بدأ في المقال السابق التعريف بأهم الكتب التي تناولت حقل الفلسفة السياسية باعتباره أحد العلوم الاجتماعية الذي يربط الفلسفة بالعلوم السياسية، وإن كان المقال السابق اهتم بمداخل كلية، ففي هذا المقال نتناول الكتب التي اهتمت بتاريخ الفلسفة السياسية، كما نذكر عددًا من المداخل النقدية للفلسفات السياسية
الفلسفة السياسية في القرنين التاسع عشر والعشرين – غيوم سيبرتان بلان
بدأ المؤلف كتابه بالحديث عن خصوصية الفلسفة السياسية والتساؤلات المرتبطة بها، مبينًا أن الفلسفة السياسية راتبطت دائمًا بظاهرة تاريخية ألا وهي الدولة، وقد قسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام، فركز في القسم الأول المكون من ثلاثة على منطق الدولة ومبررات وجودها، وتناول مسألة السيادة والنظام القانوني، ثم تأسيس الدولة الوطنية، والمنطق الكامن وراء تأسيسها.
أبرز المؤلف في القسم الثاني كيف لجأت الفلسفة السياسية واستعانت بعدد من المعارف الأخرى، فتحدث عن السياسة والاقتصاد والتطورات التي لحقت بالدولة في نمطها الليبرالي وما ردود أفعال الليبرالية، أما في القسم الثالث فقد ركز على مفهوم الدولة الشمولية والدولة السلطوية وكيف تتم الهيمنة على الأفراد، وهو ما ظهر جليًا في التجارب الفاشية والنازية والستالينية التي قامت على تجربة الحزب الواحد المتماهي مع الدولة والذي يخضع جميع أجهزتها السياسية والاقتصادية والقضائية والعسكرية وفق ايدلوجيته.
لهذا الكتاب أهمية كبيرة لعدة أسباب، منها تنوع قضاياه وحيويتها بالنسبة للمهتمين بالفلسفة السياسية مثل علاقة الحزب بالدولة وإشكالية الديمقراطية والثورة وحدود الليبرالية، وكذلك تعدد المفاهيم التي يمكن توظيفها بغرض إثراء حقل الفلسفة السياسية، بالإضافة إلى ربط هذا الكتاب الفلسفة السياسية بعدد من الحقول المعرفية الأخرى، مثل علم الاجتماع والتاريخ والاقتصاد السياسي.
الفلسفة السياسية – أحمد داود أوجلو
الفكرة الجوهرية لهذه الدراسة تنبني على أن اختلاف الرؤى الفلسفية للعالم تنعكس بالضرورة على النظريات السياسية الخاصة بتنظلم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، سواء على المستوى السياسي الداخلي أو على النظام السياسي الدولي والسياسة العالمية.
قسم المؤلف دراسته إلى قسمين أساسين، ناقش في الأول تساؤلات مهمة حول العلاقة بين كل من الوجود والمعرفة والقيم، مقارنًا بين الرؤية الإسلامية والرؤية الغربية، وفي القسم الثاني وضح كيف أن اختلاف الرؤى الفلسفية ستؤدي لا محالة إلى اختلاف في النظريات السياسية، وقد بتطبيق ذلك على عدد من القضايا والمجالات، مثل التعددية السياسية وشرعية النظام السياسي، وغيرها من القضايا .
تاريخ الفلسفة السياسية – تحرير ليو شتراوس، جوزيف كروبسي
موسوعة من أهم ما كُتب وتُرجم إلى اللغة العربية في تاريخ الفلسفة السياسية بأسلوب سهل يناسب القاريء غير المتخصص تساعد هذه الموسوعى على الإلمام بالقضايا الكبرى في الفلسفة السياسية، وقد ضم الجزء الأول منها 19 فصلًا مرتبة تاريخيًا فبدأت بالحديث عن الفلسفة السياسية عند اليونان والرومان، ثم في مرحلة العصور الوسطى، وأخيرًا ينتهي بالفلسفة السياسية في عصر النهضة، ويقف هذا الجزء عند اسبينوزا ، ثم يأتي الجزء الثاني ليبدأ من جون لوك وينتهي بمارتن هيدجر.
استهدف محررا الكتاب تقديم مادة علمية جادة موجهة طلبة العلوم السياسية عن الفلسفة السياسية، ويعتقد المحرران أن قضايا الفلسفة السياسية التي تناولها المفكرون منذ قرون لا تزال حاضرة اليوم، وأن فهم تاريخ الفلسفة السياسية مهم للغاية لفهم المجتمعات التي نشأت فيها تلك الفلسفات.
تطور الفلسفة السياسية من صولون حتى ابن خلدون – مصطفى النشار
يستهدف هذا الكتاب تقديم عرض تاريخي لأهم مرحلتين بُنيت عليهما الأفكار السياسية في العصر الحديث من وجهة نظر المؤلف، وهما المرحلة اليونانية ومرحلة العصور الوسطى المسيحية والإسلامية، ويطرح المؤلف عددًا من الأسئلة ويبحث عن تقدم إجابات لها في كتاب، من قبيل ما تعريف الفلسفة السياسية وكيف بدأت؟ وهل ظهر بداية في اليونان أم كان موجودًا في مصر القديمة؟ وما أولى النظريات التي تناولت مفهوم الدولة والحاكم وسمات الحكومة المثالية؟ وهل قدم الفلاسفة القدامى تصورًا للعلاقات بين السياسة والاقتصاد وكذلك بين السياسة والأخلاق ؟
بدأ المؤلف كتابه بفصل تمهيدي عرّف فيه الفلسفة السياسية وكيف نشأت والفرق بينها وبين علم السياسة، ثم قسم كتابه إلى ثلاثة أبواب، جعل الأول عن الفكر السياسي اليوناني، فبدأ بالحديث عن المرحلة التي سبقت أفلاطون وظهر فيها صولون والسوفسطائيون وسقرط، ثم خصص فصلًا كاملًا عن أفلاطون وحياته ومصادر فلسفته السياسية ونظريته للدولة المثالية، وختم الفصل بعقد تقييم ونقد لفلسفة أفلاطون.
انتقل في الفصل التالي للحديث عن أرسطو بنفس المنهجية، فتناول حياته ومصادر فكره، وآرائه في عدة قضايا مثل الكسب والثروة والثورة وتكوين الأسرة والفصل بين السلطات، وقدم له نقدًا وتقييمًا كذلك، ثم انتقل الحديث في الباب الثاني إلى الفكر السياسي الغربي في العصرين الروماني والوسيط، فتناول أبيقور والرواقيين وشيشرون، والقديسين أوجستين وتوما الأكويني.
الباب الثالث من الكتاب تحدث عن الفكر السياسي الإسلامي، فمهّد بالحديث عن العلاقة بين الإسلام والسياسة وفلسفة الحكم في الإسلام، والعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الرؤية الإسلامية وما حقوق الأفراد، ثم ضرب مثالين للفلاسفة السياسيين المسلمين وهما الفارابي وابن خلدون.
مدخل إلى الفلسفة السياسية| رؤية إسلامية – محمد وقيع الله أحمد
اعتمد مؤلف هذا الكتاب على المنهج الموضوعي، فركز كل فصل على موضوع محدد، ولكن من خلال إطار فيلسوف، وقد قسم كتابه إلى 17 فصلًا، تناول فيها أهم القضايا والإشكاليات التي تهتم بها الفلسفة السياسية، عرضًا وتحليلًا ومناقشةً، من خلال نوعين من السياقات، الأول يتناول كل قضية على انفراد، والثاني يتناول عددًا من قضايا الفلسفة السياسية ويعرض فيه آراء الفلاسفة .
بدأ المؤلف كتابه بفصلين عن تطور علم السياسة، وماهية الفكر السياسي وعرف النظرية السياسية والفلسفة السياسية، ثم أخذ يعرض لأفكار أهم وأبرز الفلاسفة عبر التاريخ، فبدأ بكونفشيوس وأفلاطون ومدينته الفاضلة، وأرسطو وظاهرة الدولة وفق رؤيته، ثم انتقل لاثنين من العلماء المسلمين الذين اهتموا بظاهرة الدولة وهما أبو الحسن الماوري وعبد الرحمن بن خلدون.
انتقل بعد ذلك لمفكري الغرب بداية من ميكافيللي الذي اهتم بالقوة، وفلاسفة العقد الاجتماعي توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو، قبل أن عن كارل ماركس، ثم عاد للحديث عن مفكرين مسلمين، لكن معاصرين مثل المودودي ومحمد أسد والتيجاني عبد القادر ولؤي صافي، ثم انتقل للفصل الأخير الذي عرض فيه لأربع قضايا كبرى في الفلسفة السياسية، وهي وظائف الدولة الأساسية والبحث عن إجابة لسؤال من يحكم، ومصدرية القانون ومدى إلزاميته، وأخيرًا فلسفة التاريخ وحركة التاريخ في الرؤية الإسلامية.
يُعد هذا الكتاب مدخلًا أوليا لحقل الفلسفة السياسية ينطلق فيه المؤلف من وجهة نظر إسلامية مرنة تعترف بما قدمته الحضارات الأخرى ولا يبخس أي إنتاج معرفي، بغرض التعريف بأعمدة التفكير الفلسفي السياسي عبر العصور.