يعتبر بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية هو الرئيس الأعلى لكل الأديرة القبطية، ويعتبر الراهب مواطن مصري خاضع للقانون العام، وتتعاون الأديرة القبطية مع الجهات الحكومية، ناقس قداسة البابا تواضروس الثاني، البطريرك رقم 118 من بطاركة الكنيسة القبطية، نظام إدارة الأديرة في مصر، خلال عدد شهر نوفمبر من مجلة الكرازة، التي تعتبر المنشور الرسمي الدوري للكنيسة المصرية.
لكل دير رئيس، يُعطى درجة الأسقفية، وهي رتبة كنيسة تناسب الوضع الإدارة “محافظ” في نظام الإداري الحكومي في مصر، ولكل دير هيكل إداري يشرف على كافة أمور الدير غير الروحية، ويلجأ في الأخير إلى رئيس الدير لاتخاذ القرار المناسب وفق الموضوع المطروح.
نستكمل هنا شرح لباقي الأديرة القبطية، في سلسلة ينشرها “ويكي مصر”، للتعريف بأديرة مصر وأهميتها التاريخية والثقافية والسياحية.
دير رئيس الملائكة غبريال (جبرائيل) دير أبو خشبة بجبل النقلون
يقع الدير على بعد 16 كيلومترًا من مدينة الفيوم، وقد ظهرت حياة الرهبنة في منطقة جبل النقلون بالفيوم في القرن الرابع الميلادي، مع ازدهار حركة الرهبنة في الصحراء المصرية بشكل عام، حيث بدأت الرهبنة هناك على يد القديس ببنودة، وكان أبو لكل رهبان جبل النقلون، وتاريخ الدير مذكور في مخطوطتين أثريتين موجودتين بالدير حتى الآن، وتقول هذه المخطوطات إن نشأة الدير كانت عام 365 تحديدًا.
أخذ عدد رهبان جبل النقلون في الازدياد بداية من القرن الرابع وحتى القرن العاشر، ثم خفت ضوء الحياة الديرية بهذه المنطقة حتى بداية القرن العشرين ولظروف متعددة، حيث اختفى الرهبان من دير رئيس الملائكة غبريال بالفيوم، حتى عزم الأنبا إبرام، الأسقف الحالي للفيوم، على عودة الشيء لأصله، وبدأت حياة الدير في الازدهار مجددا في أواخر الثمانينات من القرن الماضي.
كنيسة الملاك غبريال هي أقدم معالم الدير، بنيت في القرن الرابع الميلادي، وتم ترميمها في القرن الثامن، وتمت تجديدات عليها في السنوات الأخيرة، لكن مع المحافظة على بقايا الكنيسة الأثرية، وبني حديثا بعض مضيفة لاستقبال الضيوف والسياح، وتم صنع خزان للمياه، ومخبز آلي داخل الدير، كما يستصلح الدير بعض المساحات المزروعة المملوكة له.
دير الشهيد مارمينا المعلق بأبنوب
دير أثري بني في القرن الرابع الميلادي، ويقع في الجهة الشرقية للنيل بأبنوب محافظة أسيوط، شمال أبنوب بمسافة تتجاوز 25 كيلومترًا، ويبعد عن أسيوط نفسها 35 كيلومترًا، وسمي بالدير المعلق لأنك تراه معلقًا بالفعل في قلب جبل عالي، حيث يرتفع على سطح الأرض أكثر من 175 مترًا.
شاع ذكره في مجموعة من كتب المؤرخين، منهم المقريزي، ووصفه بالمعلق أيضا، وكتب عن طرق الوصول إلى هذا الدير، ورسمه بعض المؤرخين في مخطوطاتهم، ومازال الدير محتفظا بشكله الأثري، ظرًا لوجوده في قلب الجبل وفرص التعديل بسيطة للغاية، وبدأ في 1998 مشروع لترميم هذا الدير تحت إشراف وزارة الآثار المصرية، ويحتضن الدير أربع كنائس أثرية موزعة على 3 طوابق هي كل ما يحويه الدير.
دير مارجرجس بالخطاطبة
هذا الدير تم إنشاؤه حديثا في منطقة الخطاطبة التابعة لمحافظة المنوفية، حيث بدأت عملية البناء عام 1983، واكتملت عام 1993، وهو نفس العام الذي زاره فيه قداسة البابا شنودة الثالث، البطريرك رقم 117 في تاريخ الكنيسة القبطية، وتم الاعتراف به رسميا عام 1995.
اشترى أرض الدير وأنشأه وعمرّه الأنبا بموا، أسقف ورئيس دير الخطاطبة الراحل، وبجانب النشاط الروحي فهذا الدير الآن يقدّم خدمات مجتمعية كبيرة، حيث تزرع أراضي الدير بمحاصيل العنب والزيتون والبلح، بالإضافة إلى نشاط حيواني كبير، ويعمل مجموعة من الشباب الصغير في الدير أيضا لاحتوائه على ورشة لصناعة الزجاج المعشق، وورشة لصناعة ملابس الكهنة والرهبان.
دير الأنبا توماس بالخطاطبة
هذا الدير أحدث من دير مارجرجس بالخطاطبة، حيث بدأ بناؤه عام 2001 من قبل الراهب إبرام الأنبا توماس الصموئيلي، وتم الاعتراف به رسميا كدير تابع للكنيسة عام 2007، من قبل المجمع المقدس وعلى رأسه قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث، بطريرك الكرازة المرقسية، وزار البطريرك هذا الدير في يناير عام 2009.
مساحة هذا الدير شاسعة تتجاوز 250 فدانًا، منطقة للرهبان وثانية للزوار وأخرى للعمال ورابعة لخدمات الدير، ومنطقة الخدمات يوجد به ورش ومصانع تنتج الخبز والعسل وزيت الزيتون، كما يوجد بالدير عنابر لتربية الدجاج، وورش خياطة، كما يستغل الدير باقي مساحته الكبيرة في الزراعة، فتتم زراعة الكثير من أنواع الخضروات والفاكهة التي تستفاد منها الكنائس المحيطة وزوار الدير.
دير السيدة العذراء مريم بالحواويش
لمنطقة أخميم مكانة خاصة لدى الأقباط، فقد وقعت الكثير من وقائع الاستشهاد في هذه المدينة التي تقع على الساحل الشرقي لنهر النيل، كان اسمها وقت الفتح العربي كور أخميم، يوجد أعلاها قهقوة طهطا، وأسفلها كور قوص، كما اشتهرت بالأديرة في القرون الأولى للرهبنة، تشتهر المنطقة التي يقع بها دير العذراء بأخميم بصناعة النسيج، وكذلك صناعة السكر.
أما الدير فيقع على بعد 12 كيلومترًا جنوب شرق مدينة أخميم، وهو قديم قدم الرهبنة المصرية، ولكن نهضته الحديثة جاءت عام 1979، عندما أراد البابا شنودة الثالث أن تعود الحياة الديرية إلى هذه المنطقة التي اشتهرت بتخريج قديسي المسيحية وشهدائها، وكذلك لأنها تحفظ الكثير من أجسادهم، وكنائسهم الأثرية القديمة، فأرسل مجموعة من الرهبان لدعم هذا الدير، وبعد مجهودات على مدار 8 سنوات، اعترف المجمع المقدس برئاسة البابا شنودة عام 1987 بعودة الحياة الرهبانية إلى دير العذراء بأخميم بشكل رسمي.
يحوي الدير مجموعة كبيرة من الأيقونات الأثرية، بالإضافة إلى أجساد الكثير من القديسين بحسب المعتقد المسيحي، ورغم مساحته المحدودة وعدد رهبانه القلائل، إلا أنه دير هام لدى المسيحيين لارتباطه بالمدينة التي قدّمت الكثير من القديسين والشخصيات المحببة لدى أقباط مصر.
دير الملاك ميخائيل بأخميم
يوجد هذا الدير أعلى قرية السلاموني بمنطقة أخميم، وبني في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، وشهد اهتمامًا من الكنيسة القبطية في الثمانينات من القرن الماضي، وبدأت تزدهر الحياة الرهبنية فيه من جديد، ما دفع الكنيسة للاعتراف به كأحد أديرتها المصرية العامرة بأخميم.
دير الأنبا موسى الأسود بالعلمين
أحدث الأديرة القبطية التي اعترفت به الكنيسة رسميًا كأحد أديرتها العامرة، حيث جاء هذا الإعلان في نوفمبر 2020، بعدما زارها قداسة البابا تواضروس الثاني، بطريرك الكرازة المرقسية، ويقع على طريق العلمين، الواصل بين طريق إسكندرية الصحراوي وطريق الساحل الشمالي.
يضم الدير مجموعة من الكنائس، بالإضافة إلى قلالي للرهبان، ومكتبة لاستعارة الكتب تحوي 10 آلاف كتاب، بالإضافة إلى ورشة نجارة ومخبر ومزرعة للأغنام، بالإضافة إلى مزارع للفاكهة.
مصادر
- كتاب الدليل الفريد إلى مزارات وأديرة الصعيد، بقلم القمص يوأنس كمال، الجيزة.
- مجلة الكرازة، السنة الثانية والأربعون، عدد الجمعة 18 يوليو 2014.
- تاريخ الرهبنة والديرية في مصر وآثارهما الإنسانية على العالم، د. رؤوف حبيب، مكتبة المحبة.
- التربية عند آباء البرية، القس أثناسيوس فهمي جورج.
- الأنبا صموئيل وبديع حبيب، الكنائس والأديرة القديمة بالوجه البحري والقاهرة وسيناء، معهد الدراسات القبطية.
- الآثار القبطية في وادي النيل دراسة في الكنائس القديمة، سومرز كلارك، ترجمة: إبراهيم سلامة إبراهيم، الهيئة العامة للكتاب.
- دراسة أضواء جديدة على دير الملاك ميخائيل بشرق أخميم من خلال نص عربي بمخطوط قبطي، د. محمد عبدالستار عثمان.
- مصر: وصفيًّا، تاريخيًّا وتصويريًّا – جزء 2 – جيورج إبيرس، ترجمة كلارا كورتناي بوينتر بيل، 1885 م.