خيري شلبي هو روائي مصري من مواليد محافظة كفر الشيخ وُلد في 31 يناير عام 1938 وتوفي في 9 سبتمبر عام 2011 عن عمر يناهز الثالثة والسبعين إثر إصابته بأزمة قلبية حادة في منزله بالقاهرة، بعد أن ترك ورائه تراثًا أدبيًا هائلًا يقدّر بحوالي 75 كتاب بعضها كان روايات وبعضها كان قصص قصيرة وأغلب رواياته كانت في الأدب الشعبي أو أدب الرحلات. وقد حصل خيري شلبي على العديد من الجوائز على مستوى الدولة آخرها كان جائزة الدولة التقديرية للآداب عام 2005، وقد ترشح للحصول على جائزة نوبل للآداب ولكنه لم يفز بها. في هذا المقال نقدم لك معلومات ومحطات من حياة الكاتب الراحل خيري شلبي.
نبذة عن خيري شلبي
لم يتلق الكاتب الراحل خيري شلبي تعليمًا جامعيًا حيث حصل على شهادة من معهد المعلمين فقط، وعمل في مهن كثيرة بسيطة حيث كان يعمل كـ”بائع سرّيح” في الشوارع يعرض بضاعته على المارة، وربما كان لتلك التجربة أثر كبير في أعماله ورواياته التي كتبها فيما بعد، حيث له مقولة شهيرة يصف فيها نفسه قائلًا: “ما أنا إلا حكواتي سريح، شرير ومجنون، ولو مكنتش عاقل مكنتش هابقى خيري شلبي”.
وقد عاش خيري شلبي في طفولته في إحدى قرى محافظة كفر الشيخ وكان لحياته القروية تأثير كبير على أعماله، حيث أخذت الكثير من رواياته طابع القرية والريف وخصوصًا أعماله الأولى. وقد عمل في بعض الأعمال والحرف اليدوية البسيطة وكان لذلك أثر واضح في روايته “العراوي”، أما الفترة التي ترك فيها قريته وذهب إلى القاهرة بحثًا عن العمل فكان كل ليلة يبحث عن مكان لينام فيه، وقد أعد لذلك كتاب مخصوص وهو “موال البيات والنوم” وهي رواية تحكي معاناته في شوارع القاهرة كل ليلة، وكيف كانت تلك المعاناة تربطه بالعديد من البسطاء والمهمشين الذين يهيمون ليلًا في القاهرة كل يوم، ولربما كان لتلك الفترة على الرغم من صعوبتها، فائدة كبيرة في مسيرته الأدبية حيث جعلت قصصه ورواياته قريبة من البسطاء ولذا فقد أطلق عليه البعض اسم “حكّاء المهمشين”.
خيري شلبي والتعبير عن المجتمع
عبّر خيري شلبي عن المجتمع بطرق مختلفة في رواياته، فقد عبّر عن الفترة التي كانت قبل ثورة 23 يوليو عام 1952 ووصف معاناة الفقراء والبسطاء في الريف المصري مع الإقطاعيين، ومعاناتهم أيضًا بعد الثورة وقد كان يستخدم مفردات منبثقة من قلب الريف المصري بحيث تجعل كل ما يقرأ هذه الروايات يشعر وكأنه انتقل إلى إحدى قرى مصر، مثل رواياته: “الأوباش”، “السنيورة”، “ثلاثية الأمالي”، “بغلة العرش”.
وعبّر خيري شلبي عن المجتمع من زواية الصعاليك والمهمشين وبنى عالمًا واقعيًا من أنسجة الخيال بحيث أن كل من كان يقرأ الرواية كان يشعر أنه في قلب الأزقة والمدقّات، وظهر ذلك واضحًا في روايته “وكالة عطية” التي يقال أن الكثير من القراء بعد أن قرأوها ذهبوا للبحث عن هذا المكان لأنهم شكوا أنه حقيقيًا من شدة واقعية الوصف الذي كان يستخدمه خيري شلبي.
ولم يغفل خيري شلبي عن قضايا الفساد التي كانت موجودة في المجتمع في بعض الفترات الزمنية، مثل فساد بعض الأشخاص بعد ثورة 23 يوليو الذين أرادوا الاستيلاء على خيرات وحقوق أشخاص غيرهم وقد ظهر ذلك في أكثر من رواية لخيري شلبي ومن بينهم “زهرة الخشخاش”، أما القساد المتعلق بتجارة المخدرات فقد تناوله خيري شلبي في رواية “نسف الأدمغة”.
خيري شلبي وعائلته
تحكي ريم ابنة خيري شلبي أنه عندما كان يكتب أي رواية جديدة فكان ينعزل عن كل المحيطين به لدرجة أنه يكاد يكون لا يشعر بوجودهم حوله، وفي إحدى المرات تعطلت سيارته في مكان بالقرب من المقابر فأعطى السيارة لميكانيكي هناك وجلس على قهوة ينتظر تصليحها وحينها أتته بعض الأفكار فأخذ يدونها ويكتبها على الفور، الأمر الذي جعله يتفائل بهذا المكان مما أدى إلى ذهابه إليه أكثر من مرة ومن هناك استلهم شخصية “عم أحمد السماك” الذي كانت قصة حياته موجودة في كتابه “ثلاثية الأمالي”، وجاءته فكرة رواية “نسف الأدمغة” من هناك أيضًا.
وأشار زين ابنه أيضًا إلى أن خيري شلبي كان يعد مكانًا خاصًا للكتابة في أي شقة يسكنها، وكان لهذا المكان سمات خاصة هو فقط الذي يعلمها ففي إحدى المرات اختار مكانًا للكتابة في البلكونة، وفي مرة أخرى اختار مكانًا في المطبخ ليكون بجوار شيشته التي اعتاد على تدخينها وخصوصًا أثناء الكتابة.
أما ابنته إيمان فهي التي كانت ترافقه في جولاته في القاهرة وكانت تصف تلك الجولات بأنها الأكثر متعة على الإطلاق لأن لديه لكل شارع حكاية سواء كانت حكاية من التراث أو حكاية من موقف عاشه في هذا الشارع.