مرت كسوة الكعبة المشرفة في التاريخ الإسلامي بمجموعة من المراحل، وأهم مرحلة فيها كانت مرحلة المحمل المصري حيث كانت تصنع الكسوة سنويًا على يد 10 أشخاص قبل موسم الحج في مصر، وتخرج محمولة في احتفالية كبيرة، لتسلم إلى الحجاز، وكانت تستبدل كل عام.
ما معنى كسوة الكعبة ؟
كسوة باللغة العربية هي القماش الذي يتم استخدامه في تغطية الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، بالمملكة العربية السعودية. وفي الوقت الحالي يتم تغيير كسوة الكعبة المشرفة سنويًا يوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهو اليوم الذي يرحل فيه الحجاج إلى نحو سهول جبل عرفات أثناء الحج.
وكلمة كسوة هي كلمة عربية الأصل ومعناها: شاحب، وهي قطعة القماش الملفوفة أعلى الصناديق أو الأشياء.
تاريخ كسوة الكعبة
يذكر التاريخ العربي أن الملك طوبا أبو كراب أسعد، ملك مملكة حمير، هو أول من وضع كسوة للكعبة المشرفة في التاريخ خلال حكم قبيلة جرهم مكة المكرمة.
الكسوة في عهد نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم
لم يشارك الرسول عليه الصلاة والسلام تزيين الكعبة المشرفة، حتى فتح مكة المكرمة عام 630 ميلاديًا، الموافق السابع من الهجرة. لأن قرش لم تكن لتسمح للنبي وأتباعه بفعل ذلك لأنها كانت الحاكمة على تلك المنطقة، ولكن حينما فتح الله على المسلمين مكة المكرمة قرروا ترك الكسوة كما كانت عليها، حتى أشعلت امرأة بخورًا في الكسوة عن طريق الخطأ، لذلك كسى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة المشرفة بقطعة من قماش يمنية بيضاء.
كسوة الكعبة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
استخدم معاوية بن أبي سفيان الحرير العادي، في كسوة الكعبة وكان يكسوها مرتين في العام وساعده في ذلك عبد الله بن الزبير، وفي عهد الدولة العباسية كان يتم تغيير كسوة الكعبة المشرفة مرة واحدة في العام، توضع على سابقها وذلك في عهد الناصر لدين الله الخليفة العباسي في بغداد،
وحينما أدى الناصر لدين الله، الخليفة العباسي في بغداد فريضة الحج عام 160 هجريًا رأى أن الكسوة المتراكمة تلحق الضرر بالكعبة نفسها، لذلك قرر أن يتم كسو الكعبة مرة واحدة وإزالة الكسوة السابقة.
وفي عهد الملك أبو العباس بن عبد الله بن هارون الرشيد، المشهور بلقب الخليفة المأمون، في الخلافة العباسية كان يقوم بتغيير كسوة الكعبة ثلاث مرات في العام.
في كل مرة كان يضع المأمون لونًا مختلفًا عن الآخر، فكان كالتالي:
- لون الكعبة في الأول من شهر رجب كان باللون الأحمر.
- ولون الكعبة في يوم الثامن من شهر ذي الحجة كانت كسوة الكعبة باللون الديباج وهي فئة من الزينة غنية بالمنسوجات القطنية والحريرية مع خيوط قماشية فضية وذهبي.
- وكانت باللون الأبيض في يوم التاسع والعشرين من شهر رمضان.
وفي وقت لاحق صنع الملك الناصر كسوة الكعبة باللون الأخضر، فاختلف هو والخليفة المأمون على التغييرات المتكررة في اللون، لذلك اتجهوا إلى اللون الأسود. فهو اللون الوحيد الذي تم استخدامه منذ ذلك الوقت في كسوة الكعبة المشرفة.
أماكن تصنيع كسوة الكعبة المشرفة على مر التاريخ
في عهد الدولة الأيوبية وبالتحديد في عهد الملك الصالح أيوب، تم تصنيع الكسوة في مصر بمجموعة من المصادر المحلية، التي تم استيرادها من السودان، والهند، والعراق.
وكان يعين سلاطين المماليك قائد للحج يسمى أمير الحج، وبعد ذلك في عهد الخلافة العثمانية نقلت الكسوة من مصر إلى مكة المكرمة بصورة سنوية في موكب كبير، كان يسمى المحمل المصري، واستمر هذا التقليد حتى عام 1927 حينئذ تم نقل تصنيع كسوة الكعبة المشرفة إلى المملكة العربية السعودية.
وفي الوقت الحالي تزال كسوة الكعبة المشرفة القديمة ويتم تقطيعها إلى قطع صغيرة ومنحها لأفراد بعينهم مثل الشخصيات البارزة، والأمراء، والمنظمات الإسلامية الأجنبية، وبعضهم يبيع ما يحصل علهي كتذكار من الحج. وفي بداية الإسلام كان يقطع عمر بن الخطاب كسوة الكعبة لتوزيعها بين الحجاج ليستخدمونها كغطاء يكفيهم حرارة مكة المكرمة.
والتكلفة الحالية لكسوة الكعبة تتجاوز الـ 4 ملايين دولار سنويًا. ومساحتها 658 متر مربع، ومصنوعة من نحو 670 كجم من الحرير، والتطريز يوجد به نحو 15 كجم من الخيوط الذهبية، وتتكون من 47 قطعة قماش طول كل قطعة فيها 14 متر، وعرضها 101 سنتيمتر. والكسوة ملفوفة حول الكعبة ويتم تثبيتها بحلقات نحاسية الصنع. والتطريز يتم تطريزه بصورة يدوية للآيات القرءانية بمساعدة الكمبيوتر، ما يزيد من سرعة الإنتاج.
قصة المحمل المصري لكسوة الكعبة المشرفة
كانت تصنع مصر كسوة الكعبة المشرفة، في مصنع في منطقة الخرنفش منذ عهد المماليك حتى بدايات مرحلة الستينات في فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان هناك احتفال مهيب جدًا فيه الغناء والموسيقى والتواشيح والمارشات العسكرية والعروض، والعطاءا لخروج كسوة الكعبة من القاهرة إلى مكة المكرمة.
حيث كان يتم شحنها عبر قناة السويس وبحضور الملك أو السلطان نفسه في جميع فترات الحكم، وبعد ذلك كان يتولى أمير الحاج، وهو منصب يلي الملك من الدرجة الثالثة.