رابطة الزواج، أحد أعقد الروابط البشرية قاطبة، رغم أنها أحد أكثر الروابط البشرية شيوعا عبر التاريخ البشري، إلا أن تعقد الحياة نفسها، والرغبات و النزعات البشرية الفردية، جعل من أطراف تلك الرابطة في كثير من الأحيان أعداء أو أنداد، وليسوا شركاء.
مديح الكراهية
قد يعيش زوجين عشر سنوات تحت سقف بيت واحد، ويضمهما فراش واحد، ويربط بينهما طفل أو أطفال، ويبدو الأمر طبيعيا ومنطقيا للغاية، بل ربما يبدو نموذج حي صارخ للتفاهم والسعادة، إلا أن الأمر برمته قد يكون من قبيل مديح الكراهية لا أقل ولا أكثر.
قصة زواج
تشارلي و نيكول رفيقي درب، ورفيقي كفاح، ورفيقي زواج، تشارلي مخرج مسرحي شاب واعد، ونيكول ممثلة سينمائية شابة واعدة تضحي بحلم السينما من أجل مشاركة زوجها شغفه بالمسرح، وتعمل بمسرحياته التجريبية كممثلة رئيسة.
قصة طلاق
يتحطم كل هذا التناغم عند أول خطأ يرتكبه الزوج، وهو علاقة عابرة لليلة واحدة بمساعدته، فتنفجر نيكول طالبة للطلاق، ورغم اعتذار تشارلي وأسفه وندمه، تصر نيكول على الطلاق، وينفجر حوار يستغرق عشرة دقائق كاملة بين الزوجين محمل بالكراهية.
الحوار حميم للغاية، صادق للغاية، صادم للغاية، محمل بكراهية لا يمكن وصفها أو تبريرها، كراهية نمت ببطيء شديد طوال عشر سنوات، كراهية التبعية والتخلي عن الأحلام والطموحات، حوار أيقوني بمشهد رئيسي ربما يفسر كل قصة الفيلم.
قليل من الكراهية لن يضر
تنتقل نيكول للعمل والحياة بمدينة نيويورك، المدينة التي ولدت فيها، وتترك تشارلي لاستكمال مشروعاته المسرحية الممولة من جهات بمدينة لوس أنجلوس، وتترك بمعيته أبنهما بناءا على رغبته، رغبته في الحفاظ على جزء من نيكول بجانبه.
تعود نيكول لممارسة التمثيل السينمائي مجددا عبر أدوار قصيرة، وتنجح في بدايات لا بأس بها، وينجح أيضا تشارلي في مشروعه ويتلقى عنه جائزة، ويربط بينهما أبنهما اللذان يلتقيان لرؤيته سويا، أو بقاءه مع أحدهما خلال عطلة نهاية الأسبوع.
قليل من الفهم
لفهم الأمر جيدا علينا أن نعرف أن نيويورك ولوس أنجلوس تقعان على طرفي القارة الأمريكية، والمسافة بينهما كالمسافة بين الأرض والشمس، والحياة بكلا المدينتين مختلفة للغاية عن الأخرى، تماما كأختلاف نيكول عن تشارلي والعكس.
تتيح تلك المسافة وذلك التباعد مساحة للزوجين لترتيب حياتهما بعيد عن بعضهما البعض، وإعادة ترتيب أولوياتهما بمنآي عن قيود ومسئوليات الزواج، خاصة حين يفلح ذلك بتقويم كلا الحياتين، فتنجح نيكول في نيويورك، وينجح تشارلي في لوس أنجلوس.
نهاية طيبة
يدعنا المخرج بنهاية الفيلم في حالة من الأمل بعودة الزوجين الشابين لبعضهما البعض، عبر زيارتهما لبعضهما البعض من أجل أبنهما، وخفوت مشاعر العداء والكراهية رويدا رويدا بينهما، ونجاح كليهما بشق طريقه كما يحلم ويرغب بمفرده وبرغبته ودون الحاجة لوجود الآخر.
جسدت شخصية نيكول الممثلة الأمريكية الشابة الموهوبة سكارليت جوهانسون، بشعر قصير وملابس فضفاضة، ومظهر مختلف بالكلية عن مظهرها بأغلب أفلامها، ونجحت الفتاة الذهبية بترشيح فيلمها لأفضل فيلم بجوائز الأكاديمية.