في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام هجري، تحلّ ذكرى مولد نبي الإسلام، محمد بن عبد الله، عليه الصلاة والسلام. يحظى النبي محمد بمحبة شديدة الخصوصية لدى المسلمين؛ باعتباره نموذجًا فريدًا كاملاً للإنسانية. في هذا المقال نستعرض أبرز السّمات والصفات الجسدية والسلوكية لشخصيّة النبي عليه السلاة والسلام، بحسب ما حكاه الصحابة الذين صحبوه وعايشوه طويلاً، وتناقلته عنهم المصادر التراثية المتنوّعة.
الصفات الجسدية للنبي
ملامح وجه النبي محمد صلى الله عليه وسلم
كان وجه النبي عليه الصلاة والسلام، بلون الزهر الورديّ، وسَطٌ بين الشكل المستدير والمربّع. وكان جبينه مستويًا عريضًا، وحاجباه مقوّسين قويّان ظاهران كأنهما مرسومان، وبينهما اتصالٌ خفيف لا يظهر إلا عن قُرب، وعيناه بحدقتين شديدتي السواد، وبياضهما ناصعٌ تظهر فيه حُمرة خفيفة، وكانت أهدابه (رموشه) كثيفة طويلة، كأنه مكتحل.
وكأن أنفه مستقيمًا طويلاً في وسطه عُلوّ، بطرفٍ دقيق، وكان خدّاه أبيضين ممتلئين. أما فم النبي عليه الصلاة والسلام، فكان واسعًا بهيئةٍ جميلة، بشفتين متوسّطتي الرّقة، كأجمل ما يكون عند انطباقهما، وكانت أسنانه مفلّجة منتظمة، وكانت رائحة فمه دائمًا حسَنة.
وأما لحية النبي عليه الصلاة والسلام، فكانت كثيفة جميلة الهيئة، تبرز عنقفته وتتصل بباقي اللحية، ولا تخلو من بضع شعرات بيضاء ظاهرة البياض.
وبالنسبة لشَعر رأس النبي عليه الصلاة والسلام، فكان أسودَ فاحِمًا، كأنه ممشّط دائمًا، وكان يطيله أحيانًا حتى يصل إلى ما بين أذنيه، وأحيانًا حتى كتفيه، وكان يجمعه كله إلى الخلف، ثم صار يفرقه من المنتصف.
صفات جسد النبي
كان النبي عليه الصلاة والسلام، متناسق الجسم، مائلاً إلى الطول، منتظم الأعضاء، متين القوام، طيّب الرائحة دائمًا، طويل العنق كأنها من العاج، عريض المنكبين وأعلى الظهر، بين كتفيه شامة النبوّة في حجم بيضة حمامة، عريض الصدر، مستوى الصدر والبطن، لا ينمو على صدره وبطنه شعرٌ كثيف، وإن كان يظهر خطٌ من الشعر نازل من صدره حتى سُرّته.
وكان له عليه الصلاة والسلام، ذراعان طويلان قويّان، وكفّان واسعان ممتلئان ليّنان، بأصابع طويلة، وساقاه معتدلتان، ليس باطن قدمه مسطّحًا وإنما أخمصًا، وكان عقب قدمه دقيق.
ما هو اسم النبي محمد صلى عليه وسلم كامل؟
الصفات السلوكية للنبي
كان يسهل التعرّف على انفعالات النبي عليه الصلاة والسلاة، بسهولة من ملامح وجهه، سواء في حال الرّضا أو الغضب أو السرور، أو حتى الغضب. فعلى سبيل المثال، كان إذا غضب احمرّ وجهه ظهر عرق في منتصف جبهته، وإذا سرّه أمرٌ أشرق وجهه، وإذا اشتدّ فرحُه لم يُخرجه ذلك عن اتّزانه ووقاره.
وكان عليه الصلاة والسلام يمشي في وقار، يمشي خلف أصحابه تواضعًا، وإذا مشى بجوار أحدٍ، وإن طويلاً، ظهر أطول منه. وكانت نظراته وقورة ساكنة، معظم نظره يكون للملاحظة، ويخفض بصره عن الشيء إذا لم يحتج إلى النظر إليه. وكان سبّاقًا إلى التحيّة والمصافحة، دمثَ الأخلاق، يتعامل في لين ويُسر.
كان طويل السكوت ويتكلم بالبلاغة
وكان عليه الصلاة والسلام دائم التفكير والتأمّل والانتباه والتيقّظ، جيّد الإنصات، طويل السكوت، ولا يتكلّم إلا إذا احتاج، ويقتصر على ما قلّ ودلّ، وكان نادرًا ما يذمّ شيئًا، كثير الشُكر لله على النعم، وللخلق على فضائلهم. لا يغضبه شأنٌ من شئون الدنيا، بل ولا يغضب بنفسه، وإنما يغضب للحقّ، وإذا غضبَ لحقٍ لا يحول شيءٌ بينه وبين الانتصار له مهما جرى.
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بالترتيب
كان يستخدم يده في الإشارة، ويشير بها كلها، عند الإشارة، وعند التعجب، وعند التحدث.
وكان يجلس القرفصاء، وربما يتكئ على وسادة، إلا في حال الأكل فإنه كان يعتدل، لكن ليس في جلسة مستقرّة تمامًا كالذي ينوي الاستكثار من الطعام.
وكانت طريقته عليه الصلاة والسلام، في الكلام والسرد طريقة طبيعية مألوفة، لكن ألفاظه شديدة الفصاحة وتعبيراته شديدة الوضوح والبيان، لا لبس فيها، وإذا تحدّث أرفق كلامه بإشارة تؤكّد كلامه. إلى جانب سِماتٍ أخرى متكاثرة في أخلاق النبي وطباعه الشخصية الفريدة.
المصادر
– زهر الخمائل على الشمائل: أوصاف النبي عليه الصلاة والسلام، الإمام السيوطي، تحقيق مصطفى عاشور، مكتبة القرآن للطبع والنشر والتوزيع، القاهرة، 1988م.
– الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض المراكشي، تحقيق عبده علي كوشك، جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، 2013م.