في ذكرى وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام
في ذكرى وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام

يشتهر عند المسلمين التأريخ بالتقويم الهجري، نسبةً إلى واقعة هجرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة. ووفق هذا التقويم الهجري فقد كانت وفاة النبي محمد في يوم الاثنين 12 ربيع الأول من العام 11 هجرية. وهذا اليوم، يوافق يوم 8 يونيو من العام 632 وفق التقويم الجريجوري الميلادي، نسبة إلى البابا جريجوريوس الثالث عشر الذي أقرّ استخدام هذا التقويم وتعميمه منذ عام 1582م. في هذا المقال نتعرّف على أهم الأحداث التي سبقت وتبعت وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأبرز صفاته السلوكية والجسدية.

 

أهم الأحداث التي سبقت وفاة النبي

سبقت وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، أحداثٌ نستعرض أبرزها فيما يلي:

خارطة انتشار الإسلام قبل وفاة النبي محمد
خارطة انتشار الإسلام قبل وفاة النبي محمد
  • في منتصف شهر المحرّم من العام 11 هجرية، قدِم على النبي صلي الله عليه وسلم، وفد النخع من اليمن، وقد بلغ عدد أعضاء هذا الوفد 200 شخص، وكان هذا الوفد الأخير من الوفود التي قدمت من أرجاء الجزيرة لمبايعة الرسول على الإسلام.
  • وخلال شهر المحرّم ذاته، ظهر أحد مدّعي النبوّة في اليمن، وهو المعروف باسم الأسود العنسي، ودعا الناس إلى اتباعه والإيمان به، إلا أن الله العزيز شاء أن يُقتَل الأسود العنسي قبل وفاة النبي عليه الصلاة والسلام بيوم واحد فقط.
  • في شهر صفر، جهّز النبي عليه الصلاة والسلام، سريّة أسامة بن يد لأجل غزو الشام، ولكن هذه السريّة توقّفت في منطقة الجرف، بعدما بلغهم خبر مرض النبي عليه الصلاة والسلام.
  • في تلك الآونة، ارتدّ 50 ألف شخص عن الإسلام، لصالح مسيلمة الكذاب. وقد انضاف إلى هذا العدد 50 ألفًا آخرين بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، وسوف يتصدّى لهم الخليفة الأول أبو بكر الصديق في معركة اليمامة الشهيرة.
  • في شهر صفر أيصًا، خرج النبي ليلاً، وزار مقابر البقيع، واستغفر لأصحابه كأنه يودّعهم.
  • أواخر صفر، بدأت ظهور أعراض المرض على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
  • في ربيع الأول، قبل وفاته بخمسة أيامٍ فقط، خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الناس، وأكّد لهم على فضل صاحبه وخليله أبو بكر الصديق، وأوصى الناس بالأنصار خيرًا، وحذّر من اتخاذ القبور مساجد.
  • ثم أمر النبي صاحبه أبا بكر كي يصلّي بالناس أثناء مرضه، فاستجاب أبو بكر، وصلّى بالناس على مدار ثلاثة أيام. حتى كان اليوم الذي خرج إليهم الرسول رغم مرضه الشديد، وصلّى بهم جالسًا، والناس من خلفه قيام.
  • في منتصف نهار يوم الاثنين، 12 ربيع الأول، توفي النبي محمد عليه الصلاة والسلام، عن عمر 63 عامًا، ودُفِن في اليوم التالي 13 ربيع الأول، في حجرة زوجته أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما.

 

أهم الأحداث التي تلت وفاة النبي

ترتّبت على وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، أحداثٌ نورد أبرزها فيما يلي:

صور المسجد النبوي
صور المسجد النبوي
  • أصابَ الاضطراب والصدمة الكثير من المسلمين، ولم يصدّقوا لأول وهلة خبر وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، وضجّت المدينة المنوّرة ببكاء أهلها على رحيل رسولهم الكريم.
  • اجتمع نفرٌ من الصحابة على تغسيل النبي عليه الصلاة والسلام، وهو بثيابه، ولم يجردّوه منها، ومنعت الصدمة والحزن زوجات النبي من أن يتولّين تغسيل جثمان النبي الكريم.
  • كان المسلمون يدخلون على جسد النبي من بابٍ ويصلّون عليه صلاة الجنازة، ثم يخرجون من بابٍ آخر، وهكذا حتى انتهوا من الصلاة عليه.
  • استخار الصحابة بشأن طريقة دفن النبي الكريم، هل تكون باللحد أو بالضريح، واستقروا على اللحد.
  • اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة التابعة للأنصار، وهناك جرى اختيار أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ليكون أول خليفة للمسلمين بعد رسول الله.
  • بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام بستة أشهر، لحقت به ابنته فاطمة عليها السلام، وكذلك أم أيمن حاضنة النبي ومولاته.

 

أبرز صفات النبي عليه الصلاة والسلام

الصفات السلوكية

لم يكن النبي عليه الصلاة والسلام غامضًا؛ وأيًا كانت حالته الشعورية من الرّضا أو الغضب أو السرور، أو حتى الغضب؛ فقد كان يمكن للصحابة بسهولة أن يتعرّفوا على انفعالاته عليه الصلاة والسلام بمجرد النظر في ملامح وجهه.

لذا، كان من المعتاد بالنسبة لهم، أن يلاحظوا ظهور عِرق في منتصف جبهته إذا غضب غضبًا شديدًا واحمرّ وجهه، وكذلك كان عندما يشتد فرحه كان يفرح فرحًا مكللاً بالوقار والاتزان.

وكان الوقار ذاته يصحب النبي عليه الصلاة والسلام حتى إذا كان يمشي، بل وكان يمشي خلف أصحابه متواضعًا، ورغم ذلك، كان إذا مشى بجوار أحدٍ، ولو كان طويلاً، ظهر النبي أطول منه.

أيضًا، كان الوقار يملأ نظراته الساكنة، التي يكون أغليها للملاحظة والتأمل، وفي حال لم يحتج النبي للنظر إلى شيء للأهمية، خفض بصره عنه. وكان مبادرًا إلى المصافحة والتحيّة، بدماثة أخلاق، ولين ويُسرٍ في المعاملة.

وكان النبي عليه الصلاة والسلام دائم الانتباه والتيقّظ، متّصل التفكير والتأمّل، طويل السكوت، جيّد الإنصات، لا يتكلّم إلا عند الحاجة، ولا يطيل، بل يقتصر على ما قلّ ودلّ، ونادرًا ما كان يذمّ شيئًا، وكان كثير الشُكر لله على نعمائه، وللخلق على فضائلهم.

وفي حال الغضب، لم يكن يغضبه أمرٌ من أمور الدنيا، بل ولا حتى يغضب لأجل نفسه، وإنما كان يغضب لأجل الحقّ، وإذا غضبَ لأجل حقٍ لا يحول شيءٌ بينه وبين الانتصار لهذا الحقّ مهما جرى.

 

الصفات الجسدية

عُرِف النبي صلى الله عليه وسلم، بتناسق الجسم، وانتظام الأعضاء، ومتانة القوام، وطيب الرائحة دائمًا، وبكونه مائلاً إلى الطول، وكان طويل العنق كأنها قُدّت من عاجٍ، وكان عريض المنكبين وأعلى الظهر، عريض الصدر، مستوى الصدر والبطن، لا ينمو على صدره وبطنه شعرٌ كثيف، وإن كان يظهر خطٌ من الشعر نازل من صدره حتى سُرّته، وبين كتفيه توجد شامة النبوّة في حجم بيضة حمامة.

وكان ذراعا النبي عليه الصلاة والسلام، طويلان قويّان، وله كفّان واسعان ممتلئان ليّنان، بأصابع طويلة، وكانت ساقاه معتدلتان، ليس باطن قدمه مسطّحًا وإنما أخمصًا، وكان عقب قدمه دقيقًا.

 

صفات ملامح وجه النبي

كان لون وجه النبي عليه الصلاة والسلام، بلون الزهر الورديّ، وكان شكله وسَطًا بين الشكل المستدير والمربّع. بينما كان جبينه مستويًا عريضًا، وحاجباه مقوّسين قويّان ظاهران حتى يبدوان كأنهما مرسومان، وبينهما اتصالٌ خفيف لا يظهر إلا من قُرب، وكانت عيناه بحدقتين شديدتي السواد، وبياضهما ناصعٌ تشوبه حُمرة خفيفة، وكانت رموشه كثيفة طويلة، فيبدو وكأنه مكتحل.

وكأن أنفه عليه الصلاة والسلام مستقيمًا طويلاً بطرفٍ دقيق، وفي وسطه عُلوّ، وكان خدّاه أبيضين ممتلئين.

أما فم النبي عليه الصلاة والسلام، فكان متسعًا بهيئةٍ جميلة، وشفتاه متوسّطتا الرّقة، وكانا كأجمل ما يكون عند انطباقهما، وكانت أسنانه مفلّجة منتظمة، وكانت رائحة فمه دائمًا حسَنة.

وأما لحيته عليه الصلاة والسلام، فقد كانت كثيفة بهيّة الهيئة، حيث تبرز عنقفته وتتصل بباقي اللحية، وإن كانت لا تخلو من بضع شعرات بيضاء ظاهرة البياض وسط باقي سوادها.

وأما شَعر رأس النبي عليه الصلاة والسلام، فكان أسودَ اللون فاحِمًا، كأنه ممشّط دائمًا، وكان عليه الصلاة والسلام يطيله أحيانًا حتى يصل إلى ما بين أذنيه، وأحيانًا حتى يصل إلى كتفيه، وأحيانا كان يجمعه كله إلى الخلف، ثم صار لاحقًا يفرقه من المنتصف.

 

المصادر

  • الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض المراكشي، تحقيق عبده علي كوشك، جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، 2013م.
  • مختصر السيرة النبوية، كتاب مجلة الوعي الإسلامي، الكويت، 2013م.
  • زهر الخمائل على الشمائل: أوصاف النبي عليه الصلاة والسلام، الإمام السيوطي، تحقيق مصطفى عاشور، مكتبة القرآن للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة، 1988م.