مسبار الأمل – الإمارات تضع قدمها على المريخ
مسبار الأمل - الإمارات تضع قدمها على المريخ

أثناء ما يعرف بالخلوة الوزارية للحكومة الإماراتية عام 2014م، ولدت فكرة مسبار الأمل. ولاحقًا تطوّرت هذه الفكرة وأخذت شكل خطة إستراتيجية هدفها وضع صورة متكاملة عن الغلاف الجوي للمريخ ودراسة التغيرات المناخية اليومية والموسمية للكوكب، وذلك ضمن مشروع علميّ رائد وعملاق يحمل اسم “مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ“، لتطوير القدرات العلمية والتكنولوجية لدولة الإمارات وتقليل اعتماديتها على النفط.

تكلّف “مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ”، قرابة 200 مليون دولار، وتم الإعلان عنه أول مرة عام 2014م، قبل أن يتم إطلاق البرنامج الوطني الإماراتي للفضاء عام 2017م، الذي تعاون مع مؤسسات بحثية أمريكية من أجل إنجاز مرحلة التطوير في مسبار الأمل.

 

رحلة مسبار الأمل نحو المريخ

استغرق فريق العمل على مشروع مسبار الأمل، مدة 7 سنوات مكثفة في تصميم المسبار وبنائه وبرمجته وتطويره، وخلال عدد من المراحل التي سيأخذها المسبار، سيتحدّد مصير كل هذا المجهود الدؤوب. فيما يلي نستعرض مراحل رحلة المسبار حتى المريخ.

مسبار الأمل
مسبار الأمل

مرحلة الإطلاق

من هذه المرحلة نتعرف متى انطلق مسبار الأمل و من اين انطلق مسبار الأمل. فقد انطلق مسبار الأمل في يوم 20 يوليو من العام 2020م. وتم إطلاقه من القاعدة اليابانية “تناجاشيما”، محمولاً على متن الصاروخ (H2A)، وبحمولة وقود تبلغ 800 كيلوجرام. وكانت مرحلة الإطلاق هذه هي المرحلة الأولى ضمن عدّة مراحل لابدّ أن يجتازها المسبار بنجاح.

 

مرحلة العمليات المبكّرة

وغالبًا تخصّص هذه المرحلة للاختبار والتطوير.

 

مرحلة الملاحة في الفضاء

تعتبر هذه المرحلة هي الأطول زمنيًا – استغرقت 7 أشهر-، حيث قام مسبار الأمل بثلاث مناورات دقيقة، ليأخذ مساره الأكثر دقة ليصل إلى وجهته، وذلك عبر رحلةٍ طولها 493 مليون كيلومتر تقريبًا، ومتوسّط سرعة 121 ألف كيلو متر في الساعة، وذلك ضمن هامش مخاطرة عالٍ للغاية، إذ كانت فرصة نجاح المسبار في دخول مدار المريخ لا تتجاوز 50%.

 

مرحلة مدار الالتقاط

قبل نصف ساعة من وصول مسبار الأمل إلى مدار الالتقاط، وتحديدًا في الساعة 7:30 مساءً بتوقيت دولة الإمارات، بدأ المسبار في تشغيل 6 محركات للدفع العكسي (دلتا في)، وذلك وفق برمجته المسبقة لإبطاء سرعته من من 121 ألف كيلومتر إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة، لكيلا يتجاوز كوكب المريخ.

وفي عملية استمرت 27 دقيقة عُرفت باسم “الدقائق العمياء”، أحرق المسبار نصف حمولته من الوقود، نجح مسبار الأمل في الانتظام على مدار الالتقاط المحدّد حول المريخ الساعة 7:57 مساءً، ووصلت أول إشارة منه إلى المحطة الأرضية في الخوانيج  في دبيّ في الساعة 8:08 مساء الثلاثاء 9 فبراير 2021م بتوقيت الإمارات.

كان المسبار تم تجهيزه لمعالجة كل التحديات المتوقعة والأعطال الفنية المحدودة، بطريقة ذاتية عبر البرمجة المسبقة، وهو ما كان سيشكّل نتائجه المصيرية. ومع نجاحه في الدخول إلى مدار الالتقاط، صار بإمكان فريق المحطة الأرضية الاتصال بالمسبار وفحص مكوناته والتأكد من صلاحيتها، كما صار بإمكان المسبار أن يبدأ في إرسال البيانات عن مناخ المريخ وغلافه الجوي.

 

كيف سيقوم مسبار الأمل بمهمته؟

وفق الخطة الزمنية، من المقرّر أن تستغرق مهمة مسبار الأمل سنة مريخية كاملة كحدّ أدنى (تعادل 687 يومًا أرضيًا)، وذلك حتى أبريل 2023م، وقد تطول هذه المدّة سنة مريخية إضافية في حال احتاج الأمر إلة جمع بيانات أكثر عن المريخ.

كوكب المريخ وأمامه مسبار الأمل
كوكب المريخ وأمامه مسبار الأمل

يستعين مسبار الأمل في مهمته تلك، بثلاثة أجهزة علمية مبتكرة، لديها القدرة على نقل صورة كليّة عن مناخ الكوكب الأحمر والطبقات المختلفة لغلافه الجوي، وهو ما سيوفّر للجهات العلمية حول العالم فرصًا جيّدة لفهم التغيّرات المناخية للمريخ وتآكل غلافه الجوّي بشكل أعمق، وذلك عبر المرحلتين الباقيتين من مهمة المسبار.

 

مرحلة الانتقال إلى المدار العلمي

تبدأ مرحلة انتقال المسبار إلى المدار العلمي عبر مجموعة عمليات توجيهية لمسار المسبار، لدفعه إلى هذا المدار بأمان ونجاح، ثم يلي ذلك عمليات رصد لموقعه بدقّة للتأكد من استقراره في الموضع الصحيح، وتستغرق عمليات المعايرة الشاملة لأنظمة المسبار قرابة 45 يومًا.

اختار الفريق العلمي للمسبار مدارًا بيضاويًا أعلى خط الاستواء المريخي، يتراوح بين 20 إلى 43 ألف كيلومتر، وتكتمل دورة المسيار كاملة كل 55 ساعة، للحصول على صورة متكاملة لمناخ المريخ.

 

المرحلة العلمية

تبدأ هذه المرحلة الأخيرة من مهمة المسبار في شهر أبريل 2021م. خلال هذه المرحلة، يتواصل المسبار مع المحطة الأرضية بمعدّل مرتين إلى ثلاث مرتين أسبوعيًا، تستغرق كل مرة من 6 إلى 8 ساعات، مع هامش تأخير 11:22 دقيقة ناتج عن بُعد المسافة. خلال هذا الاتصال يرسل فريق التحكم أوامره إلى المسبار، ويستقبل منه البيانات العلمية.

 

السباق الأرضي نحو المريخ

بوصول مسبار الأمل إلى كوكب المريخ، تعتبر دولة الإمارات خامس دولة في العالم، وأول دولة عربية تنجح في وضع مسبار فضائي تابع لها على مدار حول كوكب المريخ.

كوكب المريخ
كوكب المريخ

يأتي هذا الإنجار ضمن سباقٍ دوليٍ تشترك فيه الصين ووكالة ناسا الأمريكية، وبهذا تعتبر الإمارات ثالث دولة تنجح في الوصول إلى مدار كوكب المريخ من المحاولة الأولى.