مما لاشك فيه أن الهرم الأكبر سيظل هو معجزة الحضارة المصرية التي تحتل وجدان العالم بأسره، وعلى الرغم من الكثير من الألغاز التي لا زالت تحيط بالهرم الأكبر إلا أننا نعلم الكثير أيضا عنه وعن ظروف بناؤه، بل تحت أيدينا معلومة غاية في الأهمية وهو الرجل العبقري الذى لربما كان مهندس الهرم الأكبر، إنه الأمير “حم أيونو” الذى سنتعرف عليه في السطور التالية.
تبدأ القصة في عام 1912 على يد عالم الآثار الألماني “هرمان يونكر” الذى اكتشف مقبرة (مصطبة) في الجيزة قام بترقيمها برقم G4000 والحرف G يشير إلى هضبة الجيزة، والرقم هو رقم المصطبة.
ما قام بالعثور عليه هو بقايا تلك المقبرة، وكسرات من الحجر متناثرة وبعض المقتنيات البسيطة، إلا أن أهم ما عثر عليه كان تمثال مكسور الرأس، لرجل جالس، ومع تطور البحث عثر على رأس التمثال شبه مهشمة.
مع بداية توثيق الكشف وتدوين المقتنيات التي تم العثور عليها ظهر اسم “حم أون” (يعرف أيضا باسم حم أيونو) لأول مرة.
اقرأ أيضًا هنا: من هو الملك خوفو باني الهرم الأكبر؟
من هو حم اون؟
هو الأمير “حم أون” ابن الأمير “نفرماعت” من زوجته المدعوة “أتت”، الأمير “نفر ماعت” كان ابنا للملك “سنفرو” أول ملوك الأسرة الرابعة، وله مصطبة في ميدوم مهشم معظمها ولكن تقع جداريات منها بمتاحف العالم أشهرها جدارية “أوز ميدوم” الموجودة بالمتحف المصري، وقد أخذت تلك الجدارية اسمها من مكان الكشف وهو ميدوم في بنى سويف.
والكثير من علماء الآثار ينسبون بناء أهرامات الملك سنفرو في دهشور إلى ابنه “نفرماعت” كمهندس المشروع، وهو ليس بأمر مستغرب على عائلة الملك سنفرو التي أنجبت من العلماء والعارفين عدداً هائلاً كان على رأسهم “نفر ماعت”، “حم اون”، “عنخ إف” وغيرهم، ومع تولى الملك “خوفو” عرش مصر خلفاً لأبيه سنفرو ظهر اسم حم أون.
“حم أون” اسمه يعنى “كاهن مدينة أون” (خادم مدينة أون) وهى عين شمس حالياً، وقد حمل العديد من الألقاب التي دلت على مكانته كواحد من أفراد العائلة المالكة، ومنها ابن الملك من صلبه ( هو في هذه الحالة لقب شرفي يعكس نسبه الممتد للملك سنفرو نفسه)، الوزير وهو بمثابة رئيس وزراء حالياً، أعظم الخمسة الموجودين في بيت تحوت ( وهو معبد الأشمونين لإله الحكمة والمعرفة في مصر القديمة تحوت).
أما أهم الألقاب التي حملها كانت “المشرف على جميع أعمال الملك” وهو ما يعنى أنه أشرف ونفذ على مشاريع عمه الملك “خوفو”، والتي كان أبرزها الهرم الأكبر، وهو السبب الرئيسي الذى جعل حم أون هو المرشح الأول ليكون الرجل الذى شغل هذا المنصب وذلك مع اقتران اسمه بمهنة المهندس.
غريب في ألمانيا
مع عثور عالم الآثار الألماني “هرمان يونكر” على مقبرة حم أون وتمثاله الشهير الذى كان مهشماً والرأس مهشمة ملقاة على الأرض وتطعيم العيون بها تم انتزاعه من قبل اللصوص قديماً الذين قاموا بعمل فتحة في السرداب الذى يقبع التمثال بداخله، وسرقوا كل ما يمكنهم سرقته حتى الأحجار الكريمة والحواف المذهبة التي طعمت بها العيون.
جرى العمل على قدم وساق في اتجاهين، الأول هو شحن التمثال إلى ألمانيا، والثاني ترميم الرأس والملامح ومن ثم لصق الرأس بالجسد مرة أخرى، وقد ساعدهم في عملية الترميم جدارية من مقبرة الأمير نجحوا من خلالها في استعادة الجزء المفقود من ملامحه.
وحاليا يقبع التمثال بمتحف “هلدسهايم” في ألمانيا كأحد أهم قطع المتحف، وقد أعلنت الحكومة المصرية سابقاً قبل جائحة كورونا أن المتحف المصري الكبير سيستعير ذلك التمثال مع افتتاحه وهو ما لم يحدث حتى الآن.