الفرق بين الادارة العامة وادارة الاعمال أهم الموضوعات. الإدارة العامة هي أحد فروع العلوم الاجتماعية التي ترتبط مع كل من العلوم السياسية والعلوم الإدارية، وهي تهتم بالأساس بكل ما يخص تسيير وإدارة الهيئات الحكومية، وبالتالي فهي قديمة من الناحية التاريخية لأن ظهورها مرتبط بظهور سلطة سياسية تسعى لفرض إرادتها على إقليمها الجغرافي وإدارته[1].
أما إدارة الأعمال فقد نشأت مع ظهور حركة الإدارة العملية التي اهتمت بدراسة عنصري الوقت والحركة لاختيار الأشخاص الأكثر كفاءة، مع اعتماد مبدأ التخصص وتقسيم العمل، ومع التطور المعرفي الحاصل في كافة المعارف الإنسانية، والتراكم الهائل في الممارسات الإدارية، وتبلور تخصص علمي تحت مسمى “الإدارة العامة” وآخر تحت مسمى “إدارة الأعمال” يظهر تساؤل حيوي عن أوجه التشابه والاختلاف بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال، وهذا ما سنحاول بيانه في السطور التالية.
الفرق بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال
هل تتشابه السلوكيات والأساليب الإدارة سواء كانت تتطبق في نطاق المؤسسات العامة والهيئات الحكومية أو كانت تطبق في الشركات الخاصة ؟ يُعد هذا التساؤل مهمًا عند الحديث عن الإدارة العامة، وثمة ثلاثة اتجاهات رئيسية للنظر للإجابة عن هذا التساؤل، نعرضها كما يلي[2]:
الاتجاه الأول: التشابه بين النوعين
أولى هذه الاتجاه يرى أن لا يوجد اختلاف بين كل من الإدارة العامة وإدارة الأعمال، فالاختلاف ينحصر في الشكل فقط وليس في الجوهر أو المضمون، فمعاني الإدارة لا تقتصر على أي من النطاق الحكومي أو الخاص، بل تشمل كليهما، كما أن كل المنظمات –حكومية أو خاصة- تحتاج إلى تخطيط وقيادة وتنظيم ورقابة، وإنما علم الإدارة هو علم واحد يُطبق في المنظمات الخاصة كما يُطبق في الهيئات الحكومية.
يرى أنصار هذا الاتجاه أن كلًا من الإدارة العامة وإدارة الأعمال تتشابه في النواحي الآتية:
- كلاهما يعمل على رفع الكفاءة الإنتاجية للعاملين وهو مما ينعكس بالإيجاب على أداء المنظمة حكومية كانت أو خاصة.
- ممارسة العمل الإداري في كليهما يعتمد على الفن والاستعداد الشخصي والموهبة الذاتية.
- كلاهما يخضع إلى لوائح وقوانين وقيم تعكس المجتمع المحيط لها.
- كل من المشروعات العامة أو الخاصة تسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح بأقل تكلفة وفي أقصر مدة زمنية ممكنة.
الاتجاه الثاني: الاختلاف في الدرجة وليس الجوهر
الفرق بين ادارة الاعمال والادارة العامة
أنصار هذا الاتجاه يرون أن الاختلاف بين كل من الإدارة العامة وإدارة الأعمال ليس اختلافًا جوهريًا وإنما هو اختلاف في الدرجة، ويمكن توضيح هذا كما يلي:
-
من ناحية الهدف:
تهدف الإدارة العامة إلى تحقيق المصلحة العامة للأفراد داخل المجتمعات، بينما في إدارة الأعمال فالهدف هو تحقيق الأرباح، وبالتالي فمعرفة الجدوى الاقتصادية للمشروع هو شرط أساسي لأي نشاط قبل البدء فيه.
-
من ناحية المستفيدين:
في إدارة الأعمال يكون المستفيدين هم فئة معينة داخل المجتمع، وليس المجتمع بأثره، أما فيما يتعلق بالإدارة العامة فالمستفيدون يمثلون نسبة كبيرة داخل المجتمع.
-
من ناحية المنافسة:
إدارة الأعمال تتم في ظل منافسة شرسة وظروف احتكارية، فالمشروعات الحكومية تتم في ظروف احتكارية لأن نشاطات الإدارة العامة يوجد بينها نوع من التكامل والتنسيق، فمن الصعب أن تنافس وزارة التعليم وزارة الثقافة أو أي وزارة أخرى، لأنها كلها تخضع لسلطة واحدة.
-
من ناحية دائمية الوظيفة:
الوظيفة الحكومية غالبًا ما تتميز بالاستقرار والأمان، وقد يمكث الموظف عمره كاملًا إلى أن يصل إلى سن المعاش، أما الذي يعمل في النشاط الخاص فالموظف عرضة لأن يفقد عمله في أي وقت، وهذه سمة العمل الخاص فهو مؤقت وتعاقدي، وبالتالي قد يُفسخ التعاقد في أي لحظة.
-
من ناحية المساواة:
تتم مساواة العاملين في القطاع العام إذا كانوا خريجي دفعة واحدة وتولوا مناصب متشابهة، فتتساوى المزايا الوظيفية من أجر وإجازات وشروط الترقية، أما في الشركات الخاصة فهناك تفاوت هائل بين بعضها البعض، في الأجر والإجازات وغير ذلك.
الاتجاه الثالث: الاختلاف الجوهري الفرق بين الادارة العامة وادارة الاعمال
الرأي الثالث يرى أن الاختلاف بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال هو خلاف جوهري، وأن التشابه بينهما يقتصر على الجوانب غير الحيوية، وفيما يلي أبرز النقاط التي يبرز الخلاف يبن نمطي الإدراة:
-
معايير اتخاذ القرار:
عملية صنع واتخاذ القرار من أهم العمليات الإدارية التي يظهر فيها الفارق بين الإدارة العامة وإدارة الأعمال، بخصوص الإدارة العامة فإن الاعتبارات السياسية والاقتصادية المرتبطة بالحكومة وسياساتها العامة تكون هي العامل الأهم الذي يؤخذ في الاعتبار عند اتخاذ القرار، وذلك بخلاف الوضع في إدراة الأعمال وعالم القطاع الخاص، فالحسابات العقلانية والعائد الاقتصادي هو المؤثر الأكبر في صنع القرار، لأن تحقيق الربح هو الهدف الأهم لأصحاب المشاريع الخاصة.
بناء على ما سبق فقد تتخذ الحكومات قرارات وإجراءات تتسبب في خسائر مالية أو تكاليف إضافية مقابل نيل رضا المواطنين، في حين أن الخسارة في إدارة الأعمال يتحملها أصحاب العمل ويدفعونها من جيوبهم.
-
أساليب وطرق التقييم
الفرق بين ادارة الاعمال والادارة العامة في القطاع الخاص يبحث أصحاب الأعمال الخاصة عن الأرباح، وبالتالي فأساليب وطرق تقييم الأعمال تركز على حسابات الربح والخسارة أي معايير اقتصادية بحتة، أما القطاع العام فلا يتربط تقييم الأداء والنشاطات من منظور المكاسب والخسائر، على سبيل المثال فقطاع السكك الحديدية يُدعم من الحكومة وربما لا يحقق أرباح بل دائمًا ما تنفق عليه ميزانية ضخمة، غير أن الهدف من إنشائه ليس تحقيق الأرباح وإنما تلبية احتياجات المواطنين في توفير وسيلة مواصلات آمنة بسعر مخفض.
-
المسئولية
كل من الإدارة العامة وإدارة الأعمال تتعرض للمساءلة، لكن تتفاوت درجات هذه المساءلة، وتختلف الجهات المنوطة بذلك اختلافًا جوهريًا، بخصوص الإدارة العامة فالجهات الحكومية مسئولة من عدة جهات رقابية، كما أنها تراقب شعبيًا، أما العمل الخاص، فأصحاب رأس المال والقيادات العليا هم يقومون بالرقابة على الدرجات الأدنى.
-
الأساس المالي:
هناك اختلاف بين نمطي الإدارة في الأساس المالي من حيث الإيرادات والمصروفات وإعداد الميزانيات، فمصادر الإدارة العامة متعددة مثل أملاك الدولة والضرائب، وعملية إعداد الموازنة تأخذ زمنًا طويلًا نسبيًا، أما الميزانية في العمل الخاص فيتم إعدادها في وقت قصير مقارنة بمثيلتها في الهيئات الحكومية.
بمَ استفدنا من معرفة الفارق بين الإدارة العامة والإدارة الخاصة؟
الحقيقة أن الحديث عن الفرق بين نمطي الإدارة العامة وإدارة الأعمال ليس مفيدًا من الناحية النظرية لطلاب العلوم السياسية والعلوم الإدارية فحسب، بل هو مفيد لأي شخص يفكر في تحديد أهدافه الشخصية وترتيب أولوياته الوظيفية، هل يبحث عن عمل حكومي يتمتع فيه بالأمان الوظيفي وغالبًا ما يكون في المقابل العائد المادي أقل نسبيًا من العمل في القطاع الخاص، مع الوضع في الاعتبار أن القطاع الخاص يجعله دائمًا في حالة من عدم الأمان مع إمكانية وقوع ظلم في تطبيق اللوائح التي تخضع أحيانًا لاعتبارات شخصية غير موضوعية !
[1] عقبة كامل الرضا، الإدارة العامة وإدارة الأعمال، المعهد الوطني للإدارة العامة، صـ 10
[2] طلق عوض السواط وآخرون، الإدارة العامة: المفاهيم – الوظائف – الأنشطة، دار حافظ، ص ص 10 17 .