محمد الفاتح هو سابع سلاطين الدولة العثمانية، وخامس من لقب بلقب سلطان بينهم، بعد أبيه مراد وجده محمد الأول وجده بايزيد وجده مراد، وثاني من لقب بالثاني من سلاطين آل عثمان، وأول من حمل لقب ” قيصر الروم ” من الحكام المسلمين عامة وسلاطين العثمانيين خاصة، على الرغم من أن لقب قيصر عند الرومان ليس أرفع مكانة في القيادة الإمبراطورية، فالقيصر هو المرتبة الثالثة في القيادة الرومانية، ثم يتبعه أغسطس في المرتبة الثانية في القيادة، ثم القيصر في المرتبة الثالثة، ألا أن لقب قيصر كان يطلق ضمنا على أباطرة الروم العظام، خاصة بعد يوليوس قيصر، لذلك تم إطلاق لقب ” قيصر الروم ” على السلطان محمد الفاتح تيمنا بعظمته وأعماله وبطولاته وصفاته الشخصية الفريدة
صفات محمد الفاتح
تمتع سلطان المسلمين محمد الفاتح بصفات قلما تواجدت بسلاطين المسلمين، بل قلما تواجدت بقياصرة الروم، حيث أنه كان يجيد إلى جانب اللغة العربية واللغة التركية لغات أخرى هي الفارسية والعبرية والرومية واللاتينية والصربية للحد الذي أطلقت عليه أوروبا لقب ” التركي الكبير ” أو ” إمبراطور الترك ” والتركي هنا تعني المسلم وليس العرق أو النسب المباشر، لآن التسميتان كانتا تعنيان شيئا واحدا في المفهوم الأوروبي بذلك الزمن، كما وصفه المؤرخ احمد ابن يوسف القرمان قائلا عنه « هُوَ السُّلطَانُ الضِّلِّيلُ، الفَاضِلُ النَّبِيلُ، أَعظَمَ المُلُوكِ جِهَادًا، وَأَقوَاهُم إِقدَامًا وَاجتِهَادًا، وَأَكثَرُهُم تَوَكُّلًا عَلَى اللهِ تَعَالَىٰ وَاعتِمَادًا. وَهُوَ الذِي أَسَّسَ مُلكَ بَنِي عُثمَان، وَقَنَّنَ لَهُم قَوَانِين، صَارَت كَالطَّوقِ فِي أَجيَادِ الزَّمَانِ. وَلَهُ مَنَاقِبَ جَمِيلَة، ومَزَايَا فَاضِلَة جَلِيلَة، وَآثَارٌ بَاقِيَةٌ فِي صَفَحَاتِ اللَّيَالِي وَالأَيَّام، وَمَآثِرٌ لَا يَمحُوهَا تَعَاقُب السِّنِينِ وَالأَعوَام»
أعمال محمد الفاتح المدنية
أهم أعمال السلطان محمد الفاتح هي وضعه للقانون المدني وترتيبه للقضاء، حيث أغدق على القضاة ليمنع عنهم الفساد والرشوة والسوء وأحاط مهنة القضاء بالجلال والقدسية وأصطفى لها القضاة المشهود لهم بالفضل والعلم، كما انشأ المدارس والمساجد والمكتبات والأوقاف، إضافة إلى الخانات والبيمارستانات والحمامات العامة والحدائق العامة والأسواق، كما أدخل المياه النظيفه إلى المدن عبر انشاء قناطر خاصة، وشيد ” البازار العظيم ” الذي اتسع لعدد 40 شارعا وعدد 400 حانوت، وأقام قلعة ” توب كابي ” التي أصبحت نزلا سلطانيا لسلاطين آل عثمان على امتداد 4 قرون
أعمال محمد الفاتح العسكرية
اهتم السلطان محمد الفاتح بالجيش العثماني خاصة الأسطول، وزاد عدد القطع الحربية البحرية في عهده ليصبح 250 سفينة حربية لا تخلو من المدافع وهي سلاحه الأشهر المتطور ضد أساطيل اوروبا الحربية، كما زادت عدد سفن نقل الأمتعة والعتاد الحربي حتى صار عددها 500 سفينة نقل، كما رب وظائف الجند وخصصها، فعين قائدا عاما للجيش وأخر لسلاح المدفعية وثالث مسئول عن التموين والإمداد، وكتب دستور الفاتح لتنظيم شئون الحكومة، فعين صدر أعظم أو رئيس وزراء وقاضي للعسكر ودفتردار أو وزير مالية واتسعت أراضي الدولة العثمانية في عهده حتى تخطت مساحتها المليوني متر مربع في قارتي آسيا وأوروبا
حديث الرسول عن محمد الفاتح
للرسول صلى الله عليه وسلم حديث شريف يتنبأ فيه بظهور امير عظيم يفتح القسطنطينية، وهو ما حدث بالفعل حين فتح الفاتح القسطنطينية، يقول الحديث الشريف برواية صحيحة ” لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش ” والنبوءة معلقة حتى الآن فوق بوابات أيا صوفيا بأسنطبول تيمنا بحديث الرسول الذي تحقق وتخيدا لذكرى الأمير المأثور الذي أصبح أحد أقوى سلاطين المسلمين قاطبة
محمد الفاتح وفتح القسطنطينية
إلى جانب رغبة السلطان محمد الفاتح بتحقيق رغبة والده بفتح القسطنطينية وتحقيق البشارة النبوية، كانت لدى محمد الفاتح دوافع قوية لفتح القسطنطينية، أبرزها تهديد الإمبراطورية البيزنطية المستمر بالحملات الصليية ووجود مقر الإمبراطورية نفسها بوسط أراضي الدولة العثمانية التي أصبحت أحد أقوى إمبراطوريات الأرض، لذلك سعى لها السلطان محمد الفاتح بجيش قومه سبعين ألف مقاتل وحاصرها شهر ودك أسوارها ودخل من خلالها، وسقطت بيزنطة بعد عقود من التواجد والتسلط على مرمى حجر من أراضي الإمبراطورية الإسلامية
وفاة محمد الفاتح
رحل السلطان محمد الفاتح عن الحياة الدنيا بسبب مرض النقرس، وهو مرض متوارث في آل عثمان، بعد 31 عاما من الفتوحات والانجازات، وكان ضريحه هو أول ضريح يقع بالجامع الكبير الذي بناه في أسنطبول، وحين علمت أوروبا برحيله بعد 16 عشرة يوما عبر رسالة تضمنت جملة تاريخية ” مات العقاب الكبير ” ودقت أجراس الكنائس ثلاثة أيام متواصلة بأمر من البابا