في نهاية 1980، ابتكرت شركة دي سي كومكس شخصية ديثستروك Deathstroke كأحد القتلة المحترفين ذوي القدرات الفائقة ليثبت كفاءته منذ العدد الأول بمهارته الاستثنائية في التصويب واستخدام مختلف الأسلحة وفنون القتال.
ولكن مهلا، ما علاقة ديثستروك بمحتوى المقالة التي من المفترض أن تستعرض أصول شخصية ديدبول التابعة لشركة مارفل؟ ستمنحك السطور التالية الإجابة لكل ما لم تعرفه مسبقا عن ديدبول أحد أكثر الأشرار الذين نعشقهم جميعا.
بداية ديدبول
يرجع الفضل في ابتكار شخصية ديدبول إلى الكاتب الرسام روب لايفيلد Rob Liefeld والكاتب فابيان نيسيزا Fabian Nicieza ليدشن ظهوره الأول علي صفحات العدد The New Mutants 98 بتاريخ فبراير 1991.
تعتبر سلاسل الأفنجرز والـ X-Men من السلاسل المفضلة للكاتب روب لايفيلد، ولكن لا تسبقهما سوى سلسلة Teen Titans التابعة لشركة دي سي كومكس، ولذلك ظهر حبه واضحا في رسومه الأولية التي عرضها على زميله فابيان نيسيزا لتصميم ديدبول كقاتل محترف بقدرات خاصة، ليصارحه فابيان قائلا: “إنه ديثستروك عدو فرقة التيين تايتنز”، فاستكملا سويا تلك النكتة بإعطاء شخصية ديدبول اسما حقيقيا متمثلا في ويد ويلسون Wade Wilson كتنويع على اسم ديثستروك الحقيقي “سليد ويلسون Slade Wilson”.
كذلك استمر استلهام لايفيلد للشخصيات الأخرى، فجعل شراكة ديدبول مع البطل الخارق كيبل Cable أشبه بشخصيتي سبايدرمان Spider-Man وولفرين Wolverine أبطال مارفل المعروفين.
اكتسب ديدبول شهرة كبيرة لدى القراء منذ بداياته جعلته ضيفا هاما بسلاسل مارفل الأخرى كالأفنجرز والـ X-Men وديرديفل Daredevil وغيرهم، إلى أن جاء العام 1993 ليمتلك سلاسله الخاصة التي لا تنتهي بها مغامراته المتهورة، وبالرغم من ظهوره الأول كشرير خارق إلا أنه مع الوقت تطور ليصبح ضد البطل Anti-Hero (وهو مصطلح الشخصية البطولية التي تسلك منهج يميل للشر في تنفيذ مهامها)، وسبق أن شرحناه باستفاضة في مقدمة سلسلة مقالات “أشرار الكومكس”، لكن بالرغم من ذلك فإن سجل ضحاياه يحتوي آلاف الضحايا بما يفوق عدد ضحايا أغلب الأشرار.
شارك ديدبول عدد من الشخصيات الخارقة بمارفل خلال مغامراته مثل وولفرين، كيبل، خاصة سبايدرمان الذي تربطهما سويا شراكة وثيقة استمرت خلال سلاسل خاصة جمعتهما ضد مختلف الأعداء، فلقد واجه ديدبول في مغامراته عددا من الكائنات والوحوش يعتبر الزومبي أبسطها وأقلها غرابة، حتى وإن كانت جثث الزومبي الخاصة بروؤساء أمريكا السابقين مثلما رأينا بقصة “Dead Presidents”، حيث تتنوع مغامرات ديدبول وصولا للفضاء أو باطن الأرض، بعصرنا الحالي أو في أزمنة مختلفة، بل أنه سبق وخاض مغامرات داخل القصص الأدبية الخيالية الشهيرة التي استلهمت صنع شخصيات مارفل بالأساس، في تقليد لفكرة سلسلة فانتازيا الشهيرة الخاصة بالكاتب المصري د.أحمد خالد توفيق.
ما لا تعلمه عن ديدبول
تلك بعض المعلومات السريعة التي قد لا يعلمها البعض عن ديدبول:
- لديدبول ابنة تدعي إليانور Eleanor جاءت نتيجة علاقة عابرة لليلة واحدة مع إمرأة تدعى كارميلتو كاماتشو Carmelito Camacho، لكن لم يعلم ديدبول بوجود تلك الابنة إلا بعد ولادتها بسنوات عديدة.
- ديدبول مصاب بالـ bovinophobia أو مرض الخوف الشديد من الأبقار، إذ أنه يظن أن الأبقار تنظر إليه دائما بانتظار اللحظة المناسبة للانقضاض عليه.
- قبل حصوله على قدراته الخارقة بسنوات، قتل ديدبول والديه وذلك بعد تعرضه للسيطرة العقلية بواسطة أحد الأشرار، ليحرق منزلهما الخاص متسببا في تفحم جثتي والديه، لكنه انتقم فيما بعد من ذلك الشرير.
- يتحدث ديدبول عددا من اللغات ببراعة شديدة بخلاف الإنجليزية، مثل: الروسية، الألمانية، الإسبانية، اليابانية وغيرهم من اللغات المنطوقة، بل أنه يجيد لغة الإشارات الخاصة بالصم والبكم أيضا.
- بسبب قدرته على التجدد والشفاء، لدى ديدبول سجل حافل بالإصابات الخطيرة التي تخطاها بسهولة، ومنها: تحطم عموده الفقري وانتزاع عظامه كلها على يد أحد أعدائه الذي ارتدى جسده على ظهره كعباءة قماشية، سقوط سندان معدني ثقيل على رأسه فهشمها بالكامل، قيام ثور ولوك كيج بتمزيق جسده لنصفين بالطول عبر جذب ذراعيه، طعن جسده بأنياب فيل ضخم لتخترق أمعاءه، قيام هالك بتمزيق جسده إربا، انقضاض جماعة من الزومبي عليه ليقوموا بمضغ جسده بالكامل.
قدرات ديدبول
يعلم الجميع بخصوص امتلاك ديدبول لقدرة عالية على الشفاء Healing factor، وتعتمد تلك القدرة على مدى جاهزية ديدبول واستعداده وحالته المزاجية، فلقد ساعدته على تخطي عدد من الإصابات الهائلة مثل تجديد جسده بالكامل إن استلزم الأمر، وبالرغم من ضرورة وجود رأسه مرتبطا بجسده كي يتم الشفاء بشكل سليم، إلا أنه تمكن مسبقا من إعادة إنماء رأسه نفسها بعد سحق هالك لها بالكامل في القصة الجنونية Deadpool Kills the Marvel universe الصادرة عام 2011 التي يقوم فيها ديدبول بقتل جميع شخصيات مارفل بطرق شديدة الابتكار، وإن لم يتم وضع تلك السلسلة ضمن سياق الأحداث الرئيسية لعالم مارفل، لكن ذلك لا يمنع أن ديدبول باستطاعته فعل ذلك في الحقيقة إن أراد.
وبسبب عامل الشفاء فإن ديدبول يعتبر شبه خالد، إذ أنه قادر على تخطي أي جراح مميتة مهما بلغت قوتها، بجانب مناعته الكاملة ضد جميع السموم والمخدرات، لكن من الممكن تخديره أو تنويمه عند تعريضه لجرعة مكثفة من المهدئات والمنومات.
وبجانب القدرات الخارقة، فإن ديدبول قاتل محترف ومرتزق ذو خبرة هائلة في العمليات الخاصة، وسبق له الحصول على تدريبات متعددة في الفنون القتالية واستعمال مختلف الأسلحة البيضاء والأسلحة الحربية.
ويمتاز جسد ديدبول برشاقة عالية وصحة فائقة توفرها له قدرته الخاصة على الشفاء، مما يمكنه من أداء أصعب التمارين الرياضية لفترات طويلة بدون تعب أو إرهاق.
وعبر السنين، امتلك ديدبول أجهزة مختلفة تمكنه من الانتقال الآني من مكان لآخر في لمح البصر، ويستخدم ديدبول معرفته الخاصة بأنه شخصية خيالية بالقصص المصورة إذ أنه يقرأ أعداد بعض الشخصيات الأخرى لمعرفة نقاط ضعفها كي يستغلها في مهماته.
ويعلم ديدبول أن له صفحة مقالية خاصة على موسوعة ويكيبديا، ولذلك يأمل أن يحافظ عشاقه على تحديثها باهتمام أول بأول.
فيلم ديدبول
اكتسب ديدبول دفعة هائلة من المعجبين بعد ظهوره على شاشات السينما للمرة الأولى من خلال فيلمه الخاص Deadpool 2016 وجزئه التالي Deadpool 2 2018 من بطولة الممثل الكندي ريان رينولدز Ryan Reynolds، وبالرغم من تأديته لنفس الدور مسبقا بفيلم X-MEN Origins: Wolverine 2009 إلا أنه لم يكن بذلك الإتقان والتقيد بالكوميكس مثلما ظهر في أفلامه الخاصة.
ومن اللقطات الأولى للفيلم، تمكن ديدبول من جذب انتباه المشاهدين ونيل إعجابهم الكامل بطريقته الفكاهية العابثة في مزج القتال مع النكات بكل جنون، وكسره المعتاد للحائط الرابع بسرده لأحداث الفيلم مباشرة للمشاهدين، بالإضافة لإجادة الممثل ريان رينولدز التامة لأداء الدور، ليصبح أفضل أدواره خلال مسيرته الفنية على الإطلاق، فلقد ارتدي ريان بذلة ديدبول كما ترتدي اليد قفازها الملائم بشدة، حتى أنه بأحد أعداد ديدبول بعام 2004، صرح ديدبول بنفسه خلال الأحداث أنه يجد في نفسه شبها بالممثل ريان رينولدز، قبل سنوات من الظهور الأول للممثل رسميا بتلك الشخصية.
ومن المفترض أن يستكمل ديدبول مغامراته الجنونية خلال عالم مارفل السينمائي MCU بشكل رسمي بعد استعادة مارفل للحقوق السينمائية الخاصة بالشخصية من استوديوهات فوكس FOX.
لماذا نحب ديدبول؟
يعود سر إقبال القراء على شخصية ديدبول إلى صفاته العجيبة التى تميزه كثيرا عن بقية شخصيات عالم الكومكس، فديدبول يعتبر من الشخصيات التى قد تبدو تافهة للجميع إلا أنه يستطيع بتلك التفاهة أن يخوض مغامرات غاية في التشويق عبر أفعاله المجنونة وقدراته الخارقة التى تسمح له بإلقاء نفسه للتهلكة دون الخوف من أى ضرر قد يصيبه، لأن جسمه يمتاز بقدرة عالية على التجدد والشفاء من أي إصابات مهما كانت قاتلة، ولا يتوقف ديدبول عن إلقاء النكات حتى في أحلك المواقف، وتمتزج كوميديا ديدبول مع سفكه للدماء بكل وحشية في مزيج لا يمكن أن يتواجد إلا في عالم ديدبول الغريب.
وربما كانت أفضل صفات ديدبول هي كسره للحائط الرابع، بمعنى معرفته الكلية بأنه مجرد شخصية مرسومة ضمن عالم خيالي ملئ بالشخصيات الخارقة على صفحات القصص المصورة وتوضيحه لذلك بشكل دائم عبر مخاطبته للقراء داخل أحداث القصص.
ويتعاطف القراء بنسبة كبيرة مع شخصية ديدبول بسبب ماضيه الملئ بالمآسي، إذ صارت فكاهته هي الوسيلة الوحيدة له كي يتناسى أحزانه ومشاكله النفسية المعقدة، وبالرغم من هيئته المشوهة بشدة نتيجة إصابته السابقة بالسرطان المتفشي بجسده قبل اكتسابه لقدراته الخارقة، إلا أن ذلك لم يمنعه من الوقوع بحب عديد من الشخصيات النسائية بعالم مارفل، ليتطور الموضوع بوقوعه في حب كيان الموت بنفسه ومبادلتها له نفس الإعجاب، ثم زواجه من أميرة العالم السفلي التي سبق لها أن خطبت لدراكولا مصاص الدماء شخصيا، واستكمالا لعجائب ديدبول اللانهائية، فإن ديدبول معروف بميوله العاطفية الغريبة حتى ولو كانت للرجال أو الحيوانات أو الجمادات، وفقا لحالته المزاجية المتقلبة التي لا تستقر أبدا.
جميعنا نحب ديدبول لأنه يمنحنا مساحة ضخمة من الحرية والانطلاق دون أي وازع داخلي أو ضمير يقيد أفعالنا، وبالرغم من تجاوزه للخطوط الحمراء في أغلب الأوقات إلا أنه لا يسعنا أن نكره ذلك المعتوه العابث الذي يرسم الضحكة على شفاهنا دائما.
