يعتبر اضطراب التوحد والأسبرجر من الاضطرابات النفسية الشائعة التي تؤثر على النطاق الواسع من الحياة اليومية، ويشملان صعوبات في التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي والاهتمامات المحدودة. ورغم أن الاثنين يشتركان في هذه الصعوبات، إلا أنهما يختلفان في بعض النقاط، مما يجعل من الصعب على البعض التفريق بينهما.

ويعد اضطراب التوحد والأسبرجر من الاضطرابات التي لا تظهر بشكل واضح في المظهر الخارجي للشخص المصاب بهما، ولكنها تؤثر بشكل كبير على سلوك وتفاعل الشخص مع الآخرين والبيئة المحيطة به. ومن هذا المنطلق، يعتبر فهم هذين الاضطرابين والتمييز بينهما أمرًا مهمًا للغاية في التشخيص والعلاج.

وبالنظر إلى الزيادة الملحوظة في حالات التوحد والأسبرجر في العقود الأخيرة، فإنه يجب علينا جميعًا فهم هذه الاضطرابات وتعزيز الوعي بأعراضها وأسبابها وعلاجها، والعمل على تقديم الدعم والمساعدة للأشخاص المصابين بها وعائلاتهم.

ما هو الفرق بين التوحد والاسبرجر

التوحد والأسبرجر (Asperger’s) هما اضطرابان في التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي، لكنهما يختلفان في بعض النقاط.

التوحد هو اضطراب التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي والتعلم الاجتماعي الذي يؤثر على النطاق الواسع للحياة اليومية. يمكن أن يظهر الأشخاص المصابون بالتوحد صعوبة في التواصل مع الآخرين، والتفاعل الاجتماعي، وفهم العواطف والمشاعر، والتكيف مع التغييرات. كما يمكن أن يكون لديهم اهتمامات محدودة وشديدة التركيز في مواضيع محددة.

أما الأسبرجر فهو نوع من اضطراب طيف التوحد، يصف بشكل عام الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في التواصل الاجتماعي والتفاعل الاجتماعي والاهتمامات المحدودة، ولكنه يختلف عن التوحد في عدة نواحي. فمن بين الفروق الرئيسية، يتميز الأسبرجر بتأخر في تطوير المهارات الاجتماعية ولغة واضحة وسليمة. بينما يمكن أن تكون لدى الأشخاص الذين يعانون من التوحد مشاكل في استخدام اللغة وفهمها، بالإضافة إلى صعوبات في التواصل غير اللفظي والتفاعل الاجتماعي.

أعراض متلازمة أسبرجر عند الأطفال

تتضمن أعراض متلازمة أسبرجر عند الأطفال عدة صعوبات في التفاعل الاجتماعي والاتصال، ويمكن أن تظهر هذه الأعراض في السلوك والحركات والنطق والاهتمامات والأنشطة الروتينية للطفل. ومن بين الأعراض الشائعة لمتلازمة أسبرجر عند الأطفال:

  1. صعوبة في التواصل اللفظي وغير اللفظي: يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة أسبرجر من صعوبة في استخدام اللغة الجسدية، والإيماءات والنظرات العينية، والتعبير عن الاهتمام والانخراط في النشاطات الاجتماعية.
  2. الاهتمامات المحدودة والأنشطة المتكررة: يتميز الأطفال المصابون بمتلازمة أسبرجر بالتمسك بنشاطات وألعاب محددة، ويظهرون قدرًا محدودًا من الاهتمام بالأشياء الجديدة أو الغريبة.
  3. صعوبات في التعامل مع التغييرات: يصعب على الأطفال المصابين بمتلازمة أسبرجر التعامل مع التغييرات والمفاجآت، ويفضلون الاحتفاظ بروتين الحياة اليومية.
  4. الحساسية للحواس: يظهر الأطفال المصابون بمتلازمة أسبرجر حساسية زائدة للمؤثرات الخارجية مثل الضوضاء والأصوات العالية والضوء الزائد.
  5. صعوبة في التفاعل الاجتماعي: يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة أسبرجر من صعوبة في إقامة وتحافظ العلاقات الاجتماعية النمطية مع الآخرين، وغالبًا ما يبدون غير مهتمين بالتفاعل الاجتماعي.
  6. مشكلات في السلوك: يظهر الأطفال المصابون بمتلازمة أسبرجر مشاكل في السلوك، مثل الإصرار على الروتين والتكرار والتمسك بأنشطة معينة، والتفوه بكلمات أو جمل متكررة، وإيجاد صعوبة في فهم العواطف والمشاعر لدى الآخرين.

درجات متلازمة أسبرجر

ويجب الإشارة إلى أنه يمكن أن تظهر هذه الأعراض بشكل مختلف وبدرجات مختلفة من الشدة لدى الأطفال المصابين بمتلازمة أسبرجر. وبالإضافة إلى ذلك، قد يتأثر الأطفال المصابون بمتلازمة أسبرجر بصعوبات في التعلم والتعليم، وهذا يتطلب التعامل معهم بشكل مختلف في بيئات التعليم والتربية.

ومن الجدير بالذكر أنه يمكن تشخيص متلازمة أسبرجر بشكل رسمي بعد سن الثانية من العمر، وغالبًا ما يتم التشخيص بالاستناد إلى مجموعة من المعايير السلوكية والتطورية والطبية المعترف بها عالمياً. ومعالجة متلازمة أسبرجر تتطلب نهجًا متعدد الاختصاصات يشمل التدخل السلوكي والتعليمي والطبي والنفسي لتحقيق أفضل النتائج الممكنة للأطفال المصابين.

متلازمة أسبرجر والزواج

تعتبر متلازمة أسبرجر اضطرابًا يؤثر على العديد من جوانب حياة الأفراد، بما في ذلك العلاقات الاجتماعية والعاطفية، ومن بين هذه العلاقات الزواج. وعلى الرغم من أن الزواج يمكن أن يكون تحديًا للأشخاص المصابين بمتلازمة أسبرجر، إلا أن العديد منهم يتزوجون ويحققون علاقات ناجحة.

يمكن أن يؤثر تشخيص متلازمة أسبرجر على الشخصية والقدرات الاجتماعية للفرد، مما يجعله يواجه صعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين. ومن الصعب على الأشخاص المصابين بمتلازمة أسبرجر فهم بعض العواطف الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية، مما يؤثر على القدرة على بناء علاقات صحية وناجحة.

ولكن يمكن أن يساعد التعليم والتدريب على القدرات الاجتماعية والتفاعلية للأفراد المصابين بمتلازمة أسبرجر في تحسين قدرتهم على العلاقات الاجتماعية. ويمكن أن يساعد الدعم العائلي والتدخل المبكر في تحقيق نتائج إيجابية أيضًا.

الفهم الكامل لنجاح العلاقات الاجتماعية

بشكل عام، فإن نجاح العلاقات الاجتماعية والعاطفية للأفراد المصابين بمتلازمة أسبرجر يتطلب فهمًا عميقًا للاحتياجات الفردية والمهارات الخاصة بالشخص المصاب، بالإضافة إلى الصبر والتفهم والتعاون من جانب شريك الحياة. وعلى الرغم من أن الزواج يمكن أن يكون تحديًا للأفراد المصابين بمتلازمة أسبرجر، إلا أن العلاقات الناجحة ممكتكون قائمة على الصداقة والاحترام المتبادل والتواصل الجيد والتفاهم والتعاون والدعم المتبادل.

الاستفادة من التكنولوجيا

كما يمكن للأشخاص المصابين بمتلازمة أسبرجر الاستفادة من التكنولوجيا والوسائط الاجتماعية لتحسين قدراتهم على التواصل وبناء العلاقات الاجتماعية. فالإنترنت يوفر العديد من المنصات والمجتمعات التي يمكن للأشخاص المصابين بمتلازمة أسبرجر الانضمام إليها للتواصل مع الآخرين والتعرف على أشخاص آخرين يعانون من نفس الحالة.

ضرورة الحذر خلال التعامل على الانترنت

ولكن على الرغم من ذلك، يجب أن يكون الأشخاص المصابين بمتلازمة أسبرجر حذرين في التعامل مع الإنترنت والوسائط الاجتماعية، وعليهم التأكد من أنهم يتفاعلون مع المجتمعات والأشخاص الذين يدعمون ويفهمون حالتهم، والحرص على تفادي المواقف التي قد تؤدي إلى التعرض للانتهاكات أو الخطر.

وفي النهاية، يجب على الأفراد المصابين بمتلازمة أسبرجر وشركائهم في الحياة العمل بجد لبناء علاقات صحية وناجحة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الاستماع والتواصل الفعال، والبحث عن الدعم اللازم والتعلم والتطوير المستمر، وتحسين قدراتهم الاجتماعية والتواصلية، والعمل على تطوير الصداقة والمودة والاحترام في العلاقة.