هو أبو الحسن أحمد ابن يحيى ابن إسحاق الراوندي نسبة إلى بلدة مولده ” راوند ” في بلاد فارس، تلك التي هجرها ليدرس العلم  في مدينة ” الري ” بالعراق على يد الشيعة والمعتزلة، وكان في بداياته شابا مؤمنا ملتزما بفروض الشريعة الإسلامية، حسن السيرة طيب المعشر، دؤوب على تحصيل العلم حريص على مجالسة العلماء، تأثر بأدبيات الشيعة فانتمى إليهم، ثم تأثر بسجالات المعتزلة الفلسفية فانتمى إليهم، ثم أعتزل المعتزلة وصارت له آراء صادمة بشأن الشريعة الإسلامية والديانات وكينونة الله

آراء ابن الراوندي الإلحادية

ابن الراوندي
ابن الراوندي

أنكر ابن الراوندي وجود الله، وطعن بالديانات قاطبة وبالأنبياء، وفي يوم الحساب وماهية العدل، ويعزي الكثيرون إلحاده المفاجيء الحاد إلى رقة حاله، ورضوخه لأعمال دنيا يتكسب منها، وتأثره بالفلسفات الأغريقية القديمة عن عدمية العالم وعبث الحياة، وكانت آراءه كفيله بقتله وحرق كتبه، إلا أن الفضل في بقاء كتبه وبقاءه هو شخصيا يعود إلى الإمام الشيعي ” الصادق ” الذي حفظ على الناس حيواتهم وكفل لهم حرية الرأي والبحث، ومن هذا المنطلق الفقهي الشيعي اعتبرت آراء ابن الراوندي من قبيل الآراء الفلسفية وحرية البحث، فلم تلصق به تهمة الإلحاد أو الردة

كتب ابن الراوندي

كانت شهرة ابن الراوندي في الأوساط الأدبية ببغداد قد سبقته قبل وصوله إليها عبر كتابيه اللذين ألفهما قبل أن يلحد، وهما ” الإبتداء والإعادة ” و ” الأسماء والأحكام ” وكان قد كتبهما بروح المؤمن الملتزم، ولكنه حين قدم لبغداد كان قد ألف كتابه ” الفرند ” وحمله بأفكاره الفلسفية الجديدة، وحين عارضه الوراق ورفض نسخ الكتاب دافع عن نفسه قائلا ” إنني لم أنكر التوحيد، وإنما رغبت بتنزيه الخالق عن الخرافات التي تنسب إليه ” ورفض الوراق أيضا نسخ كتابه ” الإمامه ” الذي يدين فيه بالولاء للشيعة خوفا من تنكيل الخليفة المتوكل العباسي به، وانتهى الأمر بابن الراوندي إلى نسخ الكتب فقط في بغداد

آراء ابن الراوندي في وجود الله

في كتابه ” الفرند ” ضمن ابن الراوندي آراءه الفلسفية حول ماهية الله ورسالاته وانبياءه، وهو الكتاب الذي تم اتهامه بالكفر بعد تأليفه وتضمينه تلك الآراء، وهو الكتاب الذي دعاه الخليفة المتوكل العباسي في بغداد لكي يرى منه امره، فكان للراوندي تلك الردود أو الشروحات على متن كتابه الذي كاد يودي بحياته ” إن تصورات الإنسان عن الخالق والمبدأ محاطة بالأوهام والأساطير، لأن فكر الإنسان يعجز عن إدراك الخالق أو معرفة أوصافه ” واستطرد ابن الراوندي يقول ” إن من أعظم الأساطير في حياة الإنسان تلك الصورة التي يرسمها الإنسان بوهمه عن الخالق ”

آراء ابن الراوندي في الأنبياء

كان ابن الراوندي قد طعن في حجة المتكلمين حين أقاموا البرهان على وجوب إيفاد الرسل لإرشاد الخلق وهدايته، قائلاً: ليس بواجب على الله أن يرسل الرسل أو يبعث أحداً من خلقه ليكون نبيه ويرشد الناس إلى الصواب والرشد، لأن في قدرة الله وعلمه أن يجعل الإنسان يرقى ويمضي إلى رشده وصلاحه بطبعه، كما خلق الشجر والنبات وهي تنمو وتثمر دون أن يجعل لها نبياً.

وفاة ابن الراوندي

رحل الراوندي عن عالمنا بعمر الرابعة والثمانين، ولم يوفق إلا بنشر كتابين من كتبه المائة والثلاثين، وهما كتابي ” الفرند ” و ” الإبتداء والإعادة ” وكل ما وصلنا من أخباره كان على لسان منتقديه أو معجبيه والكتب التي كانت ترد عليه، وصار بعد رحيله أشهر الزنادقة في التاريخ الإسلامي