تتخذ الحضارة الإسلامية مسماها مباشرة من الإسلام، دين الحضارة الإسلامية الرسمي وعقيدتها السماوية، لذلك تبدو الحضارة الإسلامية للوهلة الأولى حضارة ثيوقراطية، والثيوقراطية كلمة لاتينية تعني حكم الدين، إلا أن الحضارة الإسلامية قامت على مبدأ ” الشورى ” وهو نظام سياسي يقترب من الديمقراطية.
ما هو نظام الشورى في الإسلام؟
والشورى أمر إلهي تم ذكره بالقرآن الكريم، وسنة نبوية دأب عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في السلم والسياسة والحرب، والشورى تعني تداول السلطة والاحتكام إلى أولياء الأمور، وأصحاب الرأي السديد ممن شهدت لهم الجماعة بسلامة المنطق وحسن القرار.
لذلك صمدت الحضارة الإسلامية ثلاثة عشرة قرنًا كاملين دونا عن إمبراطوريات العالم السابقة واللاحقة، لأنها على عكس الشائع عنها تأخذ بالأسباب ومجريات الأحداث، وتتبنى أساليب سياسية واقتصادية متباينة ومختلفة، وتستعين بأصحاب الديانات والثقافات الأخرى.
الحضارة الإسلامية والديانات الأخرى
السلطان الناصر صلاح الدين كان يستعين برئيس وزراء يهودي، وهو رجل علم مشهود له بالحكمة، وفيلسوف أندلسي شهير، هذا الرجل غير المسلم المؤتمن على أسرار سلطان المسلمين ووزراءه ودولته كان يدعى موسى ابن ميمون.
أحمد ابن طولون مؤسس الدولة الطولونية في مصر استعان بمهندس مسيحي في بناء مسجده الأشهر، جامع ابن طولون، هذا المهندس القبطي الذي أشرف على بناء المسجد لمهارته الفريدة في العمارة يدعى سعيد ابن كاتب الفرجاني.
الحضارة الإسلامية وفتح مصر
عمرو ابن العاص حين فتح مصر استعان بالأقباط في تسيير شئون مصر مصداقا للقول العربي ” أهل مصر أدرى بشعابها ” فعين حاكم قبطي على صعيد مصر وحاكم قبطي على شمالها، وحاكم قبطي على وسطها.
وأول ما قام به عمرو بن العاص بعد استقرار الأوضاع في مصر هو الإعلان بين الناس أن لا إكراه في الدين، وأن حرية العقيدة أمر مقدس، ومن يبقى على المسيحية أو اليهودية فعليه الجزية، ولا يفرض عليه الإسلام بالقوة.
وعلى غرار المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون، مؤلف كتاب “حضارة العرب” يرى الباحث اللبناني إدمون رباط، أن سياسة الفتح الإسلامي القائمة على عدم الإكراه في الدين سياسة ليبرالية استمالت قلوب المسيحيين إلى الإسلام وجعلتهم يفضلون الحياة في وجوده.