حيّ الشيخ جراح في القدس هو أقرب رقعة سكنية من البلدية القديمة في القدس الشرقية. عام 1948 من القرن المـاضي هُجّرت مئات العائلات الفلسطينية من بيوتها ومدنها في أعقاب نكبة عام 1948 أي من القدس الغربية والقدس الشرقية والحرم القدسي.
حكاية حيّ الشيخ جراح في القدس
العديد من الفلسطينيين نزحوا إلى حيّ الشيخ جراح لبدء حياة جديدة، وفي ذلك الوقت كانت القدس تحت حكومة الأردن، والحكومة الأردنية وقتها تعهدت بتوفير مساحة من الأراضي ومنحها هبة إلى العائلات الفلسطينية البالغ عددها 48 عائلة على أن يكون دور وكالة الغوث بناء منزل لكل عائلة، مقابل مبلغ مالي رمزي يتم دفعه بشكل دوري حتى يتم تمليك المنازل كافة في غضون سنوات إلا أن حرب 1967 وما نجم عنها من احتلال إسرائيل للقدس غيّر كل شيء ولم تحصل هذه العائلات على سند قانوني يضمن ملكيتهم العقارية.
منذ ذلك الوقت يسعى المستوطنون إلى المطالبة بهذه البيوت بحكم قانون الملكية الذي أقرته الحكومة في خمسينيات القرن الماضي، وبحسب الرواية الاسرائيلية فإن ملكية هذه المنطقة تعود إلى عام 1876 حين اشترت مجموعتان يهوديتان أراض في الحي، لأنها من وجهة نظرهم منطقة مقدسة تضم قبر لأحد كهنتهم.
بنوا بيوتهم وعاشوا هناك إلى بداية حرب 1948 فانتقل عدد من اليهود إلى القدس الغربية في الوقت الذي انتقلت فيه عائلات نازحة إلى هذا الحي ولا يزال خطر التهجير مستمر.
علاقة حي الشيخ جراح وعلاقته بالمسجد الأقصى
تحاوي إسرائيل تهويد حي الشيخ جراح وتهجير سكانه الأصليين ضمن خطط الاحتلال لإفراغ القدس المحتلة من سكانها الأصليين وإحلالها بالمشاريع الاستيطانية ومن المنتظر أن تقرر المحكمة العليا الاسرائيلية ما إن كانت ستؤيد الحكم لإخلاء العائلات من الحي لصالح المستوطنين أم لا.
ومع اقتراب صدور الحكم من المحكمة الإسرائيلية بدأت تحدث تصاعدات في الأوضاع بين الاسرائيليين والعائلات الفلسطينية التي تسكن في حي الشيخ جراح.
تحاول إسرائيل التهوين من الصراع الدائر وتصف الموضوع بأنه مسألة شخصية بين عائلات عربية انتقلت إلى هذا الحي من الخمسينيات ومجموعات استيطانية حكمت المحاكم الاسرائيلية بأنها المالك الأساسي للبيوت.
بداية قصة تهجير الفلسطينيين
عقب حرب 1948 هجرت العائلات الفلسطينية من منازلها واستقرت في الشطر الشرقي من مدينة القدس، وأقامن في منازل شيدت لهم خلال الحكم الأردني عليها بدعم من وكالة الأونورا.
واحتلت اسرائيل القدس الشرقية خلال عام 1967 وبدأت التضييقات على عائلات الشيخ جراح الفلسطينية بداية من عام 1972 بحجة أن الأراضي التي تقام عليها المنازل تعود لعائلات يهودية.
وفي عام 1988 أصدر محكمة إسرائيلية قرار بأن العائلات الفلسطينية ليس لها حق في المنازل وبدأ تفعيل ما يعرف بقانون أملاك الغائبين، وفي عام 2001 بدأت اجراءات قانونية اسرائيلية لإخراج الفلسطينيين واستبدالهم بالمستوطنين، وفي عام 2021 قررت محكمة الصلح الاسرائيلية إخلاء 3 منازل فلسطينية من الحي.
والمحكمة المركزية الاسرائيلية رفضت الاستئناف المقدم من الفلسطينيين ويصل عدد العائلات المهددة بالاخلاء إلى 7 عائلات، 4 عائلات أخطرت بأمر الإخلاء في وقت سابق، فيما تنتظر 3 عائلات أوامر الإخلاء.
وحملة التهجير يقودها أفراد وجمعيات استيطانية يدعون ملكية الأرض وما عليها من بناء، وآلاف الفلسطينيين مهددون بالطرد من منازلهم.
وبقي في المدينة نحو 500 مقدسي يسكنون في 28 منزلا مهددون بالطرد في أي لحظة، ويؤكد سكان الحي أن منازلهم بنيت بشكل رسمي بموجب اتفاق ما بين الحكومة الأردنية وهيئة الأمم المتحدة.
حي الشيخ جراح ليس الوحيد المهدد بل هو واحد من عدة أحياء في مدينة القدس تواجه خطر مشروع اسرائيل الاستيطاني، وتم احلال المستوطنين محل بعض العائلات الفلسطينية، وتشير الأرقام أن نحو 200 منزل يضم أكثر من 3 آلاف فلسطيني مهددة بالاخلاء في مناطق استراتيجية قرب البلدة القديمة.
في حين أن 20 ألف منزل فلسطيني في جميع أنحاء المدينة مهدد بالهدم وحددت اسرائيل نسبة محددة من النسبة العربية ليعيشوا في القدس عند 30 %لكن المعدل ارتفع في الواقع إلى ما يقرب من 40% وهو رقم يثير التخوفات لدى سلطات الاحتلال الاسرائيلي.