يعتقد بعض الأفراد أن مرضي البهاق والبرص يمكن اعتبارهما مرضًا واحدًا نظرًا لوجود بعض الخصائص المشتركة بينهما. يعزى ذلك إلى حقيقة أن كل منهما يشكل مرضًا جلديًا يتسبب في ظهور نفس الأعراض المرضية المشتركة. يُفهم البهاق عادة باعتباره مجرد بقع جلدية تنتشر على البشرة، بينما يُصنف مرض البرص على أنه مرض معدي يظهر بياضه في جميع أنحاء الجسم.
ما هو الفرق ما بين البهاق والبرص؟
التمييز بين مرضي البهاق والبرص يظهر بوضوح في العديد من الجوانب. أولاً، فيما يتعلق بمرض البهاق، يعتبر هذا المرض من الأمراض الجلدية الشائعة، حيث يتجلى بظهور بقع بيضاء واضحة على مناطق محددة في الجلد، أو على جسم الفرد بأكمله. ينجم عن ذلك تلاشي لون الجلد واكتسابه لشكل باهت، مع إطار بني داكن يحيط بالبقع البيضاء. تكون هذه البقع صغيرة في بداية ظهورها، لتتوسع تدريجياً حتى تصل إلى حجم حصاة صغيرة.
تتميز هذه البقع بعدم احتوائها على الخلايا الصبغية المسئولة عن إنتاج الميلانين، المادة الملوِّنة الموجودة في أجزاء متعددة من الجسم، مثل الشعر، والجلد، والعيون، والشفاه. تشمل البقع البيضاء المنتشرة بشكل خاص الأجزاء العلوية من الجسم، مثل الوجه، والكوعين، والكفين، قبل أن تمتد إلى باقي أنحاء الجسم، مما يؤدي إلى مظهر غير مرغوب فيه يترك آثارًا على البشرة. ينتج هذا المرض عادة نتيجة لعوامل وراثية أو جينية، أو لأسباب مناعية قد تؤثر على الأجزاء العصبية. ورغم ذلك، يظل السبب الأساسي وراء ظهور المرض غير معروف حتى الآن.
تصنيفات مرض البهاق تتنوع وتشمل ما يلي:
1. البهاق القطعي:
يظهر في شكل بقع بيضاء على جهة واحدة من الجسم، ويكون محدودًا للغاية، مع انتشار الأعصاب السطحية.
2. البهاق الثابت:
يظهر على شكل بقع بيضاء في مناطق متفرقة من الجسم، وقد تستمر لفترة تتجاوز عامًا.
3. البهاق الطرفي:
يظهر في شكل بقع بيضاء تؤثر على أجزاء محددة من الجسم مثل الأطراف والشفاه والأعضاء التناسلية.
4. البهاق البقعي:
يظهر على شكل بقع بيضاء محددة في مناطق معينة بالجسم.
5. البهاق المنتشر:
يظهر في شكل بقع بيضاء تنتشر في معظم مناطق الجسم، مما يؤدي إلى اختفاء لون الجلد الطبيعي.
6. الشامة الهالية:
عبارة عن هالة بيضاء تظهر حول الشامة، محاطة بشامة ملونة، مشيرة إلى بداية علامات الإصابة بمرض البهاق.
7. حالة كوينر:
تظهر على شكل بقع بيضاء في مناطق الإصابات والجروح.
8. حالة كوبنر:
بقع بيضاء تظهر فقط في أماكن الجروح والإصابات.
يمكن اللجوء إلى طرق متعددة لعلاج مرض البهاق، حيث يتم تقسيمها إلى نوعين رئيسيين، وهما:
النوع الأول: طريقة العلاج بالاسترجاع اللوني، وتتضمن:
1. العلاج بأجهزة PUVA:
يتضمن هذا النهج استخدام العلاج بالأشعة فوق البنفسجية A (PUVA)، حيث يتم تعريض البشرة لهذا النوع من الأشعة بعد تناول عقار يجعل البشرة أكثر استجابة للعلاج.
2. العلاج الموضعي:
يتضمن استخدام العقاقير أو كريمات الكورتيزون الموضعية، حيث يتم تطبيقها مباشرة على البقع البيضاء لتحفيز إعادة اللون للجلد.
3. العلاج الجراحي:
يشمل هذا النهج إجراء عمليات جراحية مثل زراعة الجلد أو التصحيح الجراحي للندبات، بهدف تحسين مظهر البشرة المتضررة.
4. العلاج بأجهزة الليزر:
يتضمن استخدام أجهزة الليزر لتحفيز إنتاج الميلانين في البشرة وتحسين لونها، ويُعتبر هذا النهج فعّالًا في بعض الحالات. وتتيح هذه الطرق للأفراد المصابين بمرض البهاق اختيار الخيار العلاجي الذي يتناسب مع حالتهم واحتياجاتهم الفردية.
النوع الثاني: طريقة العلاج بالإزالة اللونية:
هذا النوع من العلاج يركز على إزالة اللون البيضاوي من البقع المتضررة، وقد يتضمن عمليات تبييض الجلد. يتعامل هذا النوع من العلاج مع التحديات التي تعترض إرجاع الجلد للونه الطبيعي، ويعتبر خيارًا للحالات التي يشمل فيها مرض البهاق أكثر من 50% من جلد الفرد.
يشمل هذا النهج الاستفادة من تقنيات الإزالة اللونية للحد من تأثير البهاق على المظهر الجلدي، ويمكن أن يشمل العلاج بزراعة الخلايا الصبغية ذاتيًا، حيث يتم نقل خلايا صبغية من منطقة الجلد السليمة إلى المناطق المتضررة لتحفيز عملية التصبغ. ويعد هذا النوع من العلاج خيارًا متقدمًا ومعقدًا، ويتم تنفيذه بناءً على تقييم دقيق للحالة الصحية للفرد المصاب بمرض البهاق.
ثانيًا: مرض البرص:
يُعرف مرض البرص أيضًا باسم البهق أو المهق أو الإغراب، ويعد مرضًا خلقيًا ناتجًا عن اضطراب في التكوين الخلقي يعود سببه إلى نقص الصبغة اللونية في الجلد، العيون، والشعر نتيجة لعدم قدرة الجسم على إنتاج كمية كافية من صبغة الميلانين، التي تتكون من إنزيم التيروزينار، والذي يلعب دورًا رئيسيًا في تكوين لون الشعر والجلد لدى المرضى المصابين بالبرص.
ينجم عن هذا النقص في صبغة الميلانين جعل لون الشعر شاحبًا ولون العينين أزرق. يمكن أن يؤدي المرض إلى تغيير لون الجلد الطبيعي إلى اللون الأبيض، ويُعزى ظهور المرض إلى أسباب وراثية، مع تعرض الأفراد المصابين بالبرص لمخاطر أكبر من حروق الشمس نظرًا لأن صبغة الميلانين تعمل على حماية الجلد من أشعة الشمس الضارة، وتحمل الأشعة فوق البنفسجية. ويمكن أن يؤدي المرض أيضًا إلى مشاكل في العينين نتيجة لغياب مادة الميلانين من العينين.
أنواع مرض البرص:
1. البرص البصري:
في هذا النوع من المرض، يتعرض المريض لفقدان صبغة الميلانين في العينين فقط، مما يؤثر على لونهما وقد يؤدي إلى مشاكل في الرؤية.
2. البرص البصري الجلدي:
يُعد هذا النوع هو الأكثر انتشارًا على مستوى العالم، حيث يتسبب في فقدان صبغة الميلانين في الجلد، مما يؤدي إلى ظهور بقع بيضاء على البشرة. يمكن أن تكون هذه البقع موزعة في مناطق مختلفة من الجسم.
3. البرص المرافق:
يُسبب هذا النوع من البرص الاضطرابات الصحية الإضافية، حيث يؤدي إلى حدوث متلازمات مثل متلازمة جريسيلي أو متلازمة شدياق هيجاشي. يكون المريض معرضًا لتطوير مشاكل صحية إضافية ناتجة عن هذه المتلازمات المرافقة.
توجد عدة طرق لعلاج مرض البرص، وتشمل:
1. العقاقير والأدوية:
يتضمن العلاج الطبي استخدام عقاقير وأدوية تهدف إلى تحفيز إنتاج الخلايا الصبغية في الجلد، مما يعزز إعادة التصبغ ويقلل من ظهور البقع البيضاء.
2. المراهم والكريمات الموضعية:
يتم استخدام مراهم وكريمات تُطبق محليًا على البقع المصابة، وتعمل على تحسين حساسية الجلد لأشعة الشمس الضارة، مما يقلل من تأثيرها السلبي على البشرة المتضررة.
3. تقنية الليزر:
يُستخدم الليزر في بعض الحالات للتركيز على المناطق المصابة بالبرص، مما يعزز إنتاج الميلانين ويحسن من لون الجلد.
4. العلاج بالجراحة:
يشمل هذا النهج أخذ الخلايا الصبغية الجديدة من أجزاء سليمة بالجسم ثم زراعتها في المناطق المتضررة. يتم تحفيز نمو هذه الخلايا بفعالية من خلال المختبرات الطبية، مما يعزز إعادة التصبغ في المناطق المتضررة.
هذه العلاجات تعتمد على خصائص المريض وشدة المرض، ويُفضل استشارة الطبيب لتحديد الخيار الأمثل لكل حالة.