الريال كم هللة؟
An employee counts Saudi Riyals bills at a money exchange office in central Cairo, Egypt, March 20, 2019. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany - RC1951E142F0

يتسائل البعض الريال كم هلله؟ ويمكننا أن نجيب عن جميع التساؤلات الواردة بخصوص الريال السعودي من خلال هذا المقال، من المعروف أن الريال السعودي هو العملة الرسمية للمملكة العربية السعودية، لكننا بصدد المزيد من التساؤلات حول نشأته ومن أول من قام بسكه؟، ومتى أخذ وضعه؟، ومن المسؤول عن إصداره؟، وهل تغير شكله منذ بداية ظهوره، أم أنه لا زال على نفس الوتيرة؟، كل هذا وأكثر سنعرفه سويًا من خلال هذه الأسطر.

الريال كم هللة؟

 

أشكال الهللات السعودية

تحتوي عملة الريال السعودي الواحد على 100 هللة، وتختلف كل عملة عن غيرها في الشكل واللون، كما تختلف العملات المعدنية عن العملات الورقية باختلاف نوع العملة، إذ تصنف العملات المعدنية على الفئة واحد هللة، و5 هللات، و25 هللة أو ما يسمى “ربع ريال سعودي”، و50 هللة أو ما يسمى “نصف ريال سعودي”، و 1 ريال “100 هللة”، و2 ريال “200 هللة”.

وتصنف العملات الورقية للريال السعودي للفئات الآتية: 5 ريال، 10 ريال، 20 ريال، 50 ريال، 100 ريال، 500 ريال، والمسؤول عن إصدار هذه العملات هو “مؤسسة النقد العربي السعودي”، وتأخذ الرمز ر.س، ويختلف شكل الريال السعودي قديمًا عن صورته في الوقت الحالي.

تاريخ العملة السعودية

عملات سعودية

لقد كانت الأوضاع السياسية غير مستقرة بالمملكة العربية السعودية منذ أكثر من قرن من الزمان وذلك بسبب الفتن الطائفية، ونزاع القبائل فكانت المملكة عبارة عن ضواحي متناثرة لا يمثلها كيانًا واحدًا، متفرقة غير ثابتة على كلمة واحدة، وهذا التدهور السياسي أدى بالتأكيد إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للبلاد، مما أدى إلى تعطيل معظم الأعمال، وإفلاس العديد من التجار، وأصحاب المشروعات، وعجزهم عن سد احتياجاتهم.

واتضح أن نسب كثيرة من العمليات التجارية التي تمت آنذاك اقتضت “نظام المقايضة” وكان ذلك قبل تولي الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل الحكم سنة 1319هـ (1902م)، ليضع حدا لهذا الوضع السياسي ويخلص الشعب السعودي من الضرائب التي كانت تفرضها الدولة العثمانية في البلاد.

تولي الملك عبد العزيز الفيصل الحكم

صورة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود
الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود

كانت بدايات القرن العشرون بداية رخاء وازدهار وتعمير بكل ما تحتويه الكلمة على الشعب السعودي، إذ وحد الملك عبد العزيز بعد دخوله مدينة الرياض عام 1903 صفوف الدولة، وجمع شملها، وقضى على الفتن الظاهرة، والحروب الطائفية القائمة، وتأسيس المدن الجديدة التي ينعم بها الأمن والاستقرار، لقد قدر حاجة الناس، ودعمهم الروحي والنفسي والمادي، ووضع قوانين لحمايتهم قائمة على كتاب الله، وسنه رسوله في المقام الأول حتى تكون أمة صالحة في نفسها مُصلحة لغيرها.

العملات السعودية منذ قرن من الزمان

عملات عثمانية

لقد كانت الدولة تعاني من الفوضى في كل الأوضاع السياسية، والعمرانية، والثقافية، والاجتماعية، والمالية، حتى أنه لم يكن هناك عملة موحدة داخل البلاد، إذ كانت المملكة العربية السعودية تتعامل بجميع العملات على اختلاف اشكالها وأحجامها، وكانت معظمها نقود أجنبية غير محلية، فكانت تتعامل بجميع العملات النحاسية، والفضية، والذهبية، والبرونزية.

وذلك إلى أن سك الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل العملة النحاسية في بعض البلدان ومنها سلطنة نجد علّها ترفع شأن التجارة بين الأسواق الدولية والعالمية، وتأخذ وضعها بين الدول، وتحسن من المظهر الخارجي لصورة المملكة في جميع دول العالم، لأنه كان مؤمنًا بأن قضية توحيد العملة تعني دولة حرة في جميع تعاملاتها الداخلية والخارجية، وأنها مظهر هام لسيادة السعودية بين الدول العربية، والأجنبية فسعى جاهدًا إلى تحسين الأمر بالتدريج، وتحسين الأوضاع  السياسية والاقتصادية.

الريال الفرانسي بنجد

العملات التي تم تداولها قبل ظهور الريال السعودي

كانت النقود الأجنبية هي السائدة في معظم أرجاء الجزيرة العربية قبل دخول الملك عبد العزيز الرياض، وهي فترة كانت عهد “الدولة السعودية الثانية”، ولم يكن له سبيل سوى التعامل بهذه العملات حتى تستقر أوضاع الدولة، ومن أكثر العملات تداول آنذاك “التالر النمساوي”، وهو عبارة عن عملة نقدية كبيرة الحجم يقدر وزنها بمقدار أوقية واحدة وأطلق عليها محليًا “الريال الفرانسي”.

واشتهرت هذه العملة بجميع أقاليم الجزيرة، إلى أن وثق الناس به وكانوا يرفضون التعامل بغيره على الرغم من أن الجزيرة العربية كانت خاضعة للحكم العثماني، لكن التجار رفضوا التعامل بجميع العملات الأخرى حتى عملات الدولة العثمانية نفسها، ما أدى إلي تقديم بعض الولاة العثمانيين طلب إلى الأستانة عاصمة الدولة العثمانية بتوفير كميات كبيرة من الريالات الفرنسية لسد احتياجاتهم.

الريال الفرانسي

وإلى جانب الريال الفرانسي عرفت بعض النقود العثمانية الأخرى باختلاف أشكالها وأحجامها وصورها كالفضية والنحاسية والذهبية، الذهبية والفضية والنحاسية، كما عُرفت العملات على شاكلة الكوبر نيكل، وكانت أكثرها رواجًا بين الناس، ويرجع هذا الرواج إلى تعدد فئاتها ما أدى إلى تبسيط التعاملات التجارية.

كما عُرف “الريال المجيدي”، والذى يرجع في نسبه إلى سلطان من سلاطين العصر العثماني يلقب بـ “عبد المجيد خان”، كذلك عُرفت البارات التي كانت تجمع في أصلها وخصائصها بين “الكوبر نيكل” و”الريال المجيدي” واشتهرت بتوقيع السلطان عليها، واحتوائها على بعض النقوش والمعلومات الهامة كتاريخ سك هذه العملة، وتاريخ تولي السلطان حكم البلاد.

أيضا عُرف “الجنية الإنجليزي”، وكان هو الأخر لا يقل شهرة عن سابقيه، واشتهر بين الناس بـ “جنيه جورج” نسبة إلى الإمبراطور جورج الخامس، أو “جنيه أبو خيال” لأن العملة كانت تحوي صورة صهوة خيال على ظهرها.

الريال المجيدي

الإصلاحات النقدية في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود

أصدر الملك عبدالعزيز – بعد أن استطاع ضم الحجاز مع باقي أجزاء الدولة – أمرا بسك عملات نقدية جديدة تحمل اسمه، من فئة ربع قرش ونصف قرش وقرش على أن تكون من معدن “الكوبر نيكل”، وكان ذلك في عام 1344هـ / 1926م كما احتوت هذه العملات علي معلومات الصرافة فعلى وجه هذه العملات سك اسم الملك عبد العزيز آل سعود، ووظيفته “ملك الحجاز وسلطان نجد”، وعلى ظهر هذه العملات تم كتابة قيمة العملة بالحروف العربية والأرقام الحسابية، وتاريخ اصدارها.

نشأة الريال السعودي

الريال السعودي

أمر الملك عبد العزيز بإلغاء التعاملات النقدية المتداولة آنذاك، وأقر بأن يكون “الريال السعودي” العملة الرسمية للبلاد، وأمر بأن يكون من معدن الفضة ليكون على غرار “الجنية المجيدي” وبالفعل تم سكة من نفس المعدن بنفس الحجم والقطر والوزن تقريبًا، إلا أن الريال السعودي كان يحوي في الوجه “اسم الملك كاملًا” في منتصف العملة، وعلى جانبيها لقبه وشعار الدولة، وعلى ظهر العملة تم سك قيمة العملة بالحروف العربية، والأرقام الحسابية، وكذلك تاريخ سك العملة ومكانها.

تأسيس وضع مثالي للريال السعودي

شكل الريال السعودي قديمًا

لكي تلاقى هذه العملات النقدية الجديد قبولًا بين الناس، وتنتشر على أعلى مستوى أعلن الملك عبد العزيز أنه لن يتم التعامل بغير هذه العملات الرسمية، كما استطاع بعد توحيد صفوف معظم أجزاء الجزيرة العربية أن يصدر مرسومًا ملكيًا يفيد بتغيير المسمى الرئيسي للدولة فبدلًا من لقب “ملك نجد والحجاز” وغيرها، ضم هذا كله ليكون لقبه بالأخير “ملك المملكة العربية السعودية”، واستمر هذا الاسم إلى وقتنا هذا.

وصدر هذا المرسوم الملكي بتاريخ 1351/5/7هـ (1932/9/22م) ورقم 2716، وأفاد تحويل الجزيرة العربية من “مملكة نجد والحجاز وملحقاتها” إلى “المملكة العربية السعودية”، إلا أن اللقب الجديد لم يظهر على العملات إلا في سنة 1354هـ (1935م)، عندما تم توحيد باقي البلاد وضمهم إلى المملكة، وتم سكة على الريال الجديد، وملحقاته من فئة الربع ريال، والنصف ريال.

وبهذا نرى أن الريال السعودي لاقى مشقات واسعة لكي يظهر كعملة رسمية وحجر أساس بين جميع الدول العالمية، ويرجع الفضل في ذلك للمجهودات الجمة التي قام بها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، ومن جاءوا من بعده، وحافظوا على قيمة الريال، ومكانته بين العملات الرسمية السائدة في الوقت الحالي.