تعرف على أديب الجنوب يحيى الطاهر عبد الله 
يحيى الطاهر عبد الله (إلى اليسار) برفقة أحد أصدقائه

ولد يحيى الطاهر عبد الله في قرية الكرنك، بالأقصر، في 30 أبريل عام 1938م. وفي الوقت الذي كان فيه والده، الشيخ طاهر، شيخًا أزهريًا من حفظة القرآن الكريم وحملة معانيه، اختار يحيى طريقه الخاص في التعامل مع اللغة العربية وإنتاجها الإبداعي.

كان يحيى في البداية ناقدًا قاسيًا لشعر زميليه، الأبنودي ودنقل، انطلاقًا من تأثره بعمه الحساني حسن عبد الله، الذي كان تلميذًا للأديب المصري عباس العقاد، وأحد دراويشه. وظلّ يعنّف إنتاجهما باعتباره ناقدهما الأول، حتى ارتحل الأبنودي إلى القاهرة في عام 1963م، ولحق به يحيى بعد عام، مفاجئًا إياهما بأنه اختار كتابة القصة القصيرة، وليس القصيدة مثلهما.

قدم يحيى الطاهر من أقصى الجنوب إلى القاهرة، مع زميليه، عبد الرحمن الأبنودي، ابن قرية أبنود المولود عام 1938م، وأمل دنقل ابن قرية قفط المولود عام 1940م، فكان قدوم هذا الثلاثي كما يصفه جابر عصفور، كالعاصفة الربيعية التي تحمل غبار الطلع.

بزوغ نجم يحيى الطاهر عبد الله

انتسب يحيى الطاهر عبد الله إلى الجيل المعروف بجيل الستينات، الذي كان جيلاً غاضبًا متمردًا على أشكال الكتابة القديمة والموروثة، مستعينًا بالتجريب الذي اقترن بالبحث عن أشكال وقوالب جديدة، وخرائط ومسارات إبداعية مختلفة، وقد تصدّر هذا الجيل لاحقًا على المشهد الثقافي في عقد السبعينات.

يحيى الطاهر عبد الله فى مناقشة رسالة ماجستير رضوى عاشور
يحيى الطاهر عبد الله فى مناقشة رسالة ماجستير رضوى عاشور

 

لفتت قصص يحيى الطاهر عبد الله، الأوساط الأدبية والنقدية إلى أفقه الإبداعي المغاير في تفرّده واختلافه، وسارعت المجلات الثقافية والملحقات الأدبية للجرائد إلى نشر كتاباته، فنشر في الكتاب وروز اليوسف والمساء والحرية والجمهورية، ومجلات الأطفال بدار الهلال، كما أذيعت معظم قصصه في البرنامج الثاني لإذاعة القاهرة، ليبزغ نجمه وسط جيلٍ متمرّد من الأدباء والفنانين والمبدعين.

عوالم يحيى الطاهر عبد الله

اختار يحيى الطاهر عبد الله، العالم الذي يعرفه جيدًا وينتسب إليه في قريته بالأقصر الواقعة في أقصى جنوب مصر، والتي كانت قرية منفية منسية كما يصفها، وظلّت حيّة في أعماقه، يعود إليها كل حينٍ بالكتابة مخلّدًا إياها في أساطيره السردية الخاصة، المفعمة بمعاني النفي والاغتراب والعنف المكتوم والقمع الساري في العلاقات التي لا تخلو من القهر الممزوج برغبات مكبوتة، كما يصفه جابر عصفور، وزير الثقافة المصري الأسبق.

 

يحيى الطاهر عبد الله وغلاف أعماله الكاملة
يحيى الطاهر عبد الله وغلاف أعماله الكاملة

 

كان يحيى الطاهر عبد الله ذا ميزة فريدة، تمثّلت في أنه كان لا يكتب قصصه على الورق، وإنما في رأسه، ويحفظها ليقرأها على الآخرين من الذاكرة دون نسيان حرفٍ منها، في الوقت الذي اعتاد فيه الكتّاب المبدعين غيره أن يسجلوا كتباتهم على الورق، ويدفعوا بها إلى النشر في المجلات والصحف والكتب. وكان دافعه في ذلك البحث عن قاسم مشترك بينه وبين المجتمع، فهو يتعمّد عدم الكتابة لأن أمته لا تقرأ، مؤكدًا أنه “إذا قال وأجاد القول سيجد من يسمعه، ومن يتأثر به”.

أبرز ملامح كتابات يحيى الطاهر عبد الله

تميزت كتابات يحيى عن القرية، بإحساساتها البصرية الحادة التي تضعنا في قلب المَشاهِد التي تجتذب الخيال، في مناقضة مقصودة للتجريد، وللجمع بين المتناقضات، في حين تمتّعت قصصه المكتوبة عن المدينة بالابتعاد عن الخرافات الشعبية والمعتقدات البدائية وإن كانت ملتزمةً بالحسية ذاتها، مع مسحةٍ متكررة من السخرية المريرة التي لا تخلو تفاصيلها الكبوسية من ملامح كافكاوية.

كما تميزت كتاباته بسمات أسلوبية ترسّخت مع مواصلته للكتابة، تمثّلت في: التكرار، واستخدام الكلمات والتراكيب العامية، والاحتفاء بالمستمع، وتنبيه القارئ الدائم عبر وسائل النداء والتنبيه، والإلحاح على ضمير المخاطب باعتباره علامة المستمع الذي يقدّر لمخاطِبه مراعاته لنعمة الخيال القادر على مواجهة الواقع ورفضه والتمرد عليه.

وفاة يحيى الطاهر عبد الله

توفي يحيى الطاهر عبد الله، في حادثة سيارة، وهو في رحلة إلى الواحات البحرية بصحبة ابنته وبعض أصدقائه ، في أبريل 1981م.

يحيى الطاهر عبد الله برفقة ابنته أسماء وأحد أصدقائه
يحيى الطاهر عبد الله برفقة ابنته أسماء وأحد أصدقائه

مؤلفات يحيى الطاهر عبد الله

  • – ثلاث شجرات كبيرة تثمر برتقالاً. (مجموعة قصصية، القاهرة، 1970م)
  • – الدف والصندوق. (مجموعة قصصية، بغداد، 1974م)
  • – الطوق والإسورة. (رواية، القاهرة، 1975م، وتحوّلت إلى فيلم سينمائي بنفس العنوان عام 1988م، إخراج خيري بشارة، ثم إلى مسرحية عُرضت على مسرح الطليعة عام 1998م، إخراج ناصر عبد المنعم)
  • لقطات من فيلم الطوق والأسورة المأخوذ عن رواية يحيى الطاهر عبد الله
    لقطات من فيلم الطوق والأسورة المأخوذ عن رواية يحيى الطاهر عبد الله
  • – أنا وهي وزهور العالم. (مجموعة قصصية، 1977م)
  • – الحقائق القديمة صالجة لإثارة الدهشة. (رواية، القاهرة، 1977م)
  • – حكايات للأمير حتى ينام. (مجموعة قصصية، بغداد، 1978م)
  • – تصاوير من التراب والماء والشمس. (رواية، القاهرة، 1981م)
  • – الرقصة المباحة. (مجموعة قصصية، نشرت بعد وفاته)
  • – حكاية على لسان كلب. (قصة طويلة، نشرت بعد وفاته)

 

المصدر

– الأعمال الكاملة، يحيى الطاهر عبد الله، دار العين، القاهرة، 2005م.