بمجرد ذكر اسم د.أحمد خالد توفيق ، فسوف يسترجع غالبية مواليد الثمانينيات و التسعينيات كماً هائلاً من الذكريات الجميلة والتي استمرت معهم طوال حياتهم وحتى الآن، فإذا أدركنا مدى الأثر الذي تركه ذلك الرجل على أبناء تلك الفترة، لوجدنا أنه من الطبيعي أن يطلقوا عليه لقب العراب، وأن تتحقق بالفعل أمنيته الخاصة بأن يُكتب على شاهد قبره “جعل الشباب يقرأون”.
من هو أحمد خالد توفيق؟
هو أحمد خالد توفيق فراج المولود ب10 يونيو 1962 بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، والذي استهوته عوالم القراءة و الثقافة منذ الصغر، فصارت فترة شبابه حافلة بالأفكار التي تطمح للخروج علي الورق رغم دراسته الصعبة المعقدة بكلية الطب جامعة طنطا ليتخرج منها في 1985 ويحصل منها علي الدكتوراة في طب المناطق الحارة بعام 1997، ليصبح بعدها عضواً بهيئة التدريس واستشارياً لقسم الأمراض الباطنية المتوطنة بنفس الكلية.
اكتسب د.أحمد خالد توفيق شهرته بموهبته المميزة و اسهاماته المتعددة بعالم الأدب، فهو صاحب سلسلة روايات الرعب “ما وراء الطبيعة” الأشهر بالوطن العربي التي اصدرتها المؤسسة العربية الحديثة للنشر، بجانب سلاسله الأخرى مثل “فانتازيا”،”سافاري” و ترجمته التلخيصية للروايات الأجنبية الشهيرة و اصدارها في سلسلة “روايات عالمية للجيب”، بجانب رواياته الكبرى “يوتوبيا”،”السنجة”،”مثل إيكاروس” و “في ممر الفئران” وترجمته لرواية نادي القتال الشهيرة من تأليف تشاك بولانيك، بالإضافة لكم هائل من القصص القصيرة و مقالات الرأي التى احتوت وجهات نظره بالقضايا الاجتماعية، السياسية،الفنية و الثقافية.
سلاسل قصص د.أحمد خالد توفيق
بدأت رحلة العراب الأدبية عام 1992 مع سلسلة ما وراء الطبيعة التي رفضت نشرها المؤسسة العربية الحديثة، لكن قام “احمد المقدم” أحد مسؤولي المؤسسة ساعده علي مقابلة “حمدي مصطفي” مدير المؤسسة فعرضوا القصة المقدمة علي لجنتين لينتهي الأمر بموافقة اللجنة الأخيرة بقيادة الكاتب د.نبيل فاروق.
تستعرض سلسلة “ما وراء الطبيعة ” مغامرات الطبيب رفعت إسماعيل الكهل الواهن المتخصص في ظواهر الرعب والخوارق، لتصبح أول سلسلة عربية معنية بالرعب في الأدب العربي ، فلاقت عبر السنوات نجاحا كبيرا عند نشرها وأصبحت بداية معرفة القاريء المصري والعربي باسم د.أحمد خالد توفيق.
بدأ بعدها د.أحمد خالد توفيق بسلاسل أخرى مثل “فانتازيا”وبطلتها عبير عبد الرحمن الفتاة البسيطة التي تملك عقلاً مليئاً بالقراءات لسائر أنواع الروايات، وعبر جهاز خاص تستعرض تلك القراءات في عالم خيالي يُدعي فانتازيا تصبح من خلاله إحدي بطلات أحداث تلك الروايات التي قرأتها.
ثم دشن د.أحمد خالد توفيق سلسلته الثالثة المسماة بـ”سفاري” حيث أراد إظهار الجانب الطبي لشخصيته، فابتكر شخصية د.علاء عبد العظيم الذي يتم ارساله لوحدة طبية بالكاميرون ليواجه المشاكل الصحية والاضطرابات السياسية هناك.
وبسلسلته الرابعة “روايات عالمية للجيب” كان المنفذ الوحيد لعشق د.أحمد خالد توفيق لمجال الترجمة، حيث تمكن من ترجمة و تلخيص عدد هائل من القصص الأجنبية المعروفة مثل: رحلة إلى مركز الأرض للأديب جون فيرن، وجزيرة الدكتور مورو لهربرت جورج ويلز، ورواية 1984 لجورج أورويل، والدكتور جيكل والسيد هايد لروبرت لويس ستيفنسون، وأليس في بلاد العجائب لتشارلز لوتويدج دودسون، وموبي ديك لهيرمان ملفيل، والفك المفترس لبيتر بينشلي، وغيرهم، ليفتح للشباب و النشء باباً ضخماً للتعرف على تلك الروايات الكلاسيكية الشهيرة.
في النهاية، وصل عدد سلاسل د.أحمد خالد توفيق لدى المؤسسة العربية الحديثة إلي ستة سلاسل بعد إضافته لسلسلتي رجفة الخوف و WWW لتحتوي مجمل أعماله بروايات الجيب لما يقرب من 236 عدداً.
روايات د.أحمد خالد توفيق
اتجه د.أحمد خالد توفيق لتجربة الكتابة الروائية الثقيلة عبر رواية “يوتوبيا” التي اصدرها عام 2008 عن دار ميريت للنشر،التي تفترض حالة مصر في عام 2030 بأجواء ديستوبيه شديدة السوداوية حيث ينقسم الشعب لطبقة غنية تحيا بمدينة منعزلة عن بقية الشعب في حراسة أجنبية مشددة، ويعاملون فقراء الشعب كالحيوانات بإصطيادهم وقتلهم، فنالت شهرة واسعة لدى الجماهير وتم ترجمتها بواسطة دار بلومزبيري للإنجليزية، ودار Ombres Noires للفرنسية بجانب عدة لغات أخري كالألمانية و الفنلندية، وأعيد نشرها في الأعوام اللاحقة من قبل دار بلومزبيري-مؤسسة قطر للنشر، ودار الشروق.
ثم اتبعها برواية “السنجة” الصادرة عام 2012، وبعدها رواية “مثل إيكاروس” عام 2015 عن دار الشروق ،و رواية “في ممر الفئران” عام عن دار الكرمة 2016 كمعالجة مستوحاة ومطورة من العدد ال68 “أسطورة أرض الظلام” أحد أعداد سلسلة ما وراء الطبيعة ثم رواية شآبيب عام 2018 عن دار الشروق، ونهاية رواياته برواية “رفقاء الليل” عام 2019 عن دار الكرمة بعد وفاته حيث احتوت علي 12 قصة مختلفة تنتمي لطابع التشويق و الرعب و الإثارة.
بالإضافة لمجموعات قصصية وكتب مقالات أخرى مثل قوس قزح،الغرفةرقم 207، حظك اليوم، الآن أفهم، قصاصات قابلة للحرق، عقل بلا جسد، وثلاثية “الآن نفتح الصندوق”،شاي بالنعناع، قهوة باليورانيوم، شربة الحاج داوود، أفلام الحافظة الزرقاء و كتب المقالات الساخرة مثل فقاقيع، زغازيغ و ضحكات كئيبة لتحتوي تلك المؤلفات أغلب كتاباته الصحفية التى بدأها بالانضمام عام 2004 لمجلة الشباب الصادرة عن مؤسسة الأهرام، ثم المنشورات الأخري بجريدة التحرير ومجلات عديدة، بجانب كتب أخرى مثل كتاب “هادم الأساطير” عام 2007 ، الحافة عام 2008 بالاشتراك مع الكاتب سند راشد دخيل، اللغز وراء السطور عام 2017 عن عصارة تجاربه الشخصية في حرفة الكتابة.
امتد نشاط د.أحمد خالد توفيق لترجمة الروايات الكاملة مثل رواية نادي القتال الشهيرة من تأليف تشاك بولانيك، و رواية ديرمافوريا عام 2010 للكاتب كريج كليفنجر، كتاب المقابر عام 2013 للكاتب نيل جايمان و ترجمة النسخة المصورة لرواية عداء الطائرة الورقية عام 2012 للكاتب خالد الحسيني و رسوم فايبو تشيلوني و ميركا آندولفو.
العراب د.أحمد خالد توفيق
أطلق محبو د.أحمد خالد توفيق عليه لقب العراب، حيث اعتبروه أباً روحياً بالفعل، فعبر كتاباته الهائلة استطاع عبر سنوات متعددة أن يساهم بشكل كبير في تكوين عقولهم و آرائهم وأن يرشد ذائقتهم الأدبية بالإشارة إلي عشرات الروايات والكتب العربية والأجنبية التي تغطي مساحات واسعة من مجالات الثقافة والمعرفة، ولكن بالرغم من ذلك، فإن د.أحمد خالد توفيق تمتع طوال حياته بتواضع شديد وأدب جم جعله رافضاً لذلك اللقب الشائع، مكتفياً برغبته الشخصية في أن يُكتب علي شاهد قبره “جعل الشباب يقرأون”، وهذا ماحدث بالفعل بعد وفاته حيث صار قبره مزاراً لأحبابه تتناثر عليه الورود بجانب الكتابات والدعوات بالرحمة.
وفاة أحمد خالد توفيق
أصيب د.أحمد خالد توفيق بنوبتين قلبيتين، الأولى في 2011 والثانية في 2015 ليقوم بعدها بعملية زرع جهاز مراقبة النبض المسئول عن إطلاق صدمة كهربائية تعيد القلب للحياة مرة أخرى بمجرد توقفه، بجانب إجبار الأطباء له على الإقلاع عن عادة التدخين التي مارسها بشراهة كبيرة.
ولكن في 2 إبريل 2018، رحل الدكتور أحمد خالد توفيق عن عالمنا عن عمر يناهز 55 عاماً إثر أزمة قلبية مفاجئة، تاركا وراءه بعالم الأحياء إرثا هائلا ومتنوعا من الأدب الأصيل، ويدين له المجتمع المصري والعربي بالشكر والعرفان لمخطوطاته الأصيلة في مجال الأدب الذي أصبح أحد أكثر رواده جمهورا وصدقًا.
مسلسل ما وراء الطبيعة
في 5 نوفمبر 2020، يصدر المسلسل المقتبس عن سلسلة ما وراء الطبيعة برؤية وإخراج المخرج المصري عمرو سلامة، من بطولة الممثل المصري أحمد أمين في دور رفعت إسماعيل، حيث يمكن للمشاهدين رؤية بطل قصص طفولتهم و شبابهم علي الشاشة للمرة الأولي عبر شبكة نتفلكس Netflix التي انتجت المسلسل وتصدره مترجماً للغات عديدة ليصبح متاحاً للمشاهدة بأغلب دول العالم،حيث يحتوي علي 6 حلقات تستعرض بعض من مغامرات د.رفعت إسماعيل مثل أسطورة البيت، أسطورة النداهة و غيرها.
كان المسلسل حلماً داوم د.أحمد خالد توفيق علي محاولة تحقيقه ولكن اصطدم دائماً بإهمال المنتجين أو تكاسلهم عن انتاج تلك الأعمال، وهاهو قد تم بعد وفاته ليصبح أفضل تخليد لذكراه لدي الجميع.
