معنى البيمارستان في العالم الاسلامي  الطولوني البيمارستان
البيمارستان الطولوني بالقاهرة

القاهرة؛ أحد حواضر الخلافة الإسلامية العملاقة، وأحد أقوى مدنها عبر تاريخها قاطبة، بها تم تشييد ” دار الحكمة ” وهي منصة طبية بحثية الأولى من نوعها بشمال القارة السمراء، وبها أيضا تم بناء صرحين طبيين فريدين من نوعهما، البيمارستان الطولوني و البيمارستان القلاووني، وهي منصات طبية فائقة التقدم، كانت تقدم خدماتها الطبية لآلاف المرضى يوميا بالمجان، في قرون وسطى لم تعرف بها أوروبا مفهوم الحواضر العملاقة أو المستشفيات متعددة الخدمات الطبية.

البيمارستان الطولوني

ابن طولون؛ مؤسس الدولة الطولونية في مصر، شيد بيمارستان – مستشفى – يتم تغيير فراش الأسرة بها كل يوم، وكذلك ملابس المرضى يتم تبديلها بملابس أخرى نظيفة كل يوم، والعلاج و الدواء مجانا، كما يتم تقديم وجبات ساخنة صحية يوميا للمرضى مجانا، مكتبه المستشفى الطولوني ضمت مراجع طبية – 100 ألف مجلد – في سائر العلوم؛ وعيادات خارجية أيضا، للحالات اليومية غير المرتبطة بالبقاء في المستشفى.

كما حرص ابن طولون على أن يكون المستشفى لمعالجة المرضى مجانًا دون تمييز بين الطبقات والأديان، وجعل العلاج فيه دون مقابل، وألحق به صيدلية لصرف الأدوية، فإذا دخل المريض المستشفى تنزع ثيابه وتقدَّم له ثيابٌ أخرى، ويودع ما معه من المال عند أمين المارستان، ويظل المريض تحت العلاج حتى يتم شفاؤه، وكان ابن طولون يتفقد المستشفى، ويتابع علاج الأطباء، ويتأكد من شفاء المرضى.

 

البيمارستان القلاووني

البيمارستان المنصوري؛ أو مستشفى السلطان قلاوون في مصر، كل مريض فيه كان في خدمته شخصان، كما أن المرضى المصابين بالأرق كانوا ينقلون إلى قاعات منفصلة حيث يستمعون إلى عزف جيد الإيقاع، أو يتولى رواة متمرنون تسليتهم بالحكايات، وفور أن يسترد المريض صحته يتم عزله عن بقية المرضى، ويمنح عند مغادرته للبيمارستان خمس قطع ذهبية. كانت في البيمارستان المنصوري أقسام للرمد والجراحة والأمراض الباطنية، كما كانت فيه قاعة للأمراض العقلية ملحق بها حجرات لعزل الحالات الخطرة، وكان ينقسم إلى جناحين أحدهما للنساء فيه كل ما في جناح الرجال، وكان فيه مدرسة للطب فيها صالة محاضرات زودت بمكتبة ضخمه، وقد كان البيمارستان ينقسم إلى قسمين: أحدهما للذكور والآخر للإناث وكل قسم مقسم إلى عدة أقسام فهناك قسم للأمراض الباطنية وآخر للجراحة وقسم للكحالة (أمراض العيون) وقسم للتجبير كما كان لكل مريض فرش كامل خاص به.

البيمارستان المنصوري
البيمارستان المنصوري

وقد كان البيمارستان أحد أقسام مجمع قلاوون الذي يضم مدرسة وضريح وسبيل وظل هذا البيمارستان يقوم بدوره حتى سنة 1856م حتى حين اقتصر استخدامه على مرضى العقول ثم نقلوا منه بعد ذلك وأخيراً أقيم به مستشفى الرمد سنة 1915وقد وصف العديد من الرحالة البيمارستان منهم ابن بطوطة المغربي الذي قال: “يعجز الواصف عن محاسنه” في حين وصفه البلوي بأنه “قصر عظيم من القصور حسناً واتساعاً لم يعهد بمثله بقطر من الأقطار” و لم يبق من البيمارستان المنصوري سوى بقايا إيوانين: قسم من الإيوان الشرقي به سبيل، وجزء من الإيوان الغربي به سبيل كذلك، كانت تنساب إليه المياه وتخزن في حـوض، ولا يزال استعمال هذا المستشفى (بمبان حديثة) قائماً حتى الآن لعلاج أمراض العيون.

قال عنه محمود الحاج قاسم في كتابه ” الطب عن العرب و المسلمين ” أنه كان آية من آيات الدنيا في الدقَّة والنظام والنظافة، وكان من الضخامة بحيث إنه كان يُعَالِجُ في اليوم الواحد أكثر من أربعة آلاف مريض ” وظل البيمارستان القلاووني قائم حتى دخول الحملة الفرنسية لمصر، وتم توثيقة بكتاب ” وصف مصر “.

البيمارستان القلاووني
البيمارستان القلاووني

تاريخ الطب و المستشفيات بتاريخ الحضارة الإسلامية؛ تاريخ متفوق و متقدم، متفوق على زمنه و متقدم على رفاقه أو نظراءه أو خصومه، تاريخ مشرف يتخطى 1000 عام من البحث العلمي و التطوير ورعاية صحة المسلمين، من أنقرة حتى الأندلس.