أحيانًا تستيقظ من نومك، وأنت تحاول جاهدًا ألا تنسى ذلك الحلم الذي شاهدتَه؛ لأنّك تعلم في قرارة نفسِك أنه يخبركَ بشيءٍ ما، لكنّك لا تدرك الرسالة جيدًا. أحيانًا أخرى، وأنتَ في قلب الحلم ذاته، تعرفُ أنّ هذه رسالة ما، وأنّك ستحتاج إلى فكّ شفرتها فور أن تستيقظ.
لفكّ شفرة رسائل الأحلام، تلجأ للاستعانة بآراء أشخاص يجيدون تفسيرَ الأحلام وفكّ شفرات رموزها، وقد تلجأ للبحث عن تفسير أحلامك عبر الإنترنت، أو ربّما عبر تطبيقات متخصصة. ومع كل مرة تحتاج إلى تكرار نفس الأمر، وفي النهاية، قد تحصل على ما يشفي صدرك ويجيب أسئلتك، وقد لا يحدث؛ ربّما لأنّك ترى تفاصيل خاصة بكِ لا يراها غيرك، وتتمنى لو كنتَ أنتَ من يستطيع تفسير أحلامك.
في هذا المقال، نستعرض مبادئ واعتبارات تساعدك على أن تبدأ هذا الطريق، كي يمكنك أن تفسّر أحلامك بنفسك.
هل هناك طرق حصرية لتفسير الأحلام
يؤكد مفسرو الأحلام الكبار أنه لا توجد طرق أو مسارات حصرية لتفسير الأحلام، بل توجد طرق متزايدة لتفسير الأحلام لا يمكن حصرها، تتنوّع وتتزايد وفق اعتبارات كثيرة ترجع إلى مفسّر الأحلام وإمكاناته ومعارفه، وإلى الشخص صاحب الحلم وأحواله، وإلى أمور أخرى سنتعرّض لها في المقال.
مؤهلات أساسية تحتاجها لتفسير الأحلام
وفقًا لتراثنا الثقافي، كي تمتلك الحدّ الأدنى من القدرة على تفسير حلمك – وأحلام غيرك لاحقًا إذا أردت-، تحتاج إلى باقة أساسية من المؤهلات الذاتية والإيمانية والمعرفية والإجرائية، يمكنك اكتساب ما تحتاج إليه منها، على رأس هذه المؤهلات ما يلي:
– الفطنة والذكاء وإجادة الربط بين التفاصيل.
– معرفة جيدة بالذات، وبنفسيات الناس، وإجادة التمييز بينهم.
– إدراكك لاعتبارات مرتبطة بمكانتك الشخصية والاجتماعية وميولك الفكرية، وتفاعلاتك النفسية مع الأماكن والمناسبات وفصول العام.
– التريّث والتمهّل وعدم القفز إلى النتائج بلا يقينٍ كافٍ.
– إجادة الاحتفاظ بالأسرار وتقدير الضعف الإنساني.
– نقاء القلب وصفاء النوايا والتقوى، والسلامة من التورّط في الفواحش.
– معرفة بالقرآن الكريم والحديث النبوي، مع القدرة على استحضار الشواهد المتناسبة مع تفاصيل الحلم.
– معرفة باللغة العربية واللهجة الدارجة والأمثال والتعبيرات الشهيرة ودلالاتها.
– معرفة آلية حدوث الأحلام ودوافعها.
– القدرة على التقاط الرموز التي لها دلالة عند تفسير الحلم.
– القدرة على تمييز أنواع الأحلام والرؤى، وما يليق بها من الاهتمام والتفنيد. وسنتعرض لهذه الأنواع بالتفصيل.
والكلام ذاته ينطبق على في حالة إذا أردتَ أن تفسّر أحلام الآخرين.
أنواع الأحلام والرؤى
وفقًا لتراثنا الثقافي ومدوّنات مفسّري الأحلام المشهورين، كالإمام محمد بن سيرين والإمام عبد الغني النابلسي، فإن الأحلام والرؤى يمكن تصنيفها في مجموعتين رئيسيتين:
المجموعة الأولى: الأحلام والرؤى الحقة، وهي خمسة أقسام؛
- الرؤيا الصادقة الظاهرة التي توقن وأنت داخلها بأنها رؤيا حقّ، وهي جزء من بقايا النبوة،
- الأحلام والرؤى الصالحة التي ترى فيها أحداثًا سعيدةً ومبشّرة،
- رؤى وأحلام الملائكة،
- الأحلام والرؤى المرموزة، وهي من الأرواح،
- الأحلام والرؤى المرتبطة بدلالة حصرية.
المجموعة الثانية: الأحلام والرؤى الباطلة، وهي سبعة أقسام؛
- حديث النفس، والهمّ، والتمنّي، وأضغاث العقل الباطن،
- الأحلام الجنسية التي توجب الغُسل فهي لا تفسير لها،
- الكوابيس والتخويف والتهويل، لأنها تكون غالبًا من الشيطان،
- ما يريه سحرة الجن والإنس فيتكلّفون منها ما يتكلّفه الشيطان،
- الأحلام والرؤى الباطلة التي يُريها الشيطان للإنسان وهي لا تعدّ من الرؤيا،
- الأحلام والرؤى المرتبطة بتغيّرات كيمياء الجسم تحت تأثير الهرمونات أو الأدوية الكيميائية،
- رؤى المستقبل البعيد، كأن ترى حلمًا تجري أحداثه بعد عشرات السنين.
أمور تساعدك في الحصول على الرؤيا الحقّة
أهم ميزة في الرؤى الحقّة والأحلام الصادقة، أنها تساعدك في تذكّر تفاصيل حلمك بسهولة، كما تسهّل عملية تفسيرها. فيما يلي عددٌ من النصائح التي ستاعدكَ في الحصول على الرؤيا الحقّة والحلم الصادق؛
– التزام الصدق في الكلام وفي السلوكيات.
– النوم على وضوء.
– العفّة في الكلام وفي السلوكيات وفي العلاقات.
– تجنّب الغيبة والنميمة.
– التقليل من الذنوب والسلوكيات السلبية قدر الإمكان.
اعتبارات لابد منها عند تفسيرك للأحلام
في حالة إذا كنت ستفسّر أحلام شخصٍ آخر، تحتاج إلى مراعاة هذه الأمور:
– أن تختار أوقاتًا غير مأزومة تفسير الحلم.
– أن تكون كتومًا.
– أن تجمع كل ما تحتاجه من تفاصيل عن الحلم وصاحبه.
– أن تأخذ اعتبارات تأثير طباع الشخص ومكان معيشته وظروفه وديانته، كاعتبارات أساسية فارقة في تفسير الحلم.
– كلام الميت في الرؤيا حق (لأنه في دار حق)، ومثله كلام الطفل الذي لا يعرف الكذب، وكلام الحيوانات والطيور.
– اعتبارات تتعلق بما إذا كان الشخص رأى الحلم بنفسه، أو رآه غيره له، أو رآه هو لغيره.
الآن، وفق هذه المبادئ والاعتبارات الأساسية المستمدة من تراثنا الثقافي، يمكنك أن تبدأ تجربتك الشخصية في اختيار طريقك الخاص في تفسير أحلامك الذاتية، وأحلام الآخرين إذا أردت.