من بدايات مقلقة مرتبكة شديدة التواضع، جاء تشاك بولانيك الكاتب الأكثر مبيعًا في قوائم الكتب والروايات الأمريكية. فالرجل الذي يحفل تاريخ عائلته بكوارث من نوعية أنّ جده أطلق النار على جدته وقتلها بعد مشادة حول تكلفة ماكينة الخياطة ثم انتحر، ثم قُتل والده في عام 1999م مع عشيقته، وحُكِم على القاتل بالإعدام في 2001م.. تجنّب أن يتورّط في مسارٍ مظلم، واختار طريق الكتابة. فيما يلي نتعرّف على الكاتب الأمريكي الشهير تشاك بولانيك.

 

تشاك بولانيك ورحلة المخاض الصعب

ترجع أصول تشاك بولانيك إلى أوكرانيا، وقد ولد في 21 فبراير 1962م، وأمضى طفولته المبكرة في بربانك بواشنطن خارج منزل متنقل، ثم قضى معظم وقته مع إخوته في مزرعة ماشية مملوكة لأجدادهم بعدما انفصل والداه عندما كان تشاك في الرابعة عشرة من عمره، ثم تخرّج من مدرسة كولومبيا الثانوية في بوربانك عام 1980م.

تشاك بولانيك في لقطات متنوعة
تشاك بولانيك في لقطات متنوعة

بعدها التحق تشاك بجامعة أوريجون، وحصل على بكالوريوس الصحافة منها عام 1956م، وعمل صحفيًا بإحدى الصحف المحلية في بورتلاند، ولمّا شعر بالملل من هذه الوظيفة، تنقّل بين وظائف أخرى فعمل ميكانيكيًا ومرافقًا للمرضى المحتضرين، وقد شكّلت هذه الفترة إلهامًا له في كثير من الأفكار التي كتبها فيما بعد.

في منتصف الثلاثينات من عمره، التحق بولانيك بورشة كتابة يديرها توم سبانباور، وأنتج تشاك عبر هذه الورشة قصة قصيرة نشرها في أغسطس 1990م، لتكون أول عمل منشور له.

بعدها توالت محاولات تشاك بولانيك الروائية، فكتب روايته “إذا كنتَ تعيش هنا”، وكذلك روايته الطويلة “الوحش”، التي تشبه أجواء ستيفن كينج؛ لكنها رُفِضت من الناشرين، وكذلك كتب مسوّدة روايته “مانفيفستو” التي ستصبح لاحقًا “وحوش خفية”.

التزم بولانيك توّجهًا أكثر قتامة، فكتب روايته “نادي القتال” في الأوقات البينية أثناء عمله في الشاحنات، ونجح في الحصول على ناشرٍ لها، لتكون أول أعماله المنشورة، وليتمّ تحويلها لاحقًا في 1997م إلى فيلم بنفس العنوان من إخراج ديفيد فينشر.

فشل فيلم “نادي القتال” في شباك التذاكر؛ ومع ذلك حقق شعبية هائلة ومبيعات ساحقة في أقراص DVD وكان الفيلم الأكثر مبيعًا لدى شركة فوكس، ما ترتّب عليه زيادة مبيعات الرواية وإعادة طبعها عدة مرات.

استثمر بولانيك هذا النجاح، فنشر روايتيه (الناجي الأخير، وحوش خفية) عام 1999م، ثم نشر كتابه (صدمة) في عام 2001م، وهو الكتاب الذي تصدّر قائمة الأكثر مبيعًا في نيويورك تايمز.

في عام 2003م، أصدر بولانيك ثلاثة روايات (المذكرات، الدليل الواقعي لبورتلاند، الهاربون واللاجئون)، وأعلن عن ميوله الجنسية.

في السنوات التالية، واصل تشاك الكتابة والنشر، وكانت كتبه دائمًا ضمن قائمة الأكثر مبيعًا مثل: Rant و Snuff و Pygmy و Tell-All.

 

طقوس تشاك بولانيك في الكتابة

لكل كاتب طقوسه الخاصة في الكتابة، ولا يخرج تشاك بولانيك عن هذه القاعدة في كتاباته الخاصة. من بين هذه الطقوس أنه يكتب كل فصل من رواياته كما لو كان قصة قصيرة في حد ذاته، مستحضرًا أنّ كل واحدة من رواياته لابدّ أن تكون صالحةً لاختصارها في قصة قصيرة دون أن يخلّ هذا بإمكاناتها الفنية.

تشاك بولانيك
تشاك بولانيك

أيضًا، يُجري تشاك بولانيك أبحاثًا مكثّفة قبل شروعه في الكتابة، ويعتبر أنّ البحث في الجزء المفضّل لديه في عملية الكتابة، باعتباره الوقود الذي يحرّك رواياته. فهو يستهلك قوائم كاملة من الكتب، ويختصرها في سطور قليلة.

من طقوس بولانيك في الكتابة، أنه يكتب في الأماكن العامة، ويقضي ساعات في تأمّل الناس وسلوكياتهم، ويضمّن كثيرًا من المواقف والحوارات التي تجري معه أو أمامه، في رواياته.

لا يتباطأ بولانيك في الكتابة، ويكتب باستمرار، ويدوّن بكثافة كلّ ما يمرّ به تمهيدًا لاستخدامه لاحقًا، ويقسّم وقته بين منزلين أحدهما في أوريجون والآخر في واشنطن.

 

أسلوب تشاك بولانيك

ينسب تشاك بولانيك الفضل إلى عددٍ من الأسماء التي تأثّر بها في كتاباته وأسلوبه، من بينهم: توم سبانباور، وجوردون ليش، إلى جانب إيمي همبل ودينيس جونسون وبريت إيستون إليس. ومن بين أهم معالم أسلوب بولانيك:

  • أسلوب الكتابة البسيط.
  • التشبّع بالتجربة الشخصية.
  • روح الكوميديا السوداء.
  • استخدام السرد بضمير المتكلم.
  • نمط الصياغة الأقرب إلى الشعرية، منها إلى النثرية.
  • الإشارة إلى الأساطير الحضرية سواء كانت معروفة أو غامضة أو مختلقة.
  • غالبًا ما تبدأ قصصه في النهاية ثم تعود إلى البداية
  • الخلفيات الغريبة والصادمة لشخصياته.
  • تحليل الجوانب الاجتماعية لثقافة القرن الحادي والعشرين.
  • النظرة العدمية للإنسانية والحضارة الغربية.

 

أنشطة تشاك بولانيك حول الكتابة

حتى اليوم، يواظب تشاك بولانيك على حضور ورشة عمل أسبوعية مع عدد من أصدقائه الكتّاب المقرّبين، ومن بينهم: ليديا يوكنافتش، ومونيكا دريك، وتشيلسيا كاين، وسوزي فيتيلو، ويعتبر هؤلاء هم لجنة قراءة أعماله التي يقرؤونها قبل غيرهم.

تشاك بولانيك في مكتبته
تشاك بولانيك في مكتبته

كما استخدم تشاك خبرته ونجاحه في الكتابة والنشر، في دعم ومساعدة زملائه الكتّاب، وصار بعضهم يُعرف ككاتبٍ ناجحٍ بالفعل. إضافةً إلى ذلك، يستمتع بولانيك بردّ الجميل لمعجبيه، ومن ضمن هذا مساهمته في فن سرد القصص، التي بدأها في 2004م عبر سلسلة مقالات على موقعه الشخصي حول حرفة الكتابة، مرفقة بتكليفات منزلية وورش تطبيقية.

منذ عام 2009م، التزم بولانيك بقراءة ومراجعة مجموعة مختارة من القصص التي يكتبها معجبوه كل شهر، وإبداء ملاحظات تفصيلية ونقدًا مساعدًا في مراجعة وتحرير هذه القصص، بل ونشر مجموعات منها لاحقًا.

 

روايات تشاك بولانيك

تشاك بولانيك مع رواياته
تشاك بولانيك مع رواياته
  • رواية “نادي القتال” (Fight Club) ، صدرت في 1996م، وترجمها إلى العربية الأديب الراحل أحمد خالد توفيق.
  • رواية “الناجي الأخير”  (Survivor) ، صدرت في 1999م.
  • رواية “وحوش خفية”، (Invisible Monsters) صدرت في 1999م.
  • رواية “خنق” (Choke)، صدرت في 2001م.
  • رواية “تهويدة “(Lullaby)، صدرت في 2002م.
  • المذكرات (Diary)، صدرت في 2003م.
  • كتاب “هاربون ولاجئون” (Fugitives and Refugees)، صدر في 2003م.
  • كتاب “أغرب من الخيال” (Stranger Than Fiction)، صدر في 2004م.
  • رواية “المسكون” (Haunted)، صدرت في 2005م.

 

تشاك بولانيك اقتباسات

  • إن لم تعرف ما تريده، فسيؤول بك الأمر إلى الكثير مما لا تريد.
  • لا أرغب في الموت دون حدٍ أدنى من الندبات.
  • كلما كان سقوطنا أكبر، حلّقنا أعلى.
  • علينا أن نعاني كثيرًا قبل أن نخاطر بفعل ما نحب.
  • ثمّة أشياء أسوأ من القتل قد نلحقها بمن نحب.