احتفل المحرك البحثي جوجل، اليوم الأحد، بذكرى ميلاد الكاتبة المصرية نتيلة راشد السادس والثمانين، والتي عرفت باسم «ماما لبنى» وكانت واحدة من رواد أدب الأطفال والمراهقين في مصر والعالم العربي، وساهمت في الترويج وتطوير هذا النوع من الأدب.
جوجل يحتفل بنتيلة راشد
أشادت شركة جوجل بالكاتبة الرائدة نتيلة راشد بالاحتفال بعيد ميلادها السادس والثمانين، بالرسومات التي ابتكرتها الفنانة الأردنية الأميركية سارة الفاجيه، ولكن لا يمكن مشاهدة هذه الرسومات إلا من قبل المستخدمين الذين يعيشون في أجزاء من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفي حديث لها عن استخدام رسمتها، قالت الفاجيه: «أنا فنانة عربية أميركية وفنانة كوميدية، وأركز بشكل خاص على أدب الأطفال وأعمال البالغين»، مضيفة: «إن محاولة البحث في حياة نتيلة ومعرفة مدى صعوبة عملها في الحفاظ على الإمكانية الوصول إلى كل نوع من الأطفال أمر ليس بالسهل، فالفن والقراءة لهما صدى عميق معي».
وذكرت الفاجيه: «لقد كان لنتيلة راشد القدرة على إيصال مجلاتها وقصصها إلى أيدي أي طفل من خلال الإبقاء على التكاليف منخفضة، ففي قصصها لم تكن تتعالى على الأطفال ولم تقدم سوى دروس أخلاقية، وشجعت القراء على التوصل إلى استنتاجاتهم الخاصة، وكانت امرأة مذهلة، وكان شرفها أن أساهم في هذا العمل وأرسمها».
نتيلة راشد
ولدت نتيلة إبراهيم راشد يوم 20 سبتمبر 1934 في القاهرة، ودرست في جامعة القاهرة، وبدأت الكتابة عندما كانت لا تزال طالبة في الجامعة حيث كتبت أول 5 قصص لها عن الأطفال.
وبحلول عام 1953، كان عملها قد ذاع صيته ليكون على الصفحات الأولى في مجلات الأطفال وعلى موجات الأثير عبر البث الإذاعي إذ تم بث أول أعمالها في هذا العام عبر الإذاعة، وبعد بضعة أعوام فقط، ساعدت نتيلة راشد في تأسيس المجلة التعليمية الرائدة «سمير»، ثم أشرفت في وقت لاحق على نشر هذه المجلة باعتبارها رئيس تحريرها، كما أسست قسم كتاب الأطفال في دار الهلال.
عائلة نتيلة راشد
تزوجت نتيلة راشد في العام 1956، من عبد التواب يوسف، وأنجبت منه 3 أبناء، هم: لبنى، هشام، عصام، ولبنى هي الابنة الكبرى وهي ولدت في العام التالي للزواج، وحاليا هي أستاذ في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة القاهرة ووكيلة الكلية لشؤون الدراسات العليا.
أما هشام فهو الابن الثاني وولد عام 1959، وهو دبلوماسي وكان المتحدث الرسمي ورئيس مكتب الأمين العام للجامعة العربية، أما الابن الأخير فهو عصام والمولود عام 1965، وهو مؤلف روايتي «ربع جرام» عام 2008، و«اثنين ضباط» عام 2014، وهو مدير عام شركة «مونتانا ستوديوز» للإنتاج السينمائي، كما كان عضوا منتدبا للشركة المصرية الدولية لحماية البيئة.
كتابات نتيلة راشد
طيلة حياتها المهنية المرموقة، كتبت نتيلة راشد وترجمت عددا لا يحصى من قصص الأطفال، وتعاونت مع قائمة متنوعة من المجلات العربية للشباب، والبرامج التلفزيونية والإذاعية، ومن بين أشهر أعمالها كتاب «يوميات عائلة ياسر»، الذي صدر في العام 1979 في جزأين، والذي ألهم المجلس الوطني للثقافة المصري لتقديم أول فيلم عن الأطفال، وكان الفيلم يستند إلى قصة نتيلة راشد «الدمية».
وبجانب عملها كمؤلفة ترجمت «ماما لبنى» أيضا عددا من الكلاسيكيات إلى العربية، بما في ذلك «الجمال الأسود Black Beauty»، و«الأمير السعيد The Happy Prince»، و«الملابس الجديدة للإمبراطور The Emperor’s New Clothes».
وكانت كتابات نتيلة راشد تمزج بين التقاليد الأدبية لمصر القديمة والحديثة لمساعدة الأطفال من مختلف أنحاء العالم على تعلم المزيد عن الحياة المعاصرة في مصر، وهذا ما جعل أعمالها تترجم إلى اللغة الإنجليزية.
مجلة سمير
كانت مجلة «سمير» هي العمل الأبرز الذي شاركت فيه الأديبة والمترجمة نتيلة راشد، وهي مجلة عربية مؤثرة في حياة الأطفال، وعملت فيها نتيلة لعقود من الزمان منذ أول إصدار لها في عام 1956 وحتى عام 2002، وخلال هذه السنوات ألفت نتيلة العديد من الأعمال الأدبية المحبوبة للأطفال والبالغين على حد سواء، ومن خلال كتبها وقصصها القصيرة، كانت تتطلع إلى تسليط الضوء على التقاليد الأدبية المصرية القديمة مع عرض التراث الثقافي الثري للحياة المعاصرة في مصر.
واعتبرت نتيلة راشد مجلة «سمير» هي بوابة التواصل مع الأطفال، إذ كانت تكتب لهم مقالا أسبوعيا بعنوان «أولادي حبايب قلبي»، ولم تكتفِ بهذا بل أنشأت باب «مراسل سمير»، وكان هدفها من خلاله التواصل مع الأطفال ورعاية جيل من إعلاميي المستقبل، إذ كانت تعلمهم أصول مهنة الصحافة وقواعدها.
وكان البارز في باب «مراسل سمير» أن مشاركيه لم يكونوا قد تخطوا الرابعة عشر من العمر، ومع ذلك كانت تنشر لهم نتيلة حواراتهم وموضوعاتهم الصحفية على صفحات مجلة سمير.
وحرصت «ماما لبنى» في قصصها بمجلة «سمير» على أن توعي الأطفال بأنه ليس هناك من هو كامل ومثالي، لكن ينبغي علينا دوما أن نسعى لأن نكون الأفضل ونطور أنفسنا باستمرار ونحاول التكيف قدر الإمكان مع ظروف الحياة.
وكانت تؤكد نتيلة راشد دائما على أن الحياة ليس ورديا بل الحياة هي اختبارات وتجارب علينا الاستفادة منها سواء كانت سيئة أم جيدة وأن الإخفاق والنجاح أمران يحدثان على الدوام، لكن ينبغي أن نفقد شغفنا تجاه ما نفعل سواء فشلنا أو حققنا نجاحا.
جوائز نتيلة راشد
كانت نتيلة راشد عضوا في اللجنة العليا لمهرجان القاهرة الدولي لفيلم الأطفال ولجنة الأطفال والشباب التابعة لمكتبة الإسكندرية، ما أهلها بجانب مؤلفاتها وترجماتها للحصول على مجموعة متنوعة من الجوائز تكريما لمساهماتها في الأدب المصري والمجتمع المصري، وهي: جائزة الدولة للآداب للأطفال في عام 1978، وجائزة الدولة للصحافة للأطفال في عام 1995، وميدالية مجلس وزارة الثقافة في عام 2002.
وفاة نتيلة راشد
توفيت نتيلة راشد في السادس والعشرين من مايو عام 2012، بعد أن تمكنت من الوصول إلى داخل كل بيت مصري وعربي، وتقتحم قلوب الأطفال وتؤثر في تكوينهم ونشأتهم وشخصيتهم.