إبراهيم أصلان – عمل كبوسطجي ثم أصبح أديبا بارزا
إبراهيم أصلان - عمل كبوسطجي ثم أصبح أديبا بارزا

ولد الكاتب إبراهيم أصلان في 3 مارس عام 1935 في إحدى القرى التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية وتوفي في 7 يناير عام 2012. وحصل على العديد من الجوائز مثل جائزة طه حسين عن روايته مالك الحزين عام 1989، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب لعام 2003، وجائزة ساويرس عن روايته “حكايات من فضل الله عثمان” عام 2008. وقد مر إبراهيم أصلان بالعديد من اللحظات الهامة التي ساهمت في تكوينه الأدبي، في هذا المقال نعرض لك أهم تلك اللحظات وأهم إنجازاته.

 

نبذة عن إبراهيم أصلان

الكاتب إبراهيم أصلان من مواليد محافظة الغربية عام 1935، ولكنه نشأ في حي إمبابة بالقاهرة وتحديدًا في منطقة الكيت كات، وكوّنت تلك الأماكن التي عاش بها دافعًا ترسخ في وجدانه حتى أصبح يحركه ويظهر في كتاباته التي امتازت بمهارات أسلوبية عالية، وظهر هذا التأثر في بعض رواياته مثل “مالك الحزين” التي تحولت سينيمائيًا إلى فيلم “الكيت كات” و”حكايات من فضل الله عثمان” و”عصافير النيل”.

 

على الرغم من صقل مهاراته الأدبية إلا أن الكاتب إبراهيم أصلان لم يتلقَ تعليمًا منتظمًا بالشكل المعهود، حيث تعلم في الكُتّاب في صغره ثم انضم إلى بعض المدارس الحرفية كمدرسة لتعليم حرفة صناعة السجاد ومدرسة أخرى صناعية، وبعد ذلك بدأ حياته المهنية كـ “بوسطجي” في إحدى هيئات البريد والتي ظل يعمل بها في وظائف مختلفة.

 

بداية إبراهيم أصلان كأديب

إبراهيم أصلان
وردية ليل إحدى المجموعات القصصية لإبراهيم أصلان

ساهم عمل إبراهيم أصلان كبوسطجي في التأثير عليه وبدا هذا التأثير واضحًا في مجموعته القصصية “وردية ليل” التي صدرت عام 1991 والتي أهداها إلى صديقيه “أمل دنقل” و”يحيى الطاهر عبد الله“.

 

عمل الكاتب إبراهيم أصلان أيضًا في القسم الأدبي بجريدة الحياة اللندنية، كما عمل أيضًا في الهيئة العامة لقصور الثقافة ولكنه استقال من الوظيفة تأثرًا بالأزمة التي حدثت إثر نشر رواية “وليمة لأعشاب البحر” للكاتب السوري حيدر حيدر، والتي كانت تحكي عن أجزاء من تاريخ النضال من خلال سرد أحداث في حياة أحد المناضلين الشيوعين العراقيين الذي فر إلى الجزائر، ولكن بعد نشر الرواية اعترضت بعض الفئات في المجتمع مثل صحيفة “الشعب” الصادرة عن حزب العمل وخرجت مظاهرات من طلاب الأزهر يطالبون بوقف الرواية ومقاضاة الكاتب وكل من قام على إصدار الرواية لأنهم يرون أنها تحرض على الكفر والإلحاد. ونتيجة لكل تلك التصاعدات تم التحقيق مع الكاتب إبراهيم أصلان ولكنه تلقى دعم من بعض الشخصيات العامة داخل المجتمع.

 

فيلم الكيت كات

فيلم الكيت كات
فيلم الكيت كات المأخوذ عن رواية مالك الحزين لإبراهيم أصلان

فيلم الكيت كات للمخرج داوود عبد السيد والذي تم عرضه عام 1991 وكان بطولة الفنان الراحل محمود عبد العزيز وشريف منير وعايدة رياض، كان مأخوذا عن رواية “مالك الحزين” للكاتب الراحل إبراهيم أصلان وقد ظهر تأثره بحي الكيت كات الذي تربى فيه واضحًا في تلك الرواية وفي الفيلم، حيث توجد مشاهد كاملة عاشها أصلان في الواقع وتم نقلها كما هي إلى الرواية ومن ثم إلى الفيلم، مثل مشهد جر عربة الفول “عربة عم مجاهد” التي توفي صاحبها حتى وصلت إلى بيته، وحدث نفس هذا المشهد في الحقيقة عندما ذهب إبراهيم أصلان وبائع البقالة المجاور له إلى عربة الفول القريبة منهما ورفعا الغطاء الخشبي عن العربة فوجدا بائع الفول قد مات فجرا العربة حتى منزله.

 

وقرر المخرج داوود عبد السيد تحويل رواية “مالك الحزين” إلى فيلم الكيت كات بعد أن قرأها وأعجب بها بشدة منذ القراءة الأولى، فتواصل مع أصلان ليستأذن منه في نشر الرواية، والذي رحب بالفكرة ولم يعترض على أي من التغييرات التي اقترح عبد السيد إجرائها على الرواية لكي تتناسب مع فكرة العمل السينمائي.

 

أسباب تميز كتابات إبراهيم أصلان

اتسمت كتابات إبراهيم أصلان بتميز وانفراد لم يتسم به كثيرون غيره، وأشاد بتلك الكتابة نقاد وأدباء عالميين ومحليين فعلى سبيل المثال قال عنه الكاتب العالمي نجيب محفوظ إنه فنان نابه وله موهبة فذة ومستقبل فريد، ووصفه بعض النقاد بأنه “كاتب الكاميرا” حيث أن أعماله تتجسد كما لو أن القارئ يراها تُعرض أمامه وليس مجرد أنه يقرأها فقط.

 

ولعل أقوال الكاتب إبراهيم أصلان نفسه عن طريقة كتابته توحي بمدى الجهد الذي كان يبذله لمحاولة أن يجعل القارئ يشعر بالتميز أثناء القراءة، فعلى سبيل المثال في إحدى حواراته قال: “لا أفضل أن أكتب ما يتوقعه القارئ، بل إنني أحذف كل ما أشعر أن القارئ يمكن أن يتوقعه من الأحداث”، كما قال أيضًا في حوار أخير له قبل وفاته: “لا أريد أن أجعل القارئ يشعر أنه يقرأ، أريده يشعر أنه يرى ويسمع بل ويشم أيضًا فبالتالي يكون المشهد بالنسبة له مرئي وليس مقروءًا، وهذه مهمة لغوية صعبة وشاقة للغاية”.