ما هو حد الغيلة وكيف ولماذا يتم تطبيقه؟
ما هو حد الغيلة وكيف ولماذا يتم تطبيقه؟

حد الغيلة ، أحد الموضوعات التي بات يبحث عنها المسلمين على شبكة الانترنت، فغرابة الاسم تكفي لأن يبحث الجميع عن معنى هذا المصطلح الإسلامي، وكيفية تطبيقه، ولماذا يتم تطبيقه من الاساس، وعلى من يتم تطبيقه.

تقول المعلومات الاولية التي أوردتها العديد من الصحف العربية مؤخرًا وعددا من مواقع الانترنت الناطقة باللغة العربية، أن وزارة الداخلية السعودية، قامت بتنفيذ “حد الغيلة” في أحد المواطنين بالمملكة العربية السعودية، وبالتحديد في منطقة جازان شرق المملكة، بالقرب من الخليج العربي.

وأوضحت الصحف أن الرجل، قام بقتل ابنه الذي يبلغ من العمر 10 سنوات فقط، وأضافت أن الرجل قام باستدراج الطفل الصغير إلى مكان مهجور، ثم قام بقتله عن طريق الطعن ثم ذبحه.

وخلال السطور القليلة المقبلة، نوضح عدد من المعلومات الخاصة بحد الغيلة، وكيفية تنفيذه، وغيرها من المعلومات التي تخص موضوع الغيلة والتي تتضمن خلال تلك السطور تعريف بحد الغيلة في الدين الإسلامي الحنيف ، وكيف ينفذ هذا الحد، كما سوف نشرح بالتفصيل آراء أئمة أهل العلم والفقهاء، في مسألة قتل الغيلة، وإلى أي نوع من أنواع جرائم القتل ينتمي “قتل الغيلة”، كما سوف نشرح تعريف الغيلة وما هي الأدلة التي اعتمد عليها كل إمام من الأئمة في تصنيفه.

حد الغيلة
حد الغيلة

 

حد الغيلة في القاموس

يمكن تعريف الغِيلة في قاموس اللغة العربية بأنها من غالَ الشيء أو اغتاله، أي: أخذَه غدرًا من حيث لا يعلم.

ويُقال: قتله غيلة؛ أي خَدَعه وأخذَه إلى مكانٍ ما، فإن وصل إليه قتلَه.

وجميع غيلة: غوائل.

وتعرف الغيلة أيضًا: بأنها الشر والهلاك والحقد الباطن المخفي عن الآخرين.

 

حد الغيلة

القتل الغيلة، نوع من أنواع جرائم القتل، ولكنه ليس جريمة قتل معتادة، فقد جمع إلى جانب القتل دناءة الفعل من حيث خداع المقتول والوصول إليه بإرادته.

فعلاوة على كونه جريمة قتل عادية، فقد جمع مع جريمة القتل المعتادة، يعد لونًا من ألوان النفاق الذي نهى عنه الشرع الإسلامي الحنيف، باعتباره جريمة أخرى، وجاء ذلك في غير موضع سواء في القرآن أو في السنة النبوية الشريفة.

 

معنى الغيلة

الغيلة باختصار هي أن يقوم رجل بقتل الضحية على وجه المخادعة والمراوغة والنفاق أحيانا، فيصاحب جريمة قتل، جريمة نفاق، وخداع، مثلما في قضية الأب الأخيرة، الذي قتل ابنه بنفس الطريقة المعتادة في الغيلة، فقام القاتل بخداع القتيل إلى مكان غير معروف، ومجهول بالنسبة له ، وغرر به من أجل الحضور لهذا المكان ثم قام بقتله دون شفقة، وبدم بارد كما يقولون.

نخلص من ذلك إلى أن الغيلة، أحد كبائر الذنوب التي حذرت منها الشريعة الإسلامية، ويمكن اعتبارها من الإفساد في الأرض.

يقول الله تعالى في سورة المائدة: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.[1] [2]

 

رأي الفقهاء في حد الغيلة

ويرى الفقه الاسلامي أن حد الغيلة يكون لمن قتل الغيلة، باعتبار ان العين بالعين والسن بالسن، فيعرف الفقهاء قَتل الغيلة بأنه الخداع والقتل في موضعٍ لا يراه فيه أحد.

 

حد الغيلة في الاصطلاح الشرعي

جاءت الأحكام الشرعية في الإسلام مناسبة لكل زمان ومكان، وتعود الاحكام الشرعية لمصدرين رئيسين للتشريع، هما كتاب الله وسنة نبيه ولا يوجد سواهما عند التشريع.

وقد نجد في باب الحدود اختلاف الفقهاء في أضيق الحدود، حيث يرجع هذا الاختلاف وفقا لاجتهاد كل عالم، ومن ثم نجد أن الأحكام في حد الغيلة تختلف من حيث نوع العقوبة، إذ يرى البعض أنّه حقٌّ خالصٌ لله تعالى، ولهذا وجبَ إقامة الحدّ فيه، وبعض الفقهاء يرون أنه حق للبشر، يجب الحصول على القصاص فيه.

وفيما يلي نوضح رأي المذاهب الأربعة في حد الغيلة مع التفصيل:

أولا المذهب الشافعي: يرى أصحاب المذهب الشافعي أن حد الغِيلة يماثل حد القتل العمد فهو حق للعبد لا الرب، ويأخذ أحكام القصاص العادية.

ثانيًا المذهب الحنفي: يقول أصحاب هذا المذهب بأن الحد غيلة حق للعبد وفيه قصاص ودية مثله مثل القتل العمد.

ثالثا المذهب المالكي: يرى أصحاب المذهب المالكي أن حد الغيلة مثله مثل حد الحرابة، وهو حق لله تعالى، ويقتل حدًا عندهم، حيث أنه مفسدة عامة واقعة على المجتمع بأكمله، فلا قصاص ولا عفو فيه.

رابعًا المذهب الحنبلي: يرى أصحاب المذهب الحنبلي أن الغيلة تماثل القتل العمد وتأخذ كل أنواع القصاص، وهي حق للعبد وليس للرب.

 

كيفية تنفيذ حد الغيلة في الاسلام؟

اختلف العلماء في كيفية تنفيذ حد الغيلة، وهو ما يرجع إلى اختلافهم في تصنيف نوع القتل، فكما ذكرنا فإن الحنفية والشافعية والحنابلة: ذهبوا إلى أنّ حدّ الغيلة هو القصاص من القاتل، وهو بذلك يأخذ حكم القتل العمد او القتل المعتدي، وعلى ذلك فإنّ دم القاتل هنا يكون من حقّ أولياء دم المقتول، وهو ما يعني أنه يمكن التنازل عنه مقابل دية، أو القصاص من القاتل.

أما المالكية فقد ذهبوا إلى أنّ حدّ الغيلة هو حد القتل الجاني، فهو واجب وحد من حدود الله يجب تنفيذه، ولا يسقط هذا النوع من الحد بعفو أصحاب الدم.

 

طريقة تنفيذ حد الغيلة في الإسلام

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن طريقة تنفيذ حد الغيلة إن الحق في قتل الغيلة يكون للإمام نفسه أو الحكومة أو ولي الأمر ، وليس لأولياء المقتول، وهنا، والكلام لابن عثيمين، ويجب على الإمام أن يقتله لما في ذلك من حفظ الأمن، وهذا مذهب مالك، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حفاظًا على الحق، منعا للفوضى وتبادل عمليات الثأر، حيث أن تنفيذ الحد من قبل أصحاب الدّم قد يؤدي إلى عودة العصبية وسيادة الثأر.

 

هل يجوز العفو عن قاتل الغيلة ؟

تعود مسألة العفو عن قاتل الغيلة إلى تصنيف هذا النوع من القتل، وفقا لرأي أصحاب المذاهب، فإذا قررنا اعتماد الرأي الأول، وهو نفس الرأي الذي اختاره أصحاب المذاهب الحنفية والشافعية والحنابلة، فيمكن في تلك الحالة لأصحاب الدم أن يعفوا عن قاتل الغيلة؛ لأن الحد في تلك الحالة، هو القصاص، أما إذا أخذنا في تلك الحالة رأي الإمام مالك فلا يمكن العفو عن القاتل، مهما كان.

 

الفارق بين القصاص والغيلة والحرابة

الفارق بين الغيلة والقصاص والحرابة يكمن في مسألة جزاء القاتل.

ففي حالة القصاص لا يجب أن يقتل ولي الأمر أو الحكومة أو الدولة، القاتل إلا بطلب من أصحاب الدم، ولو لم يطلبوا ذلك فلا يقتله حتى يأذنوا له.

أما في حالة الحرابة فإن ولي الأمر لا يرجع إلى أهل القتيل، وإنما يقتل الجاني مباشرة؛ لأنّ ذلك في صيانة للأموال وحياة الآخرين وحفظ الأمن.

وأخيرًا في حالة الغيلة فالأمر مُختلف ما بين الأئمة كما ذكرنا في السطور السابقة.

 

اقرأ المزيد

أسماء الله الحسنى بالترتيب ومعانيها