مع حلول شهر رمضان 2021 تزدان شوارع مصر وأحيائها بمظاهر الاحتفال بهذا الشهر الكريم ولا تقتصر مظاهر الاحتفال على الظواهر البصرية فقط بل والسمعية أيضا فيرتبط رمضان دوماً في ذهن المصريين بالابتهالات والاناشيد وحتى الأغنى على غرار “وحوى يا وحوى إيوحه!” وهى موضوع هذا المقال. ما هو أصل تلك الأغنية وهل يرجع أصلها إلى المصريين القدماء؟
الملكة إياحة أم الملك أحمس !
تمتلئ محركات البحث بإجابة جاهزة لهذا السؤال وهو أن تلك الأغنية ترجع إلى عصر الملكة “إياحة” أم الملك أحمس قاهر الهكسوس وأن هذا النشيد كان من مظاهر الاحتفال بها وتكريمها باعتبارها واحدة من النساء الرائدات في تاريخ مصر.
بداية القول فإن اسم تلك الملكة العظيمة هو “إيعح حتب” ويعنى “القمر راض”، وارتباط القمر بشكل عام بأسرة الملك أحمس قد ظهر في أسماء العديد من أفراد الأسرة بل أن الملك “احمس” نفسه كان اسمه المصري القديم هو “إيعح مس” ويعنى مولود القمر، وكذلك فإن أخته الكبرى كانت ” إيعح مس مريت آمون” مولودة القمر محبوبة الإله آمون وغيرهم الكثير من أفراد تلك الأسرة.
يرجع هذا الارتباط إلى الإله “خونسو” رب القمر والمسافرين وهو أحد أفراد ثالوث مدينة طيبة التي ترجع أصول عائلة الملك أحمس إليها، فإله مدينة طيبة كان آمون والذى يعنى اسمه الخفي، ومعه زوجته الإلهة موت واسمها يعنى “الأم”، وأخيراً ابنهما “خونسو” إله القمر.
اقرأ أيضًا هنا: أخطاء تاريخية بمسلسل الملك أحمس
من هي الملكة إيعح حتب؟
هي زوجة الملك “سقنن رع” عميد شهداء مصر الذى ضحى بحياته في معركة ضد الهكسوس أشعلت شرارة الثورة عليهم ومن ثم استكمل مسيرته ابنه كامس الذى توفى بدوره هو الآخر لينهى المهمة أخوه الأصغر أحمس الذى نجح بالفعل في طرد جحافل الهكسوس خارج أرض مصر ليرفع راية أرضنا حرة مستقلة مرة أخرى.
نلاحظ في خضم هذا الصراع الدور الكبير الذى لعبته الملك “إيعح حتب” حيث أنها كانت سند زوجا سقنن رع ومن ثم داعمة ابنها كامس في مسرة الكفاح وأخيرا وصية على عرش ابنها أحمس الذى تزلى الحكم صغيراً فألقيت أمانة مصر وعرشها بين يدى تلك المرأة، وقد كان من الطبيعى أن يعثر الآثاريون على آثار تشيد بفضل تلك الملكة ففي لوحة تعود لعصر الملك أحمس نجد نصاً يصفها فيقول: هي التي تؤدى الطقوس وترعى مصر، التي رعت جنودها، التي حمت مصر، التي اعادت الفارين والهاربين من أرض المعركة وجمعت شملهم، التي استعادت هدوء مصر العليا وطردت المذنبين.
هذه الكلمات وبوضوح تشير إلى تولى الملكة القيادة العليا بالفعل بل والشد من أزر الجيش واستعادة تنظيمه وحتى إعادة الفارين والهاربين إليه، هذه المرأة كانت حاكمة بلا شك وذات نفوذ واسع فعال كان له دوراً في تحرير مصر، ومن هنا نشأ التفسير المطروح بان هذا النشيد يشير إليها ولدورها فى حروب التحرير ، وهو ما يبدو منطقيا ولكن ..
وحوى يا وحوى !
عند البحث المدقق لن نجد رابطا قوى يربط ما بين الملكة وبين الأغنية، ولكن مع التشابه اللفظي الواضح يمكننا أن نعزى تلك الأغنية إلى أصل مصري قديم وهو : واح واح إيعح ، وهى الجملة التي ترحب بظهور القمر والتي توارث المصريون لفظها حتى تحورت إلى شكلها الحالي، في جميع الأحوال لا تزال تلك الأغنية من موروثات المصريين القدماء الذين لا يزالوا يلقوا بظلالهم على حاضرنا الذى نتمنى أن تنعكس عظمة ماضينا عليه.