في 1 أبريل 1976، تم تأسيس شركة آبل Apple، ما يجعل عمر الشركة 44 عاما اعتبارًا من 2020، وقصة تأسيسها من القصص الملهمة والمؤثرة، إذًا من هو مؤسس شركة آبل ؟ وما سبب تسميتها بهذا الاسم ومتى ظهرت؟
من هو مؤسس شركة آبل ؟
يفضل الجميع قصة تأسيس شركة آبل لأنها تبدو مثل الحكايات الخيالية من خيال ديزني، فصاحبها بدأ من المرآب مع 3 من أصدقائه ببدايات متواضعة الغاية، حتى مرت الأيام وباتت أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية بعد شركة أرامكو السعودية للنفط.
وتعرف ستيف جوبز وستيف وزنياك، وهما من أبرز مؤسسي شركة آبل، في عام 1971 من قبل صديق مشترك وهو بيل فيرناندز الذي أصبح أحد أوائل موظفي آبل، وتآلف الصديقان بفضل حبهما المشترك للتكنولوجيا والمزح.
وتعاون جوبز ووزنياك في المقالب قبل أن يتعاونا في التكنولوجيا، حيث زورا لوحة تشتمل على علامة غير ملائمة وعرضاها خلال حفل التخرج في مدرسة جوبز، ثم اتصلا بالفاتيكان كادت تسمح لهما بالوصول إلى البابا الفاتيكان، واستغل الصديقان معرفتهما التكنولوجية لبناء “الصناديق الزرقاء” التي جعلت من الممكن إجراء مكالمات هاتفية بعيدة المدى مجانًا.
وعمل الاثنان معا في البداية على لعبة شهيرة من ألعاب شركة أتاري وهي لعبة Breakout، فبينما كان جوبز يعمل في أتاري، ووزنياك في شركة HP، طلب الأول من صديقه مساعدته، ما مكنه من الحصول على مكافأة جيدة ومنح جزءا منها لصديقه.
أول كمبيوتر آبل
داوم الاثنان على حضور فعاليات نادي Homebrew Computer Club وهي عبارة عن مجموعة هواة كمبيوتر اجتمعت في مينلو بارك بكاليفورنيا منذ عام 1975، ومن هذه المجموعة استوحيا تصميم منتجات آبل.
وأنتج وزنياك أول كمبيوتر به لوحة مفاتيح تشبه الآلة الكاتبة وتستطيع الاتصال بجهاز تلفزيون عادي كشاشة، وفي وقت لاحق تم ابتكار آبل 1، وكان هو النموذج الأصلي لكل كمبيوتر حديث ظهر بعد ذلك، وكان هدف الرجل هنا ليس تغيير العالم بل إظهار مقدار ما يمكن القيام به بموارد قليلة جدا والتفاخر بكونه ذكيا، لكن لم يستمر كثيرا في التباهي بعبقريته إذ سرعان ما اندمج في تمويل حفلات موسيقى الروك وتألّق في برنامج الرقص مع النجوم Dancing with the Stars.
تدخل جوبز وباع الصديقان قليلا مما يملكان وقاموا معا بتأسيس شركة آبل Apple في 1 أبريل 1976، جنبا إلى جنب مع صديقهم الثالث رونالد واين.
لماذا سميت شركة آبل بهذا الاسم ؟
كان اسم آبل من شأنه أن يتسبب في حدوث مشكلات لاحقة حيث كان مشابها لاسم شركة فريق البيتلز الغنائي الشهير آبل كوربز Apple Corps، حيث رفعت الشركة دعاوى قضائية بسبب حقوق ملكية العلامة التجارية، ومع ذلك صرح وزنياك في حوار إلى مجلة بايت في ديسمبر 1984 أنهم استوحوا الاسم من خلال العمل حتى وقت متأخر في بساتين التفاح في ولاية أوريجون، حيث قال جوبز إنه أفضل اسم نظرا لأنه يوحي بالطبيعة المثمرة والحيوية كما أن الجميع يحب التفاح، ومع ذلك حاولوا التوصل إلى أسماء أفضل ولكن لم يستطع أحد التفكير في أي شيء أفضل بعد هذا الاسم، خاصة أنه يبدأ بأولى الحروف الأبجدية في الإنجليزية وهو حرف الـ A مما يعني أنه سيكون أقرب إلى مقدمة أي قوائم.
شعار آبل
هناك نظريات أخرى حول المعنى الكامن وراء اسم آبل، منها أنه تم تسمية الشركة تيمنا بالتفاحة التي سقطت على نيوتن واكتشف من خلالها قانون الجاذبية، وتقول نظرية أخرى أن شعار التفاحة المقضومة هي في الواقع تكريم للعالم آلان تورينج الذي انتحر من قبل تناول تفاحة منقوعة بالسيانيد، أو ربما تمثل اللقمة المأخوذة من التفاح قصة آدم وحواء.
ومع ذلك، وفقا لروب جانوف، المصمم الذي ابتكر الشعار، فإن شعار آبل تيمنا بالعالم هو محض أسطورة خيالية رائعة وهي ببساطة رمز للمعرفة.
بيع أول حاسوب من آبل
بنى ووزناك كل كمبيوتر يدويًا، وفي المقابل وقع جوبز صفقة مع بايت شوب Byte Shop في ماونتن فيو لتزويدها بـ 50 جهاز كمبيوتر مقابل 666.66 دولار لكل جهاز، واستمر إنتاج آبل Apple1 1 من أبريل 1976 حتى سبتمبر 1977، بإجمالي تشغيل بلغ نحو 200 وحدة، وندرة هذه الوحدات جعلتها غاية لأولئك الذين يرغبون في جمع الأشياء النادرة، حتى أن واحدة من هذه الأجهزة بيعت في مزاد بمبلغ 905 آلاف دولار.
بعد ذلك تم إنتاج لاب توب آبل 2 Apple 2 بتكلفة 1300 دولار، تتضمن لوحة مفاتيح وفأرة عبارة عن قرص يمكن تدويره لتحريك الكائنات في الألعاب يمينا ويسارا وذهابا وإيابا وأعلى وأسفل مع الضغط على زر إطلاق النار، وذلك على عكس آبل 1.
أما العامل الذي حمل مفتاح نجاح آبل هو ما عُرف باسم VisiCalc “الآلة الحاسبة المرئية”، وهو أول برنامج كمبيوتر لجداول البيانات لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، ما حول المنتج من مجرد شيء صغير للهواة إلى أداة تجارية جادة، ولقب بـ “التطبيق القاتل لشركة”، وباعت منه آبل 700 ألف نسخة في 6 سنوات وما يصل إلى مليون نسخة عبر تاريخها.
وُوصف أيضا بالورقة السحرية التي يمكنها إجراء العمليات الحسابية وعمليات إعادة الحساب، وإليها يرجع الفضل في زيادة مبيعات آبل 2.
وتم إنتاج ما يقرب من 6 ملايين سلسلة من آبل 2 على مدار 16 عامًا مما منح الشركة ثاني نجاح كبير، وعلى الرغم من ذلك، كانت الشركة لا تزال في بدايتها، ولا تزال أيامها المشرقة تنتظرها.
Apple وXerox والماوس بزر واحد
ما يميز آبل أنها لم تكن أبدا بطيئة في الابتكار وتعاونت مع مركز أبحاث شركة Xerox لاستكشاف تقنيات جديدة، ما ساعد في دفع التكنولوجيا التي ما زلنا نستخدمها كل يوم، مثل الوسائط الضوئية وطابعات الإيثرنت والليزر، وأقنعت آبل شركة Xerox بالعمل معها من خلال منح موظفي آبل حق الوصول إلى مركز البحاث مقابل أن تحصل على 100 ألف سهم من شركة آبل بسعر 10 دولارات لكل سهم، وهي تمثل اليوم 708 ملايين دولار وهو ثمن أكثر من رائع مقابل جولة لمدة 3 أيام فقط في مركز أبحاث الشركة.
تمكن جوبز خلال ذلك من التوصل إلى اختراع فأرة بشكل جديد عبارة عن أداة ذكية بـ 3 أزرار للإشارة إلى العناصر الموجودة على الشاشة والنقر عليها.
ليزا مقابل ماكتنتوش
كان هناك سباق بين فريقين في الشركة أحدهما يطور حاسوب ليزا Lisa وكان حاسوبا بحجم ثلاجة والآخر يطور ماكنتوش Macintosh، وفي النهاية فاز فريق ليزا وذلك في 19 يناير 1983، وقد كان الأول من نوعه الذي يصنف ضمن الحواسيب الشخصية آنذاك، وحظى الفريق بدعم مؤسس آبل لدرجة أنه شارك أكثر فأكثر في تطوير ليزا وبدأ في تجاوز هيكل الإدارة المعمول به، الأمر الذي تسبب في حدوث اضطرابات وفي عام 1982 وصلت الأمور إلى ذروتها، ووضع الرئيس والمدير التنفيذي للشركة في ذلك الوقت، مايكل سكوت، هيكلا جديدا للشركة، مما أدى إلى تهميش جوبز بأثر فوري.
في النهاية فشل ليزا تجاريا، نظرا لارتفاع التكلفة بقيمة 10 آلاف دولار مقابل محدودية البرامج المتاحة، ولجأ جوبز إلى الفريق الآخر وهو فريق ماكنتوش واستفاد من الأخطاء مع تزويده بواجهة مستخدم رسومية وشاشة عالية الدقة وإمكانية معالجة المزيد من الذاكرة وبربع ثمن جهاز ليزا.
بحلول عام 1984، أثبتت شركة آبل أنها قوة لا يستهان بها، واستحوذت على شركة IBM، أكبر اسم في مجال حوسبة الأعمال، وحققت نجاحات مدوية، ومن خلال العديد من التكرارات، أصبح النموذج الأولي لـ ماكنتوش أكثر قدرة وأقل تعقيدا في البناء، وبسعر منافس.
وتم تعزيز الجهاز بمعالج Motorola 68000 بسرعة 6 ميجاهرتز حتى 7.8 ميجاهرتز و128 كيلوبايت من ذاكرة الوصول العشوائي وشاشة 9 بوصات بالأبيض والأسود مع 512 × 342 بكسل، وبقدر ما كان الجهاز جيدا من الداخل كان جيدا من الخارج أيضا ويمكن اصطحابه معك في أي مكان بسهولة، وبالطبع مع الوقت تطور الأمر أكثر وتم إدخال نظام OS.
ابتكار الأجهزة نصف القصة والدعاية النصف الآخر
أدرك جوبز أهمية الدعاية لأجهزته الحديثة، فأجرى مكالمة مع Chiat \ Day، وكالة إعلانات آبل وكلفهم بوضع إعلانات مكثفة في الدوري الأمريكي super bowl بميزانية تتراوح بين 350 ألف دولار و900 ألف دولار، وصُور الإعلان على أن الشركة هي أمل البشرية الوحيد للمستقبل، وينظر إلى هذه الحملة الإعلانية اليوم على أنها بمثابة تحفة فنية، وتصدرت قائمة عصر الإعلانات لأعظم 50 إعلانا تجاريا على الإطلاق، حيث شاهده 96 مليون شخص، وأذاعته 50 محطة محلية ما قلل بشكل كبير التكلفة المقترحة في البداية.
استغلت آبل هذا النجاح الساحق وطورت طابعة ليزر Apple LaserWriter الثورية، بسعر 6 آلاف و995 دولارًا بمعالج Motorola 68000، رغم أنها لم تكن أول طابعة في السوق إلا أن آبل تتميز ببصمتها الخاصة، فقد لا تخترع المنتج الأول في السوق، لكن حتما يجب أن يتميز منتجها بأسلوب خاص وهو الأمر الذي منح الشركة سمعتها على مدار السنوات التالية.
كان آخر إصدار رئيسي من PageMaker هو الإصدار 7، والذي تم طرحه في عام 2001 وتم تشغيله على كل من Windows وOS 9 أو OS X.
حتى الآن فإن الشركة ما زالت في شبابها، ولم ينذر نجاحها بوجود أي مشكلات بسبب تفوقها في السوق، لكن بالفعل بدأت المشكلات تظهر في منتصف الثمانينات، فربما كان ستيف جوبز هو الوجه الأكثر شهرة للشركة ويكون اسمه هو الجواب المباشر للسؤال على من هو مؤسس شركة آبل؟، لكنه مع ذلك لم يكن الرئيس التنفيذي للشركة، حيث اعتبره المشاركون صغيرا في السن لأنه كان لا يزال في الثلاثينات من عمره، وتم تعيين جون سكالي، الذي استدرجه جوبز من شركة بيبسي بسؤاله: “هل تريد بيع الماء المحلى لبقية حياتك؟ أم تريد أن تأتي معي وتغير العالم؟”، وبالفعل جاء وتولى المنصب في الشركة، لكن جوبز لم يكن ليستسلم لذلك إذ استغل سفر سكالي في رحلة عمل ورأى في ذلك فرصة مثالية لاستعادة السيطرة على الشركة، لكن سكالي علم بالأمر وصعد الموضوع إلى مجلس الإدارة وطلب الاختيار بينهما ووقفوا بجانب سكالي، وتم تحديد مصير جوبز.
مؤسس شركة آبل يترك شركته
أعاد سكالي تنظيم الشركة، وجعل جوبز رئيسًا لشركة آبل، لكن هذا لم يكن أسلوب الأخير وشعر بالحاجة إلى المضي قدما والقيام بشيء آخر، وبعد بضعة أشهر استقال من شركة آبل وأسس شركة NeXT، وهي شركة ستصمم وتبني محطات عمل عالية الجودة لاستخدامها في الأوساط الأكاديمية واحتوت على العديد من موظفي آبل.
قد تظن أن مغادرة الشخص الذي يُنظر إليه باعتباره مؤسس شركة آبل أدى إلى انهيار الشركة ولو لفترة بسيطة، لكن ما حدث كان العكس، حيث كان خبر رحيله متوقعا، واتفق معظم خبراء الصناعة على أن هذه الخطوة كانت جيدة للشركة واستجابت أسهم وول ستريت بشكل إيجابي لرحيل جوبز، وارتفع سعر سهم شركة آبل.
وتغير شكل تفكير الشركة، ففي حين أراد جوبز بيع أجهزته بأسعار معقولة للجميع إلا أن الإدارة اللاحقة اتخذت قرارا باستهداف السوق المتطورة بأجهزة Mac أكثر قوة وبالتالي أكثر تكلفة، الأمر الذي قاد الشركة إلى آفاق جديدة، وأثبتت الشركة هيمنتها في السوق من خل منتجات Newton MessagePad وeMate وiPad و iPhone.
مع ظهور مايكروسوفت Microsoft في الأسواق والتنافس مع آبل ذات الأسعار الباهظة، شهدت الشركة انخفاضا في المبيعات لأول مرة في تاريخها وذلك في الربع الرابع من عام 1989، وأصبح سوق الأسهم متوترا، وخسرت أسهم آبل خُمس قيمتها، فركزت الشركة على محاولة استعادة بعض العملاء الأقل ثراء من خلال تقديم مجموعة من المنتجات ذات الأسعار المنخفضة.
تحالف AIM من Apple وIBM وMotorola
أسست Apple وIBM وMotorola معًا AIM Alliance في أكتوبر 1991 لبناء مجموعة جديدة من الأجهزة والبرامج تسمى PReP، لكن لم تؤت الخطط ثمارها من جانب البرامج، فعندما تجمع ثلاثة لاعبين بارزين مثل Apple وIBM وMotorola، فمن المتوقع أن يكون لكل منهم أفكاره الخاصة حول أفضل طريقة للقيام بالأشياء.
عودة جوبز بعد 12 عاما
بعد ذلك، عملت شركة آبل على Newton MessagePad، وخلال ذلك اشترت شركة NeXT التابعة لستيف جوبز ومعها جوبز نفسه مما ضمن بقاء آبل التي كانت دخلت في صراع مع شركة مايكروسوفت ورئيسها بيل جيتس.
بعد دخول الشركتين في صراع لعدة سنوات، أقدمتا على تصحيح الأمور في النهاية، وإذا لم يفعلا ذلك فمن المحتمل ألا نكون قد رأينا جهاز Mac اليوم، لماذا؟ لأنه عندما عاد مؤسس آبل إلى شركته أدرك أنه لا يمكنه فعل ذلك بمفرده، فأجرى مكالمة شخصية مع بيل جيتس وأقنعه بمواصلة تطوير Office for Mac لمدة 5 سنوات على الأقل، ففعل جيتس ذلك بالضبط، وفي الوقت نفسه اشترت مايكروسوفت ما قيمته 150 مليون دولار من أسهم شركة آبل.
وبالتوازي مع ما سبق، أجرى جوبز تغييرات في الإدارة وأعاد هيكلة الشركة التي أدت مباشرة إلى التنظيم الناجح كما هو عليه اليوم.
وفي 2011 توفي ستيف جوبز عن عمر يناهز 56 عاما، بعد استقالته بشهر من منصبه كرئيس تنفيذي لـ آبل، وكان حينها قال واحدة من أكثر كلماته تاثيرا وهي: “هنا أفي بوعدي من خلال ابتعادي، فقد وعدت بالابتعاد إذا شعرت أني غير قادر على العطاء، وها أنا ذا أفعلها”.
وعلى المدى الطويل، نمت شركة آبل لتصبح الشركة الأكثر قيمة في العالم من حيث قيمتها السوقية حيث قُدرت في 2020 بـ تريليوني دولار.