قال رب أجعل لي آية، قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال. هل كنت تتوقع هول الإبتلاء بذلك القول القرآني الكريم؟ هل فكرت يوما وأنت تمرر عينيك على تلك الآية أن الصمت عقاب مروع؟ هل يمكنك أن تصمت طوال حياتك؟ ذلك ما سوف يخبرنا عنه عالم صامت.
عالم صامت
بفيلم الرعب الأمريكي عالم صامت، يتحول العالم المعروف بالصخب الشديد إلى مكان هاديء، هاديء للغاية، ربما بنفس هدوء ساحات المقابر، فلا نفس يصدر عن أحد، ولا حركة تذكر، فكل حركة غير مسئولة ثمنها حياة، وكل خطأ بإصدار أدنى حركة هو سبب كافي للرحيل عن العالم.
عالم صامت يختبر قدرتنا على الصمت، قدرتنا على تحمل مسئولية القدر المزعج المرعب من الضجيج الذي نسببه للعالم، فلا وازع من دين أو ضمير أو أخلاق كافي لردعنا عن الصخب و الضجيج، فماذا لو كان الموت رادع كافي لقليل من الهدوء.
تكلم وسوف تدفع الثمن حياتك
عبر عائلة صغيرة تجوب العالم بحثا عن مكان آمن، يطالعنا فيلم عالم صامت بعالم صامت تماما من أية ضوضاء، بل من أي بشر، مجرد عائلة صغيرة تجوب الأرجاء بحثا عن مأوى آمن، في حالة من الصمت المريب، نفهم أسبابه حين تصدر عن لعبة طفل من العائلة الرحالة صوت مفاجيء.
يحتشد العالم بكائنات غرائبية مجهولة الهوية والمصدر، مجهولة التكوين والصفات، الأمر الأكيد عنها أنها تسمع جيدا، تسمع دبيب النمل إن جاز التعبير، وتقتات على ذلك الدبيب، كل حياة حية لن يمكنها الصمت هي غذاءها، حتى الأطفال الصغار ممن يقررون اللعب سهوا.
سوف نحيا رغم ذلك
تعيش العائلة بمنزل نائي بعد فقد أصغر أفرادها، تعيش وفق قواعد صارمة للغاية، فلا أصوات يجب أن تتردد بينهم، بما فيها أصواتهم هم شخصيا، بل على رأسها أصواتهم هم شخصيا، كل شيء يدار بلغة الصم، إشارات لكل شيء، محض عالم من الإشارات.
هل تكفي غريزة البقاء
يتعرض الأطفال بطبعهم لإصدار أصوات رغما عنهم، رغم التحذيرات المشددة من الأب و الأم، ويصبح على الجميع مواجهة الكائنات الماروائية المخيفة، التي تنهمر كالسيل على البيت، بعد سقوط أحد الأبناء وصراخه من الألم رغما عنه في مكان بعيد عن الييت. تواجه الكائنات أفراد العائلة كلهم، وتبدو المواجهة أقرب لمواجهة المخاوف، مخاوف الإنسان الأول البدائية، في مواجهة الطبيعة وشرورها، ويبرز الحل عند المواجهة، حين تكتشف أصغر فتيات العائلة الصماء صدفة أن الصوت المرتفع يقتل الكائنات.
الحل كان دوما هناك
تقرر الأبنة دعوة الكائنات لحفل قتل جماعي، بعد أن قتلت أحدهم صدفة، وأكتشفت أن مكمن قوة الكائنات هو نفسه مكمن ضعفهم، فالأصوات العالية للغاية قادرة على الفتك بنظامهم السمعي، وهو ما فعلته حين أصدرت عبر الميكروفون أصوات مرتفعة للغاية. عالم صامت فيلم مشوق ومثير، وربما لا ينبغي وصفه بفيلم رعب، بقدر وصفه بفيلم صراع من أجل البقاء، حيث يبدو أن الإنسان لازال يخطيء ليتعلم، ولازالت لديه نفس المخاوف، ولا زال يحاول أن يصبح أفضل.