
“حم إون – حم إيونو” هو اسم المهندس المحتمل الذي أشرف على مشروع بناء هرم خوفو، وكان ذلك المهندس العبقرى أحد أفراد عائلة الملك خوفو فهو ابن أخيه المدعو “نفر ماعت”.
وحمل “حم إون” الكثير من الألقاب التى عكست مكانته في الحكومة المصرية وقتها ومنها: المشرف على جميع أعمال الملك، المهندس، الوزير، حامل أختام الشمال، وغيرها من الألقاب.
وعُثِر على مصطبته في هضبة الجيزة عام 1912 على يد عالم الآثار هرمان يونكر، الذي عثر على تمثاله الشهير الموجود بمتحف بالازيوس في هلدسهايم بألمانيا.
الريس «مرر»
الريس «مرر» هو اسم ظهر للعلن لأول مرة عام 2013 مع الاكتشاف المذهل الذي قامت به بعثة جامعة السوربون الفرنسية، حين عثر عالم الآثار الفرنسى بيير تالييه على مجموعة من البرديات تحكي «يوميات الريس مرر»، وهو رئيس عمال كانوا يجلبون الحجر الجيري الأبيض من محاجر طرة إلى هضبة الجيزة وموقع مشروع بناء هرم خوفو، وكانت تلك الأحجار تستخدم في الكسوة الخارجية للهرم لكي يظهر وكأنه يلمع في ضوء الشمس.
وذكرت تلك البرديات معلومة أخرى غاية في الأهمية وهي اسم مهندس آخر شارك بالمشروع وهو الأمير “عنخاف” أخو الملك خوفو غير الشقيق، وهو ما رأى علماء الآثار أنه يرجح وفاة “حم أون” مهندس المشروع في مراحله النهائية وتولى عمه “عنخاف” الدفة من بعده، وكنا نعرف من أدلة سابقة أن “عنخاف” هو المهندس المحتمل لهرم الملك “خفرع” وكذلك هو المسئول عن نحت تمثال أبو الهول.
هذه البرديات هي أقدم برديات مكتشفة على الإطلاق حتى الآن، ومعروضة حاليا في المتحف المصري بميدان التحرير.
أهرامات الجيزة التسع
يظن البعض أن أهرامات الجيزة عددها 3 فقط ولكن هذا غير صحيح، فإذا دقننا النظر في خرائط الموقع أو حتى زورناه بأنفسنا سنجد أن العدد أكبر من ذلك بكثير.
هرم خوفو يضم بجواره 3 أهرامات أصغر حجما يصطلح الكثيرون على تسميتها أهرامات الملكات لاعتقاد العلماء في بادى الأمر أن هذه الأهرامات كانت مكرسة لزوجات الملك خوفو، لكن على المرجح أن هذه الأهرامات كانت لأغراض طقسية متعلقة بعملية البعث والخلود.
وكذلك فإن هرم خفرع بجواره هرم أخر أصغر حجما، أما هرم الملك “من كاوو رع” فبجواره 3 أهرامات أصغر حجما هو الآخر. ليكون مجموع الأهرامات هو 9 وليس 3.
الأهرامات لم يتم بنائها بالسخرة
بسبب ما ذكره بعض المؤرخين والرحالة وأشهرهم “هيرودوت”، أن الاهرامات وتحديدا هرم خوفو تم بناؤها بالسخرة وأن خوفو كان ملكا ظالما متجبرا ظل العالم لفترة طويلة جدا يعتقد أن هذا الكلام حقيقى بالفعل، وحاول الإسرائيليون بناء أكذوبة أخرى على هذه المعلومة فقالوا إن اليهود هم من بنوا الأهرامات بعدما تم تسخيرهم لهذا العمل، وأشار موشى ديان لذلك صراحة فئ لقائه مع الرئيس الراحل أنور السادات.
حتى فوجئ العالم في العام 1988 باكتشاف مقابر العمال بناة الأهرام في هضبة الجيزة على يد عالم الآثار الأمريكي مارك لينر ود.زاهى حواس، كما أن المكتشفات الأثرية في أماكن أخرى أكدت أن المشاريع الضخمة في البر الغربي في مصر كان ملحق بها دوما قرية للعمال.
فعلى سبيل المثال: نجد أن وادى الملوك كان ملحقا به قرية تسمى “مكان الحق” (دير المدينة حاليا) للعمال الذين شيدوا وادي الملوك، وكذلك قرية “كاهون” لعمال بناء هرم اللاهون في الفيوم، وأن هؤلاء العمال كانوا يعاملوا معاملة كريمة ويتقاضون أجورا مجزية للغاية، وكانت لهم إجازات وامتيازات عديدة، وهو ما نفى أسطور السخرة بشكل عام وتسخير اليهود في بناء الأهرامات إلى الأبد.
أقدم مومياء ملكية عثر عليها بالأهرامات
في عام 1880، أعلن عالم الآثار الفرنسي جاستون ماسبيرو عن كشف مذهل لأول مرة بداخل هرم مصري، ففي أثناء عمله بمنطقة سقارة، هرم الملك “مرنرع الأول” (نمتى سا إف) رابع ملوك الأسرة السادسةـ عثر بداخل التابوت الحجري على مومياء كاملة على الرغم من أن الهرم نفسه من الواضح أنه تم نهبه في العصور القديمة.
وتشكك العلماء فى الأمر وإعتقدوا أن تلك المومياء ليست للملك نفسه وإنما مومياء تم دفنها بداخل التابوت لاحقا بعد نهب هذا الهرم, لكن بعض الأبحاث الأحدث رجحت أن هذه المومياء تعود بالفعل لعصر الأسرة السادسة، ما يجعلها مومياء الملك وهو ما يجعلها أيضا أقدم مومياء ملكية تم العثور عليها على الإطلاق، وهي موجودة حاليا بمتحف “إيمحوتب” في منطقة سقارة.
تابوت “من كاوو رع” الذي غرق
يشتهر ذلك الملك باسم “منقرع” على الرغم من أن اسمه المصرى القديم كان “من كاوو رع” ومعناه (فلتدم قرائن الإله رع).
في عام 1837 عثر البريطاني هوارد فايز على تابوت بديع الشكل بداخل هرم الملك “من كاوو رع” مصنوع من حجر البازلت وكان يبلغ وزنه 3 أطنان، وزعم “فايز” أنه يريد حماية التابوت من الدمار مستقبلا فكان حله لتلك المشكلة الوهمية هو سرقة التابوت ليتم عرضه في المتحف البريطاني، وشحنه على متن السفينة “بياتريس” التي غرقت قبل الوصول إلى سواحل “ليفربول” ليضيع التابوت إلى الأبد.