تحليل البناء الدرامي لفيلم Gladiator
تحليل البناء الدرامي لفيلم Gladiator

في العصر الحاضر، ومع ظهور فن كتابة السيناريو الدرامي، تطوّرت أشكال مختلفة للبناء الدرامي للأفلام والمسلسلات، تماشيًا مع التعقيدات والإمكانات التي وفرتها وسائط السينما والتلفاز والمنصات الرقمية. لكنها لا تزال ملتزمة في جوهرها بالتركيب الذي حدده أرسطو قبل 2400 عامًا، باعتبارها تتكون من ثلاثة فصول.

من بين أهم المصادر التي اشتغلت على تقديم وتحليل البناء الدرامي، تأتي ثلاثية (Save The Cat)، التي ضمّنها مؤلفها السيناريست الأمريكي بليك سنايدر، مخططه المميز للبناء الدرامي للأفلام الدرامية. في هذا المقال، ومن خلال مخطط بليك سنايدر، نتناول تحليل البناء الدرامي لفيلم (Gladiator)، إنتاج عام 2000م، ومن تأليف ديفيد فرانزوني وجون لوجان وويليام نيكلسون، عن قصة ديفيد فرانزوني.

 

تحليل البناء الدرامي لفيلم Gladiator وفق مخطط بليك سنايدر

يحيل بليك سنايدر قصة هذا الفيلم على تيمة درامية أصيلة، باعتبارها قصة شقيقين – لكن بلا صلة قرابة حقيقية-، يتنافس كل منهما على الاستحقاق بحُب الأب. أحدهما (ماكسيموس) متفوق ويتم استدعاؤه لأداء واجب ما ضد إرادته، والآخر (كومودوس) خصم غيور. ورغم تردد الأول في البداية في أداء المهمة، إلا أنه يعود بالنهاية ليضع الأمور في نصابها الصحيح، في مواجهة ملحمية تثبت أن القوة والشرف بإمكانهما أن يهزما أقوى القوى. النوع الفيلمي الذي ينتمي له هذا الفيلم، البطل الخارق الشعبي، وهو ما يتجسد فعلاً في الأحداث.

عن البناء الدرامي لفيلم Gladiator
عن البناء الدرامي لفيلم Gladiator

 

المشهد الافتتاحي – Opening Image

يد رجل بخاتم زواج تلامس السنابل المنتصبة في حقل قمح. الجنرال ماكسيموس (راسل كرو) يحلم بالوطن. إنه خص محبوب حقًا، نرى ذلك حين يبتسم لطائر، ثم مع كلبه المخلص واحترام جنوده. نحن في العام 180م، في جرمانيا، على تخوم الإمبراطورية الرومانية. يشن الإمبراطور ماركوس أوريليوس (ريتشارد هاريس) حملته الأخيرة هناك.

 

تحديد التيمة – Theme Stated

في الدقيقة الرابعة، يطلق أحد المساعدين تعليقا للجنرال حول خصومهم البربريين: “يجب أن يعرف الناس متى يتم احتلالهم”. في إشارة إلى المعنى الحقيقي لـ “القوة والشرف” وعدم الاستسلام.

 

الإعداد – Set Up

الجنرال ماكسيموس شجاع واستراتيجي بارع، رجاله سيفعلون أي شيء من أجله. بعد المعركة، يثني الإمبرطور على الجنرال، ولكن تتم مقاطعته بوصول ابنه كومودوس (جواكين فينيكس) وابنته لوسيلا (كوني نيلسن)، اللذين يجسدان سفاح القربى وجنون السلطة. (الأسرة التي تقتل معًا ، تبقى معًا). لوسيلا أحبت ماكسيموس فيما مضى، وهي الآن أرملة  ولديها ابن. والإمبراطور في مرحلة لابد أن يسمي فيها مَن سيخلفه على عرش الإمبراطورية.

 

العامل المحفز – Catalyst

في مفاجأة غير متوقعة، يطلب الإمبراطور من ماكسيموس أن يخلفه وأن يجعل روما جمهورية بدلاً من كونها إمبراطورية. ولكن قبل أن يرجع ماكسيموس بإجابة واضحة للإمبراطور، يقتل كومودس والده الإمبراطور خنقًا، لأنه لم يتم اختياره. لقد تفوق العدو على البطل الخارق، وبدأ نضال البطل يأخذ مجراه.

 

الجدال – Debate

ما الذي يجب أن يفعله ماكسيموس؟ قيل له إن الإمبراطور قد مات، وإن كومودوس هو الإمبراطور الجديد، وهو مطالب الآن بأن يقسم الولاء.

 

بداية القسم الثاني من الفيلم – Break into Two

يختار ماكسيموس “القوة والشرف” على الولاء لكومودوس، ويعرف أن موت الإمبراطور كان جريمة قتل. لهذا، يتم القبض عليه ويحكم عليه بالإعدام وكذلك زوجته وطفله. يهرب ماكسيموس من عملية الإعدام في واحدة من تلك السباقات الرائعة حقًا التي يتجنب فيها البطل الإعدام لينقذ عائلته، لكن يصل بعد فوات الأوان. وجدهم ميتين ومزرعته محترقة. يفقد وعيه على إثر إصاباته، ثم يستيقظ في “نسخة مقلوبة من العالم”. يباع كعبد محكوم عليه بالموت كمصارع.

 

القصة الجانبية – B-story

الآن، بدلاً من فيلق من الجنود المدربين تدريباً عالياً، يقود ماكسيموس مجموعة من المقاتلين غير المحترفين. بدلاً من الإمبراطور، لديه الآن الخنّاس بروكسيمو (أوليفر ريد)، الذي تم إرساله إلى المناطق النائية للإمبراطورية. لقد علق بروكسيمو “القوة والشرف”، ولكن بصفته عبدًا سابقًا تم تحريره من العبودية بواسطة الإمبراطور شخصيًا، يتعاطف بروكسيمو مع محنة ماكسيموس، وسيعلمه دروسًا في عدم الاستسلام.

 

اللهو والمرح – Fun and games

وكأنه عائد من الموت، لم يعد دافع ماكسيموس للحياة قائمًا بسبب رحيل أسرته، لكن عليه في الوقت ذاته أن يجد سببًا جديدًا للبقاء على قيد الحياة. تعود مهاراته عندما يقاتل من أجل أفضل قضية للجميع: خدمة الآخرين، بما في ذلك جوبا (دجيمون هونسو)، الإثيوبي الذي يفتقد عائلته أيضًا. يتم تمييز راسل وسط مجموعة العبيد المقاتلين كقائد.

 

منتصف الفيلم – Midpoint

بوصولنا إلى نقطة المنتصف، يكون ماكسيموس قد هزم جميع منافسيه؛ لم يبق أحد للقتال. في هذه الأثناء، يسيطر كومودوس على روما، ويبدو أنه كسب حب عامة الناس. هو ومعه أخته لوسيلا النادمة المقهورة، لأن تكلفة قتل والدها تثقل كاهلها. يريد الإمبراطور الجديد ألعابًا في الكولوسيوم، ولم يكن يعلم أنه من خلال استدعاء أفضل المصارعين في الإمبراطورية، فإنه يقترب من ماكسيموس. تتقاطع القصص الرئيسية والفرعية، بينما يتوجه ماكسيموس وبروكسيمو إلى روما. الآن صارت لدى ماكسيموس مهمة جديدة: الانتقام.

لقطة من فيلم Gladiator
لقطة من فيلم Gladiator

 

عودة الأشرار – Bad Guys Close in

في المباراة الأولى على أرض الكولوسيوم، وبعد أن يوشك مصارعو بروكسيمو على الفشل، يتقدم ماكسيموس مرتديا قناعا يخفي هويته، ليقود المواجهة، وينقذ رجاله، ويكسب تشجيع جمهور العامة في المدرجات، هذا مفتاح البقاء والنجاة كما علمه بروكسيمو.

بعد هذا الانتصار اللافت الخاطف، يريد الإمبراطور الجديد أن يعرف هوية هذا المصارع القائد، ويكشف له ماكسيموس عن نفسه. هكذا يتزايد الضغط على الإمبراطور بإدراكه للتهديد والمؤامرات التي عليه أن يرتبها ليتخلص من ماكسيموس. ينما في المقابل، ترى لوسيانا أن قوة وشرف ماكسيموس هما ما تحتاجه روما وشعبها حقًا.

 

الخسارة التامة – All is Lost

تتضمن “نفحة الموت” تحدي ماكسيموس في مواجهة مصارع لم يهزم من قبل. ورغم إطلاق عدد من النمور الجائعة  من تحت أرضية حلبة القتال في الكولوسيوم، ينتصر ماكسيموس في النهاية ويسأل الجمهور عما إذا كان يجب أن يقتل ضحيته التي لا حول لها ولا قوة. ويصبح “مكسيموس الرحيم” عندما يتحدى الإمبراطور ويترك خصمه حيًا. “لم يكن موتًا سهلاً”، هكذا يصف الإمبراطور لماكسيموس كيف عانت زوجته وابنه عند قتلهما.

 

الانكسار – Dark Night of the Soul

كانت رغبة ماكسيموس في لم شمله مع زوجته وابنه، حتى ولو من خلال الموت، مهمته منذ البداية. لاحقا يحصل تماثيل دينية تمثلهم ويظل يشتاق إلى أن يجتمع شملهم معًا.

 

بداية القسم الثالث من الفيلم – Break into Three

ماكسيموس الآن في مخطط تآمري للهروب من الأسر، وتكوين جيش، والعودة لغزو روما، حلفاؤه هم لوسيانا وبعض أعضاء مجلس الشيوخ المنشقين ضد الإمبراطور الجديد. ولكن يكتشف الإمبراطور المخطط قبل اكتمال تنفيذه، ويتم إفشاله، ليكون على ماكسيموس التنقيب مجددا لإيجاد طريقة جديدة، وسيكون هذا اختباره الأخير.

من فيلم Gladiator
من فيلم Gladiator

 

النهاية – Finale

يكتشف بروكسيمو روحه مرة أخرى ويستعيد “القوة والشرف” عندما يضحي بنفسه لمساعدة ماكسيموس على الهروب. ومع ذلك، قُتل المتآمرون وأسر ماكسيموس. بالعودة إلى القيادة الكاملة، يطعن كومودوس المجنون الغيور ماكسيموس “المصلوب”، مما يجعله غير قادر على القتال، ومع ذا يحضره إلى حلبة القتال في الكولويوم ليقتله أمام الجمهور. لكن المبارزة تنتهي بنجاح ماكسيموس في قتل كومودوس قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.

 

المشهد الختامي – Final Image

في نهاية تسلسل الحلم، يجتمع ماكسيموس أخيرًا مع عائلته في الحياة الآخرة. لقد انتهت رحلته، واكتمل واجبه الدنيوي.