إن الأشخاص الذين يعانون من مرض البيدوفيليا (الميل الجنسي إلى الأطفال) لديهم أوهام أو سلوكيات تنطوي على أنشطة جنسية غير مشروعة مع طفل أو مجموعة أطفال، وتكون أعمارهم بشكل عام 13 عاما أو أقل.
ما هي البيدوفيليا؟
يعانى مرضى مرض البيدوفيليا من تخيلات أو حوافز أو سلوكيات جنسية متكررة ومكثفة تشمل المراهقين في سن البلوغ أو الشباب (عادة 13 سنة)، ويتم تشخيصه فقط عندما يكون عمر الأشخاص نحو 16 عاما، ومرض البيدوفيليا هو نوع من أنواع الاعتداء الجنسي على الأطفال والذي يسبب الأذى لهم، وبالتالي يعتبر اضطرابا خبيثا.
بيدوفيليا النساء
في العقد الماضي، ظهر عدد من جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال المتورطة بها سيدات، وذلك فيما يعرف بـ«بيدوفيليا النساء»، ففي عام 2016 (آخر عام تتوفر عنه إحصاءات)، أدينت 142 امرأة وفتاة بارتكاب اعتداءات بما في ذلك الاغتصاب والاعتداء الجنسي وممارسة الجنس مع قاصر، وهو ضعف عدد الذين أدينوا في 2014، وأكثر من 3 أضعاف العدد في بداية العقد.
وفي عام 2015، ذكر عالم النفس الدكتور جو سوليفان، أن عدد النساء اللاتي يعتدين جنسيا على الأطفال كان أعلى بكثير مما توحي به معدلات الإدانة، مستشهدا بأن أسباب انخفاض معدلات الإدانة يرجع إلى شعور الضحايا المراهقون من الذكور على وجه الخصوص بالتردد في التقدم بسبب الخوف من ألا ينظر إلى تجربتهم على أنها إساءة معاملة، ويشعرون بالضغط إذ يكونوا مضطرين لاعتبار لقاءاتهم الجنسية مع النساء على أنها «وسام شرف»، وليست بيدوفيليا.
مرض البيدوفيليا عند الرجال
رغم أن معظم المتحرشين بالأطفال هم من الذكور إلا أننا لا نجد مصطلح بيدوفيليا الرجال مثلما يوجد مصطلح بيدوفيليا النساء.
وفي حالة إصابة رجل بمرض البيدوفيليا فإنه قد ينجذب إلى الأولاد الصغار أو الفتيات أو كليهما، ومن غير الواضح ما إذا كانت الفتيات أو الفتيان أكثر عرضة لوقوعهم ضحايا لميل الأطفال، على الرغم من أن الفتيات يبدون أكثر عرضة لوقوع ضحايا الاعتداء الجنسي بشكل عام.
لكن مرضى البيدوفيليا بشكل عام يفضلون الجنس الآخر على الأطفال من نفس الجنس، وفي معظم الحالات يكون الشخص البالغ معروفا للطفل وقد يكون أحد أفراد الأسرة أو زوج الأم أو شخص يتمتع بالسلطة (على سبيل المثال: مدرس أو مدرب).
وقد ينجذب مرضى البيدوفيليا إلى الأطفال فقط أو البالغين أيضا (شكل غير حصري)، فيما ينجذب بعضهم إلى الأطفال المرتبطين بهم (سفاح القربى).
خطر البيدوفيليا
إن مرضى البيدوفيليا يكون كثير منهم مصاب باضطراب الشخصية والعداء تجاه المجتمع، وبالتالي فأنهم ليسوا فقط يلحقون الأذى الجنسي والنفسي بالأطفال، بل أن خطرهم يمتد إلى التهديد بإلحاق الأذى الجسدي بالطفل أو الحيوانات الأليفة التي يحبها الطفل المعتدى عليه، إذا كشف عن الإساءة التي يتعرض لها.
وأيضا تشمل الاضطرابات المرضية التي يعاني منها الأطفال المعتدى عليهم: نقص الانتباه، فرط النشاط، اضطرابات القلق، اضطراب ما بعد الصدمة.
وغالبا ما يعاني مرضى البيدوفيليا من تعاطي المخدرات والاكتئاب، ويعد التفكك الأسري، ووجود تاريخ لمرضى البيدوفيليا مع الاعتداء الجنسي، والخلافات الزوجية من بين الأسباب الشائعة لاتجاه أشخاص نحو البيدوفيليا.
أعراض البيدوفيليا
إن الأطباء يقيمون مريض البيدوفيليا بناءً على معايير محددة، إذ يشخص الأطباء أعراض البيدوفيليا عندما:
– يكون لدى مريض البيدوفيليا تخيلات أو دوافع أو سلوكيات جنسية متكررة ومكثفة تنطوي على طفل أو أطفال (عادة ما يكون عمرهم 13 عاما أو أقل).
– يشعر مريض البيدوفيليا بضيق شديد أو يصبح أقل قدرة على العمل بشكل جيد (في العمل أو في نطاق أسرته أو في التعامل مع الأصدقاء)، أو أنه يتصرف بناءً على رغباتهم.
– يبلغ عمر مريض البيدوفيليا 16 عاما أو أكثر، ويبلغ عمر الأطفال الذين يكونون موضع تخيلاته أو سلوكياته 5 سنوات أو أكثر، وإذا استمرت لديه هذه الحالة لمدة 6 أشهر أو أكثر.
أيضا من بين أعراض البيدوفيليا الأخرى التي يتم تشخيص المرض على أساسها، الاستخدام المكثف للمواد الإباحية المتعلقة بالأطفال وهي علامة موثوقة على الانجذاب الجنسي للأطفال، وقد يكون هذا هو المؤشر الوحيد على الاضطراب، وفي نفس الوقت فإن استخدام المواد الإباحية للأطفال في حد ذاته لا يفي بمعايير تصنيف الشخص كمريض بيدوفيليا.
وإذا نفى مريض البيدوفيليا انجذابه الجنسي للأطفال، لكن الظروف تشير إلى خلاف ذلك، يمكن أن تساعد بعض أدوات التشخيص في تأكيد هذا الانجذاب، ومنها امتلاك مواد إباحية للأطفال.
علاج البيدوفيليا
إن الطريقيتن الشائعتين لعلاج البيدوفيليا هما: العلاج النفسي والعقاقير الطبية، وفيما يلي شرح للعلاج بالطريقتين..
– العلاج النفسي
يمكن علاج البيدوفيليا من خلال العلاج النفسي الفردي أو الجماعي طويل الأمد، والأدوية التي تغير الدافع الجنسي وتقلل من مستويات هرمون التستوستيرون.
ونتائج العلاج تختلف، إذ تكون النتيجة أفضل عندما تكون المشاركة طوعية ويتلقى الشخص تدريبا على المهارات الاجتماعية وعلاج مشكلات أخرى، مثل: تعاطي المخدرات أو الاكتئاب، وقد يكون العلاج الذي يتم تطبيقه بعد التوقيف الجنائي واتخاذ الإجراءات القانونية أقل فعالية، إذ يتم أحيانا إيداع مرضى البيدوفيليا في مصحات نفسية لتلقي العلاج إجباريا.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن مجرد وضع مرضى البيدوفيليا في السجن أو في مؤسسة أخرى حتى لفترة طويلة لا يغير من رغباتهم أو تخيلاتهم، ومع ذلك يمكن لبعض مرضى البيدوفيليا المسجونين الذين يلتزمون بعلاج طويل الأمد وخاضع للمراقبة (بما في ذلك العقاقير عادة) الامتناع عن النشاط الجنسي للأطفال وإعادة دمجهم في المجتمع.
– العقاقير الطبية
عادة ما يستخدم الأطباء أحد الأدوية التالية في علاج البيدوفيليا:
Medroxyprogesterone acetate: ويتم حقنها في العضلات، وهو مشابه لهرمون البروجسترون الأنثوي، والبديل هو leuprolide، ويعمل كل من Medroxyprogesterone وleuprolide الغدة النخامية من إرسال إشارات إلى الخصيتين لإنتاج هرمون التستوستيرون، وبالتالي فهي تقلل من مستويات الهرمون والدافع الجنسي.
ويقوم الأطباء بشكل دوري بإجراء فحوصات الدم لمراقبة تأثير هذه الأدوية على وظائف الكبد، بالإضافة إلى الاختبارات الأخرى (بما في ذلك اختبارات كثافة العظام واختبارات الدم لقياس مستويات هرمون التستوستيرون)، وليس من الواضح مدى فائدة هذه الأدوية في النساء اللواتي يمارسن الجنس مع الأطفال.
مضادات الاكتئاب: والتي تسمى مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) قد تكون مفيدة أيضا، إذ تساعد في السيطرة على الرغبة الجنسية والتخيلات، كما أنها تقلل من الدافع الجنسي وقد تسبب ضعف الانتصاب. وهنا تجدر الإشارة إلى أن العلاج بالعقاقير يكون أكثر فاعلية عندما يقترن بالعلاج النفسي والتدريب على المهارات الاجتماعية.