في 7 مايو 1945، امتلأ مسرح البولشوي في موسكو بالعلماء والمسؤولين من الحزب الشيوعي السوفيتي للاحتفال بذكرى من اخترع الراديو ألكسندر بوبوف، ذلك العالم الذي ولد في 1859 وتوفي في 1906، ومن وقتها تم إعلان يوم 7 مايو ليكون يوم الإذاعة، ولا يزال يتم الاحتفال به في روسيا حتى يومنا هذا.
طور ألكسندر بوبوف أول راديو قادر على تمييز شفرات مورس، وكان جهازه عبارة عن أداة بسيطة، أنبوب زجاجي به قطبان متباعدان بضعة سنتيمترات مع برادة معدنية بينهما.
واعتمد الجهاز على عمل الفيزيائي الفرنسي إدوارد برانلي والفيزيائي الإنجليزي أوليفر لودج، ووفقا لمتحف بوبوف المركزي للاتصالات، في سانت بطرسبرج، كان جهاز المخترع الروسي هو أول جهاز استقبال لاسلكي في العالم قادر على تمييز الإشارات حسب المدة.
في 24 مارس 1896، قدم بوبوف في جامعة سانت بطرسبرغ في اجتماع للجمعية الفيزيائية الروسية عرضا رائدا، إذ أرسل إشارات بين مبنيين يفصل بينهما 243 مترًا، ووقف أستاذ على السبورة في المبنى الثاني يسجل الحروف التي وردت في شفرة مورس.
من جهة أخرى، طور المخترع والمهندس الإيطالي الشهير غوليلمو ماركوني وعرض وسوق أول تلجراف لاسلكي ناجح بعيد المدى، وفي عام 1901 بث أول إشارة راديو عبر المحيط الأطلسي، وأنهت أجهزة الراديو التابعة لشركته عزلة السفر عبر المحيط وأنقذت مئات الأرواح، بما في ذلك جميع الركاب الناجين من غرق تيتانيك، وفي عام 1909 حصل على جائزة نوبل في الفيزياء لعمله على اختراع الراديو، لكن للمفارقة اعترف ماركوني في خطاب قبوله للجائزة أنه لم يفهم حقًا كيف يعمل اختراعه.
إذا بوبوف أم ماركوني؟
كان بوبوف معاصرا لماركوني، لكن الرجلان طورا أجهزتهما الإذاعية بشكل مستقل ودون معرفة بعمل الآخر، وتقول إيطاليا إن مواطنها هو أول من اخترع الراديو، بينما تقول روسيا أيضا إن بوبوف يستحق هذه الريادة ولا تزال تحتفل بيوم 7 مايو باعتباره اليوم الذي أُعلن فيه الاختراع الرائد.
من مخترع الراديو؟
أحد أسباب حصول ماركوني على الفضل، والاعتراف به على مستوى العالم بأنه مخترع الراديو، هو أنه كان أكثر ذكاءً من بوبوف بشأن الملكية الفكرية، من أفضل الطرق للحفاظ على مكانتك في التاريخ هو تأمين براءة الاختراع ونشر نتائج البحث في الوقت المناسب، ولم يفعل بوبوف أيا من ذلك.
لم يسعى بوبوف أبدا أيضا للحصول على براءة اختراع لكاشف البرق الخاص به، وفي النهاية تخلى عن حقه في اكتشاف الراديو ليحول انتباهه إلى موجات رونتجن المكتشفة حديثا، والمعروفة أيضا باسم الأشعة السينية.
من ناحية أخرى، تقدم ماركوني بطلب للحصول على براءة اختراع بريطانية عن عمله وسرعان ما جمع رأس المال لتسويق نظامه، وأسس مشروعا صناعيا ضخما، وأصبح معروفا في العالم كله كمخترع الراديو، باستثناء روسيا.
على الرغم من أن بوبوف لم يسع أبدا إلى تسويق الراديو الخاص به إلا عمل على ابتكار آخر وهو كاشف الصواعق، وفي يوليو 1895، ركب أول كاشف للصواعق في مرصد الأرصاد الجوية التابع لمعهد الغابات في سانت بطرسبرج، وفي غضون عدة سنوات، كانت شركة هوسر فيكتور لصناعة الساعات في بودابست تصنع أجهزة كشف الصواعق بناءً على عمل بوبوف، ثم وجد جهازه طريقا إلى جنوب إفريقيا.
في المقابل، واصل ماركوني على مدى العقدين التاليين تحسين اختراعاته، وجرب البث على الموجات القصيرة واختبار مسافات الإرسال على متن يخته الذي يبلغ وزنه 700 طن، وحين وفاته عام 1937 بثت محطات إذاعية في أمريكا وإنجلترا وإيطاليا عدة دقائق من الصمت تكريما له.