الأمراض السيكوسوماتية تمثل حالة نفسية يظهر فيها أعراض جسدية بدون وجود تفسير طبي واضح. يعتبر هذا المصطلح ترجمة للمصطلح الإنجليزي “Psychosomatic disorder” في مجال علم النفس الطبي. يتسبب الضغط النفسي في هذا النوع من الحالات في التأثير السلبي على الوظائف الفسيولوجية للجسم، مما يؤدي إلى حدوث اضطراب وظيفي أو ضرر هيكلي في أعضاء الجسم. ينتج هذا التأثير نتيجة لتفعيل غير مناسب للجهاز العصبي اللاإرادي، الذي يسيطر على الوظائف الجسدية الأساسية مثل معدل ضربات القلب، وضغط الدم، وعمليات الهضم، بالإضافة إلى تفعيل غير مناسب لغدد الإفراز الداخلي.
أعراض الامراض السيكوسوماتية
في الحالات السيكوسوماتية، تظهر الأعراض الجسدية تباعًا لتدهور الحالة العاطفية والنفسية للفرد. وعلى الرغم من تحسن الحالة العاطفية مع مرور الوقت، يظل الجسم يحتفظ بالتأثيرات الضارة، مسببًا خللًا جسديًا دائمًا وواضحًا.
لنبسط الأمور، دعونا نلقي نظرة على تأثير إحدى الحالات العاطفية المعروفة، وهي الغضب، على الجسم في حالتين:
1. الحالة الطبيعية:
– حينما يغضب الإنسان، يحدث بعض التغيرات الفسيولوجية في الجسم.
– يشمل ذلك ارتفاع ضغط الدم.
– زيادة في معدل ضربات القلب.
– زيادة في معدل التنفس.
2. حالة حدوث الخلل الفسيولوجي في الجسم:
– في حالات السيكوسوماتية، يمكن للأعراض الجسدية أن تستمر رغم تحسن الحالة العاطفية.
– يحدث ذلك لأن الجسم يحتفظ بتأثيرات الحالة العاطفية السلبية، مسببًا خللًا دائمًا في الوظائف الجسدية.
سبب تسمية الأمراض السيكوسوماتية بالأمراض النفسجسمية
تم تسمية الأمراض السيكوسوماتية بالأمراض النفسجسمية نظرًا لتكامل العلاقة بين ظهور أعراض جسدية وتأثيرات جذور نفسية لهذه الأعراض. يحدث التأثير التبادلي بين الجسم والنفس بشكل ترابطي، حيث يتم توثيق هذه العملية على النحو التالي:
1. تأثير الجسم بالحالة النفسية:
– يشير إلى كيفية تأثير الحالة النفسية للشخص على حالته الجسدية.
2. ظهور أعراض جسدية:
– تظهر أعراض جسدية واضحة على الشخص المصاب بتلك الحالة.
3. تأثير النفس بالحالة المرضية للجسم:
– يشير إلى تأثير الحالة المرضية على حالة النفس للشخص، وكيف يؤثر ذلك في زيادة الأعراض الجسدية.
4. زيادة الأعراض الجسدية:
– يتزايد تأثير الحالة النفسية على الأعراض الجسدية، مما يسفر عن تفاقم حالة الشخص.
تشمل الأمراض السيكوسوماتية العديد من التسميات العلمية المتداولة مثل “الأعراض الجسدية”، و”الأمراض النفسية الجسمية”، و”اضطراب الأعراض الجسدية”، و”الألم الجسدي”. تُظهر هذه التسميات الترابط الوثيق بين العوامل النفسية والجسدية في هذا السياق الصحي.
اعراض الأمراض السيكوسوماتية
الأمراض السيكوسوماتية تتسم بعدم وجود أعراض جسدية واضحة يمكن الإشارة إليها بشكل دقيق، ولكن هناك عدة علامات وأحداث مرتبطة تظهر لدى المصابين بها، منها:
1. تغيرات في وظائف الجسم وظهور أعراض جسدية:
– مثل الأرق والتعب وآلام المعدة والجهاز الهضمي.
2. تغير في سلوكيات الفرد:
– مثل سرعة الانفعال والغضب.
3. اصطحاب اضطرابات نفسية أخرى:
– مثل القلق والاكتئاب.
4. زيارات متكررة للرعاية الصحية:
– مع تشخيص يتغير كل مرة.
5. عدم استجابة للعلاج الطبي:
– حيث لا يظهر تأثير الأدوية الموصى بها من قبل الأطباء.
6. صعوبات اجتماعية ونفسية:
– في محيط العمل أو الدراسة.
أما بالنسبة للأعراض الجسدية، فقد تشمل:
– التعب.
– الأرق.
– الألم والآلام، مثل آلام العضلات أو آلام الظهر.
– ارتفاع ضغط الدم.
– ضيق التنفس.
– اضطرابات المعدة والجهاز الهضمي.
– الصداع والصداع النصفي.
– العجز الجنسي عند الرجال.
– طفح جلدي (التهاب الجلد).
هذه الأعراض تعكس الترابط الوثيق بين الجانبين النفسي والجسدي في حالات الأمراض السيكوسوماتية.
هل يتم تشخيص مُصابي الأمراض السيكوسوماتية بسهولة؟
لا، عادةً ما يكون تشخيص مُصابي الأمراض السيكوسوماتية أمرًا صعبًا للغاية. يعود ذلك إلى:
– ظهور عدد من المضاعفات الجسدية على المريض، مع عجز الأطباء عن تفسير هذه المضاعفات بشكل واضح وتحديد التشخيص بدقة.
– شعور المصابين بالضيق وأحيانًا بالكسل نتيجة للزيارات المتكررة لمقدمي الرعاية الطبية، حيث يخضعون للاختبارات والعلاجات مرارًا دون أن يتلقوا تشخيصًا واضحًا.
ما السبب الرئيسي وراء الإصابة بالأمراض السيكوسوماتية؟
حتى الآن، لا يمكن التحديد بدقة للسبب الرئيسي وراء الإصابة بالأمراض السيكوسوماتية، ولكن عادةً ما يعزى ذلك إلى تأثر الفرد بالحالة النفسية السلبية لفترة طويلة.
يعتقد العلماء أن التوتر، وخاصة المشاعر السلبية الكامنة في الشخص، تلعب دوراً رئيسياً في ظهور الأمراض السيكوسوماتية. عند شعور الفرد بالتوتر، يُطلق جهازه العصبي استجابة داخلية تُعرف بـ “القتال أو الهروب”، مما يؤدي إلى إفراز هرمونات التوتر. تتسبب هذه الهرمونات في تغييرات فسيولوجية تشمل ارتفاع معدل ضربات القلب وضغط الدم، وتقلص التنفس، وتشدد العضلات.
تلك التأثيرات الفسيولوجية تؤدي إلى حدوث أضرار وظيفية في الجسم، مما يضع الجسم تحت ضغوط لا يمكنه التكيف معها بطريقة صحية.