تحظى الأسماء الحسنى بمكانةٍ خاصة؛لأنها الأسماء التي أطلقها الله تعالى على ذاته العليّة، وورد ذكرها في القرآن الكريم أو على لسان النبي الكريم. وقد قال الله تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف: 180]. وقال رسوله الكريم (إن لله تسعة وتسعين اسمًا؛ من أحصاها دخل الجنة). في هذا المقال نستعرض اسم الله (البارئ)، ونتعرّف على معناه وآثاره وشواهده في الخلق والوجود، وكيف نتعبّد به في وجداننا وحياتنا وأدعيتنا.

معنى اسم الله البارئ

البارئ هو الذي برأ الخلق؛ أي أوجدهم بقدرته وأبدع في تصوير كل خلق منهم، ممّيزًا كلّ واحد منهم عن غيره، وبثّ فيهم من صور الحياة وتعقيداتها أشكالاً وأطوارًا.

ورد اسم الله (البارئ) في القرآن، في قوله تعالي (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) [الحشر: 24]، وفي قوله تعالى في قصة بني إسرائيل (فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ) [البقرة: 54].

شواهد اسم البارئ من حولنا

كل ما فينا، وما حولنا من ذوات الأرواح، مما أوجده الله تعالى بقدرته المطلقة، وأبدع في تصويره وتهيئته بإبداعه الخالص، يدلّ على على اسم الله تعالي (البارئ). سواءً كان هذا فينا نحن بني الإنسان، آية الله العظمى في هذا الكون، في أطوار تكويننا ونشأتنا، أو في مكوّناتنا العضوية والنفسية، وقد برأنا الله خلقًا مستويًا مبرّءًا ليس فيه اختلاف ولا تنافر ولا نقص ولا عيب ولا خلل.

كل ما حولنا من مخلوقات يدل على اسم الله البارئ
كل ما حولنا من مخلوقات يدل على اسم الله البارئ

ومثلنا في هذا مثل ما حولنا من مخلوقات؛ ما بين طائر يعيش في الجو يرتقي طبقات الهواء، وبرّي يعيش في الصحاري والغابات، ومائي يحيا تحت طبقات المياه العميقة، خلق كلّ هذا الخلق بريئًا من التفاوت. (مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ) [المُلك: 3].

وسواءً تنوّع وجود هذه المخلوقات بين فجر التاريخ أو يومنا الحاضر، أو تنوّع حجمها من كائنات دقيقة لا تُرى إلى كائنات هائلة الحجم عظيمة المنظر، أو تنوّعت فصائلها وأنواعها وأشكالها وألوانها.

التعبّد لله باسمه البارئ

قال العلماء : “إن التعبّد بأسماء الله الحسنى وصفاته هو جنة الدنيا، التي من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة”. إن بإمكاننا أن نجد وسائل متنوّعة للتعبّد لله تعالى باسمه البارئ، من بينها على سبيل المثال لا الحصر:

– أن نتأمل ونستشعر الجمال الباهر والإبداع الإلهي في أنفسنا وفيما حولنا من الكائنات، وهو ما يأخذ بأيدينا إلى الإحساس بعظمة (البارئ) جل وعلا، وقدرته وعظيم صنعته، فيزدادَ القلب شغفًا والعين انبهارًا والنفس ارتياحًا والعقل قدرةً على الإبداع والابتكار.

التعبد باسم الله البارئ يزيد القدرة على الإبداع والابتكار
التعبد باسم الله البارئ يزيد القدرة على الإبداع والابتكار

– أن تظهر جدوى هذا التأمّل، متجسّدة في أعمالنا وإنتاجاتنا؛ فتخرج على أجمل وأبدع ما يكون؛ تأثّرًا بجمال ما برأه (البارئ) تعالى في هذا الكون.

– أن نبرأ إلى البارئ الذي برأنا، من كل مالا يرضيه من الشهوات والشبهات والبدع والمعاصي.

– أن نستجيب لأمر الله تعالى الذي يحب أسماءه الحسنى؛ فندعوه باسمه البارئ، ونبتهل إليه به في ثنائنا عليه.

– أن نسمّي أبنائنا أو نقترح التسمية باسم “عبد البارئ”.

 

مصادر للاستزادة

– أسماء الله الحسني: دراسة في البنية والدلالة، د. أحمد مختار عمر، القاهرة، 2000م.

– تفسير أسماء الله الحسنى، عبد الرحمن السعدي، إعداد د. عبيد بن علي العبيد، مجلة الجامعة الإسلامية عدد 112.