مسيرة محمد صلاح – إلى أين يتجه محطم الأرقام القياسية؟

محمد صلاح نجم مصري سطع نجمه في عالم كرة القدم، وحقق إنجازات لم يسبقه إليها أي لاعب مصري. فمن هو؟ وكيف كانت مسيرته؟ ما الذي ميزه في الملعب؟ وماذا يُتوقع منه مستقبلًا؟

محمد صلاح في سطور

ولد محمد صلاح بقرية نجريج التابعة لمركز بسيون بمحافظة الغربية، في 15 يونيو 1992م.

• أفضل لاعب مصري.
• أفضل لاعبي فريق ليفربول.
• أفضل لاعبي الدوري الإنجليزي.
• أفضل لاعبي العالم في مركز الجناج الأيمن.
• أغلى لاعبي العالم بعد الفرنسي مبامبي والبرازيلي نيمار.
• ثاني أغلى لاعب في العالم من مواليد 1992 بعد البرازيلي نيمار.

الأندية التي لعب لها صلاح

• لعب في ناشئي “المقاولون العرب”، وصعد إلى الفريق الأول قبل أن يتم 20 عامًا.
• انتقل إلى نادي بازل السويسري في 1 يوليو 2012م.
• انتقل إلى نادي تشيلسي الانجليزي في يناير 2014م.
• أعير لنادي فيورنتينا الإيطالي في الفترة من فبراير 2015 وحتى نهاية يونيو 2015م.
• أعير لنادي روما الإيطالي قبل أن ينتقل إليه بشكل نهائي في أوائل يوليو 2016م.
• انتقل إلى ليفربول الإنجليزي في أول يوليو 2017م، ولا يزال يلعب فيه إلى الآن.

سعر محمد صلاح في سوق اللاعبين

وصل سعر محمد صلاح قرابة 120 مليون جنيه إسترليني، وهو ثالث أغلى لاعب في العالم الآن بعد الفرنسي مبامبي (180 مليون إسترليني)، ونايمار (128 مليون استرليني)، ويشاركه في نفس المرتبة زميله في ليفربول ساديو مانيه.

هذا السعر ليس هو الأعلى لصلاح؛ فقد سبق أن وصل سعره إلى 150 مليون إسترليني من نهاية مايو 2018م وحتى 10 ديسمبر 2019م، قبل أن يتراجع إلى 120 جنيه إسترليني،

أرقامه وإنجازاته في الدوري الانجليزي[1] وغيره

• هداف الدوري في موسمي 2018 و2019.
• أفضل لاعب في موسم 2018.
• أفضل لاعب في شهور: نوفمبر 2017، فبراير 2018، مارس 2018.
• ظهر في 134 مباراة في الدوري الإنجليزي مع تشيلسي وليفربول.
• مع تشيلسي لم يحرز إلا هدفين في موسم 2014.
• فاز بالدوري الإنجليزي مع ليفربول موسم 2015 (شارك في نصف الموسم فقط).
• فاز بالدوري الإنجليزي مع ليفربول موسم 2020.
• فاز في 96 مواجهة وخسر في 13 أخرى.
• أحرز 32 هدفًا في موسم 2017 – 2018.
• أحرز 22 هدفًا في موسم 2018 – 2019.
• أحرز 19 هدفًا في موسم 2019 – 2020.
• حتى يومم 27 ديسمبر 2020، أحرز 13 هدفًا في موسم 2020 – 2021.
• وبهذا يكون مجموع ما سجل في الدوري الإنجليزي 88 هدفًا.
• نسبة التسجيل في كل مبارة 0.66.
• أحرز 5 أهدف بالرأس.
• أحرز 11 هدفًا بقدمه اليمنى.
• أحرز 72 هدفا بقدمه اليسرى.
• أحرز 12 هدفًا من ركلات جزاء.
• صنع 32 هدفًا لزملائه.
• مرر 3 آلاف و725 تمريرة صحيحة، بمعدل 27.8 تمريرة في المباراة الواحدة.
• بالإضافة إلى ذلك حصد كأس إنجلترا مع فريق تشيلسيي موسم 2015.
• حصل على دوري أبطال أوروبا مع ليفربول عام 2019.
• حصل على كأس العالم للأندية مع ليفربول عام 2019.
• بلغ مجموع تسديداته 483 تسديدة، منها 222 تسديدة ذهبت باتجاه المرمى، وبالتالي فدقة تسديداته تصل إلى 0.46%
• أحسن لاعب في إنجلترا موسم 2017 – 2018.
• أحسن لاعب في سويسرا موسم 2012 – 2013.
• أحسن لاعب في بطولة كأس العالم للأندية عام 2019.

حضوره مع المنتخب المصري

• شارك مع منتخب مصر للشباب في كأس إفريقيا عام 2011 وحصد المركز الثالث.
• شارك مع منتخب مصر للشباب في كأس العالم 2011.
• شارك مع المنتخب الأوليمبي في أوليمباد لندن 2012.
• شارك مع المنتخب المصري في بطولتي كأس أمم إفريقيا عام 2017 و2019.
• شارك مع المنتخب المصري في كأس العالم في روسيا 2018.
• أحسن لاعب في إفريقيا عامي 2017 و2018.

 

نوع المشاركة	عدد المباريات	تسجيل أهداف	صناعة أهداف	زمن المشاركات بالدقيقة
مباريات ودية	23	10	8	1657
تصفيات أمم إفريقيا	19	14	6	1685
تصفيات كأس العالم	13	11	6	1170
كأس أمم إفريقيا	10	4	2	910
كأس العالم	3	2	0	120
المجموع	67	41	22	5602

منتخب الشباب والمنتخب الأوليمبي

على مستوى المشاركات الدولية، كان محمد صلاح حاضرًا ومؤثرًا على كافة الأصعدة. فمع منتخب الشباب شارك في كأس إفريقيا وصعد إلى الدور نصف النهائي قبل أن يخسر في الدور قبل النهائي، ويفوز ببطاقة التأهل إلى كأس العالم للشباب عقب الفوز على مالي في مباراة تحديد المركز الثالث.

 

سافر صلاح مع منتخب الشباب إلى كولومبيا للمشاركة في بطولة العالم، وصعد إلى الدور ثمن النهائي، قبل أن تخرج مصر على يد الأرجنتين بنتيجة 2-1، أحرز وقتها صلاح هدف مصر. كانت مصر قد نجحت في التعادل مع البرازيل في الدور الأول بهدف لكل منهما، ومن ثم فقد اعتاد صلاح على مواجهة الكبار، وهو في العشرين من عمره.

التجربة الأخرى هي الوصول إلى دورة الألعاب الأوليمبية في لندن مع المنتخب الأوليمبي، تحت قيادة المدير الفني هاني رمزي. هناك زاملَ محمد صلاح الكبار. لعب بجوار أبوتريكة وأحمد فتحي وعماد متعب، وأبلى صلاح بلاءً حسنًا وأحرز 3 أهداف، لكن مشوار الفراعنة توقف في دور الثمانية عقب الهزيمة من اليابان[2].

صلاح وكأس العالم للكبار

مع الأمريكي برادلي الذي تولى قيادة المنتخب الأول، صار صلاح لاعبًا أساسيًا في تشكيل المنتخب، وصنع مع النجم محمد أبوتريكة ثنائيًا فعالًا، لكن لم يسعفهما الحظ للتأهل للمونديال. ففي التصفية الأخيرة خسرت مصر من غانا بنتيجة ثقيلة 6-1، ليترك أبوتريكة، صلاح وحيدًا. لقد شارك أبو تريكة في 3 تصفيات لكأس العالم، وحان وقت الاعتزال، لعل رفيقه الصغير “صلاح” يكمل المسيرة.

كان الإخفاق في الصعود لكأس العالم 2014، نهاية لما تبقى من جيل الكابتن حسن شحاتة، الذي أحرز 3 بطولات لكأس الأمم الإفريقية، لكنه لم يستطع تحقيق حلم الوصول إلى المونديال. بالطبع لم يكن خلفاء هذا الجيل على نفس القدر من المهارات والإمكانيات الفنية، لكن من يدري؛ فلعل الخير يتأتي على يد صلاح ورفاقه.

 

قاد صلاح المنتخب للتأهل إلى كأس العالم في روسيا، وفي 6 مواجهات نجح صلاح في تسجيل 5 أهداف حاسمة، من مجموع 8 سجلها المنتخب المصري، لتصعد مصر إلى كأس العالم بعد غياب دام 28 عامًا.

في روسيا، حضر صلاح مع المنتخب وهو يعاني من إصابة في كتفه الأيسر، بعدما اشتبك معه راموس في نهائي دوري أبطال أوروبا، ولم يتركه إلا وهو محمول خارج الملعب مصابًا، كانت هذه الوسيلة الأنجع لإيقاف صلاح وقتها.

 

غاب صلاح عن المباراة الأولى التي خسرها المنتخب أمام أورجواي، وحضر في مباراة روسيا وأحرز هدف مصر الوحيد، وعاد للتسجيل في المباراة الأخيرة أمام السعودية. خرجت مصر من الدور الأول، وليس ثمة إنجاز حققته باستثناء هدفي صلاح، ليصنع تاريخًا يُهيل به التراب على هدف مجدي عبد الغني في كأس العالم 1990.

 

صلاح وكأس الأمم الإفريقية

أما عن كأس الأمم الإفريقية، فقد شارك صلاح مع المنتخب في مناسبتين. الأولى في 2017، وكان اللقب قاب قوسين أو أدني من المنتخب لولا الخسارة من الكاميرون في الدقائق الأخيرة في المباراة النهائية. كان أداء المنتخب غير مقنع على الإطلاق، لكن لا ينطبق هذا على صلاح، لقد كان اللاعب الأهم والأبرز، ونجح في التسجيل في مناسبتين.

 

المشاركة الثانية في كأس الأمم كانت عام 2019م، في البطولة التي استضافتها مصر، وحلمت الجماهير بتكرار الفوز باللقب كما فعل حسن شحاتة عام 2006، وكما فعل مايكل سميث عام 1986 في جيل الخطيب وطاهر أبو زيد. لكن للأسف لم تكن إمكانات اللاعبين تسمح، وتوقف مشوار الفراعنة عند دور الـ 16، وخرجت مصر بعد الهزيمة من جنوب إفريقيا، لكن صلاح أثبت حضوره، وسجل هدفين في الدور الأول.

 

كيف تحققت كل هذه النجاحات؟

تدفعنا الإنجازات التي حققها صلاح إلى التنقيب عن الأسباب التي تكمن وراء وصوله إلى هذا المستوى غير المسبوق لدى لاعبي مصر، ولعل السطور التالية تبرز لنا طرفًا منها:

 

تجنب الوقوع في فخ الأهلي والزمالك

بعد أن لمع نجم صلاح بسنوات يمكننا أن نقول إن أحد أسباب نجاح صلاح وتألقه في عالم الاحتراف، أنه لم ينضم يومًا إلى ناديي القمة الأهلي والزمالك، ويمكننا أن نفهم ذلك بالنظر إلى لاعبي الأهلي والزمالك الذين احترفوا في أوروبا ثم عادوا سريعًا إلى مصر.

 

يمثل الاحتراف عبر بوابتي الأهلي والزمالك – غالبًا – عقبة لمن يريد النجاح في أوروبا، وذلك لعدة أسباب؛ أولها رفض ناديي القمة أن يحترف نجومهم في أندية أوربا ابتداءً، وفي حالة الموافقة على احترافهم يطالبون بمقابل مادي مبالغ فيه أحيانًا، مما يُعطل كثيرًا من الصفقات، وأخيرًا في حالة انتقال اللاعب بالفعل، كثيرًا ما يجد إغراءات من أجل العودة واللعب في مصر ثانية، كل هذه المعوقات من جهة النادي، ناديي القمة تحديدًا.

 

أما من جهة اللاعب الذي يحترف عبر الأهلي والزمالك، وهي أندية ذات شعبية وجماهيرية غالبًا لا تتوافر في الأندية التي يحترف فيها هؤلاء اللاعبين، كما أن الظروف المحيطة بممارسة كرة القدم تختلف اختلافًا جذريًا عن مصر، حالة من الجدية والصرامة التامة، وكثيرًا ما لا يتكيف معها اللاعب، لاسيما أن لم يعتد على هذا في مصر، وبالتالي فاحتمالية إخفاق اللاعب المصري في الاحتراف، تزداد إن كان بوابته إلى أوروبا عبر الأهلي والزمالك. يكفي أن نضرب مثالا بما حدث مع رمضان صبحي.

 

أما صلاح، فكأن العناية الإلهية أنقذته من اللعب مع أي من ناديي القمة. قيل إن صلاح عُرِض على ممدوح عباس – الرئيس لسابق لنادي الزمالك- لينضم إلى صفوف النادي، إلا أن الأخير رفض بزعم أن مستوى صلاح لا يؤهله ليرتدي القميص الأبيض.

 

السير المدلل والمركز الأول

من لي بمثل سيرك المدللِ *** تمشي رويدا وتجي في الأولِ

بيت مشتهر في التراث العربي، للتعبير عن حالة من يمشي بهدوء، لكن خطواته ثابتة لا تتوقف، وبمرور الوقت ومع الاستمرارية يصل صاحبنا إلى القمة بجدارة. هذا ما فعله صلاح بالفعل، لم نستيقظ بين يوم وليلة لنجد صلاح أفضل لاعب في إفريقيا، أو نجده يحمل كأس دوري أبطال أوربا، لا لم يفعل صلاح هذا.

لقد بدأ صلاح في الظهور على استحياء من خلال لعبه مع الفريق الأول لنادي المقاولون في الدوري العام، وفي الوقت نفسه بدأ يلمع مع منتخب الشباب، ثم سافر واحترف في هدوء بعيدًا عن الضجيج الملازم لاحتراف مشاهير الأهلي والزمالك. لم ينتقل إلى أقوى دوريات أوروبا ولا إلى أقوى نادي في العالم، بل انتقل إلى دوري متوسط المستوى، ولفريق قوي في هذا الدوري، انتقل إلى بازل. ولم يضيّع صلاح الفرصة، وأسهم في فوز ناديه بالدوري، وشارك معه في دوري أبطال أوروبا وهز شباك تشيلسي اللندني مرة وثانية وثالثة وهو يرتدي قميص بازل بطل سويسرا، إلى أن أكمل مسيره نحو أقوى دوريات العالم، الدوري الإنجليزي مرورًا بالدوري الإيطالي.

 

بين ميدو “العالمي” وصلاح

في نهاية موسم 1999 – 2000 شارك لاعب يُدعى أحمد حسام في أخر مباريات الدوري لنادي الزمالك أمام الألومنيوم، بعدها بمدة صغيرة نشرت الأخبار عن هروب ناشئين من نادي الزمالك، هما جمال سعيد حمزة، وأحمد حسام وشهرته ميدو، وبعدها عاد جمال حمزة لصفوف نادي الزمالك.

 

فوجئت جماهير الكرة المصرية باستدعاء الجنرال محمود الجوهري مدرب المنتخب لهذا اللاعب الشاب الذي لم يبلغ عمره 18 عامًا للمشاركة في مباراة ودية قبل مباراة المغرب المرتقبة في تصفيات كأس العالم 2002، وهنا لمع اسم ميدو لاعب جنت البلجيكي وقتها. بعد ذلك، انتقل ميدو لأياكس أمستردام أكبر أندية هولندا، وأكمل ميدو مسيرة التنقلات السريعة، إلى مارسيليا الفرنسي ثم إلى روما الإيطالي فتوتنتهام الانجليزي، ثم عدة أندية في إنجلترا قبل أن يعود إلى نادي الزمالك، ويعلن اعتزاله للكرة في وقت مبكر. لم يكن أشد المتشائمين يتوقع أن يرحل ميدو عن الملاعب في هذا العمر المبكر، فماذا يقول ميدو الآن عن نفسه وعن تجربته؟ ولماذا نذكره الآن ونحن نتحدث عن صلاح؟!

 

يذكر ميدو أنه تضرر بشدّة من كثرة الانتقالات. لم يكن سهلًا على اللاعب الشاب أن ينتقل من هولندا مع أياكس ليرحل للعب إلى مارسيليا، انتقال من مناخ كروي إلى أخر، ومن لغة إلى أخرى، كل هذا أثر عليه بالسلب. علاوة على هذا يذكر ميدو أن معظم قراراته في الانتقال من نادٍ إلى آخر كانت خاطئة ومتسرعة، لقد رحل ميدو من إياكس ورئيس النادي يلح عليه ألا يفعل، وأن يمكث موسمًا أخر لكن ميدو لم يفعل.

رحل ميدو إلى مارسيليا الفرنسي وكوّن مع العاجي ديديه دروجبا أحسن ثنائي هجومي في أوروبا. رحل دروجبا إلى تشيلسي الإنجليزي مما يزيد من حظوظ ميدو في اللعب والمشاركة، لكنه ورغم إلحاح رئيس نادي مارسيليا ألا يرحل ذهب إلى روما، وكرر فعلته ثانية أو ثالثة بمعنى أدق عندما رحل من توتنهام، رغم أهدافه المؤثرة في النادي.

 

كل ما ذكره من مشكلات عن نفسه أثرت على أدائه ونجاحاته وكانت سببًا في توقف مسيرته وانتهائها مبكرًا؛ كل هذا كان محمد صلاح على النقيض منه دائمًا، كان صعود صلاح تدريجيًا، بعيدًا عن القرارات المتسرعة والفجائية كما كان يفعل ميدو باعترافه.

 

لم يوفق صلاح مع تشيلسي وانتقل إلى ناديين أٌقل منه نسبيًا؛ فيورنتينا ثم روما، إلا أن هذا لم يضعف من عزيمته أن ينجح وأن يواصل، حتى انتقل إلى ليفربول، وهو بالمناسبة ليس أقوى أندية إنجلترا في السنوات الأخيرة قبل انتقال صلاح، وصعد صلاح بناديه ليفربول إلى مستويات أعلى، ونجح في الفوز بكبرى البطولات.

 

مهارات صلاح الفنية

بعد الحديث عن مسيرة صلاح، على مستوى الأندية والمنتخبات، دعونا نُلقي نظرة على المهارات والإمكانات الفنية، التي مكَّنت صلاح من الوصول إلى ما وصل إليه من نجاحات فردية وجماعية.

 

التسديد من مناطق وزوايا مختلفة

تتميز تسديدات صلاح بدقة عالية، من مسافات مختلفة. لو شاهدت أهداف صلاح لوجدته يحرز من زوايا مختلفة ومسافات متعددة، بداية من منطقة الياردات الست، إلى التسديد من خارج المنطقة، من وضعَي الحركة والثبات، بباطن القدم ووجهه. ولا ننسى هدف صلاح في مرمى مانشستر سيتي، حين استغل تقدم الحارس وسدد الكرة في المرمى الخالي من مسافة بعيدة للغاية.

 

التحرك بدون كرة طوليًا وعرضيًا

وفق طريقة اللعب التي ينتهجها يورجن كلوب المدير الفني لنادي ليفربول، ففي أغلب الاحيان يعلب صلاح في الناحية اليمنى، وهو أقرب لموقع المهاجم منه للاعب خط الوسط. يلعب ليفربول بـ 3 لاعبين في الخط الأمامي، هم غالبا صلاح وفرمينو ومانيه.

 

من المهارات التي يتقنها صلاح، التحرك بدون كرة سواء داخل منطقة الجزاء أو خارجها، يستطيع بسهولة أن يتحرك من أقصى الطرف إلى العمق، ويتحول كرأس حربة صريح، ويهدد المرمى كثيرًا، وكلما ازداد تهديدًا ازداد تسجيلا.

 

كذلك يستطيع صلاح أن يتحرك بدون كرة بطريقة طولية، فيتحرك من وسط الملعب إلى الثلث الأخير. هدف صلاح الثاني في مرمى روما في مباراة قبل النهائي في دوري أبطال أوروبا عام 2018 مثال على ذلك. تحرك بدون كرة في اتجاه المرمى، تلقى تمريرة فرمينيو، وسجل الكرة، لقد تبادل مع فيرمينو المراكز، فصار هو رأس الحربة وصار فرمينو صانع الألعاب.

 

الجرأة والشجاعة وسرعة رد الفعل أمام المرمي

من الصعب أن يصل لاعب إلى تسجيل كل هذا الكم من الأهداف دون أن يكون شجاعًا وجريئًا، والشجاعة هنا تظهر في اتخاذ القرار بالتسديد في أوقات غير متوقعة، أو المراوغة في حالة يكون فيها تمرير الكرة إلى مهاجم أخر أنسب وأسهل.

 

أحيانًا، لا يجد صلاح إلا مدافعًا واحدًا يفصله عن الانفراد بالمرمى، فيلجأ إلى المراوغة ويجد نفسه منفردًا ليسجل. هذا نمط معروف لصلاح، ومعروف لخصومه، ومع ذلك لم ينجحوا في إيقافه.

 

قوة الالتحام

مما اعتنى به صلاح في مشوار صعوده هو الاهتمام بتطوير بنيته، وتوظيف ذلك في الالتحامات مع المدافعين. جعله هذا الأعلى كعبًا في كثير من المواقف داخل منطقة الجزاء. يظل محتظفًا بالكرة إلى أن تتاح له فرصة للتسديد في اتجاه المرمى، وكذلك اقتناص الكرات العرضية، وأحيانًا الضغط على الخصم وافتكاك الكرة منه.

 

سرعة الجري بالكرة

يتميز صلاح بسرعة فائقة في الجري بالكرة. لو نظرنا إلى قدمي صلاح وهو يجري، قطعًا سنتذكر العدائين وسرعاتهم الفائقة في المسابقات الأوليمبية. ربما يكون هدفاه في مرمى اليوفتنوس بقميص فيورنتينا، وفي مرمى الأرسنال بقميص ليفربول أبرز الأمثلة على ذلك. في الأول استلم الكرة في ثلث ملعب فريقه، وجرى بالكرة وكأنه في سباق إلى أن دخل منطقة الجزاء وسدد الكرة بقوة في الاتجاه المعاكس لحركته، ولم يستطع الحارس صدها بالطبع. وفي الثاني انفرد من قبل خط المنتصف، وظل يجري بالكرة بسرعة كي لا يلحقه أحد، وبثبات كي لا يعرقله أي مدافع، إلى أن انفرد بالحارس التشيكي المخضرم بيتر تشيك، وأودع الكرة بباطن قدمه، مسجلا هدفًا رائعًا.

 

المتابعة المستمرة

مما يميز “مو” التركيز الشديد داخل منطقة الجزاء. عدد لا بأس به من الأهداف التي أحرزها كانت نتيجة متابعة لتسديدة أحد زملائه اصطدمت بالعارضة أو القائم فيردها هو داخل الشباك، أو كرة تتهادي إلى المرمى فيؤكدها هو قبل أن ينقذها المدافع.

 

مستقبل مو صلاح

الموسم الحالي هو الموسم الرابع لـ”مو” مع فريق ليفربول. لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن يصل صلاح إلى هذا المستوى وهذه الإنجازات. لقد وصل صلاح إلى القمة، ونجح في الاستمرار لفترة طويلة نسبيًا في عرف كرة القدم.

عندما سُئل ميدو عما يراه الأفضل لمحمد صلاح بعد أدائه الرائع في موسمه الأول مع ليفربول، وما إذا عُرض عليه الانضمام إلى فريق ريال مدريد؛ جاءت إجابة ميدو كالتالي: “أنصح صلاح بالانتقال إلى ريال مدريد، الجمهور الإنجليزي لا يرحم، لو سجل صلاح 20 هدفًا في الموسم القادم، وهو رقم كبير سيعتبر جمهور ليفربول أن مستوى صلاح قد انخفض، لأنهم سيقارنونه بما فعل في موسمه الأول”. فما الذي حدث؟

 

لقد ظل صلاح على القمة في الموسم الثاني، ونال لقب هداف الدوري للمرة الثانية، ونجح فيما أخفق فيه في موسمه الأول، وفاز بدوري الأبطال، وأكمل مسيرته الرائعة وأحرز مع ليفربول الدوري الإنجليزي في موسمه الثالث مع الفريق، وخلّد صلاح اسمه كلاعب من أعظم لاعبي ليفربول في التاريخ. ثم ماذا؟

 

لقد جدد صلاح عقده في 2018 لمدة 5 سنوات، ليستمر حتى منتصف 2023م. لكن مؤخرًا ثمة أقاويل حول رحيل صلاح إلى أحد قطبي الكرة الإسبانية ريال مدريد أو برشلونة، مع حديث عن صعوبة التجديد من قبل ليفربول مع اللاعب الذي يبلغ راتبه الأسبوعي 200 ألف استرليني، وعلى الرغم من الإسهامات التي يقدمها صلاح مع النادي، إلا أن النادي قد يفكر في بيعه في مقابل الحصول على مقابل يمكّنه من عقد صفقات جديدة للنادي، مع بوادر لامتعاض صلاح من بعض قرارات يورجن كلوب في الفترة الأخيرة.

 

الحقيقة أن سيناريوهات المستقبل بالنسبة إلى صلاح متعددة، منها البقاء مع ليفربول أو الرحيل عنه إلى نادٍ أخرى في إنجلترا أو خارجها، في إسبانيا أو إيطاليا مثلا، لكن لا شيء يضمن استمرار نجومية صلاح وتألقه إلا إصراره على النجاح والجدية في التدريب، وعدم الانغماس في المشاكل التي يثيرها الإعلام وغيره من المعوقات الخارجية. هذا فقط ما يضمن لصلاح أن يكمل مسيرته فائقة النجاح.