برواية يحيى حقي التحفة ” قنديل أم هاشم ” ينتصر الروائي المصري العظيم للعلم، ويدين الخرافة التي فتكت بالمجتمع المصري لعقود، تلك الخرافة التي أودت بنور عين عميد الأدب العربي طه حسين، وفتكت بصحة الملايين من المصريين.
قنديل أم هاشم
وعن روايته التحفة انتجت السينما المصرية بعصرها الذهبي فيلم يحمل نفس العنوان ” قنديل أم هاشم ” من بطولة فتى الشاشة الذهبي شكري سرحان، ذلك الطبيب المصري الذي درس الطب بالخارج ثم عاد محملا بالعديد من الآمال، ليجد أن الخرافة تفتك ببيته هو شخصيا.
يتحدى الطبيب كل تقاليد المجتمع البالية الراسخة، ويصر على علاج أبنة عمته بالطب وليس بالخرافة، ويواجه في سبيل ذلك صعوبات شتى، أقساها على نفسه أنه غير مؤمن ببركات السيدة العظيمة أم هاشم، وأن مسلكه هذا يعد جحود وكفر ونكران.
الموروث والعلم
يحاول الطبيب المتعلم أن يبتغي بين العلم والخرافة سبيلا، في محاولة تبدو أقرب للصواب في مجتمع مؤمن بالخرافة أكثر من إيمانه بالحقيقة، فيقنع أبنة عمته أنه سوف يداويها بماء القنديل المقدس، ومن ناحية أخرى يعالجها فعليا بالطب الحقيقي.
يتم شفاء عيون أبنة عم الطبيب بعد زيارات للسيدة الشريفة مقترنة بزيارات للأطباء، وتنجح حيلته في جعل الجميع يصدقون أن الشفاء تم بفضل زيت القنديل، ويسقط في يديه رغما عنه، ويستسلم لتلك النهاية السعيدة، تلك النهاية التي أدت إلى موافقة أبنة عمه على العلاج والشفاء.
يحيى حقي
يطرح الروائي المصري العظيم يحيى حقي قضية حساسة بالغة الأهمية في ذلك الوقت، وهي قضية الجهل والتعلق بالخرافات، في مجتمع ينوء بالفقر والمرض والجهل، ويدرك تماما أن نزع ستار الأسطورة عن الجميع غير مجدي، وأن التغيير لابد له من الحيلة.
يؤمن يحيى حقي أن التغيير صعب للغاية، خاصة فيما يتعلق بمعتقدات الناس، ويؤمن أيضا أن التغيير ممكن، إن تدرج وكانت له القدرة على إقناع الناس، فتغيير سيكولوجية الجماهير ليست بالأمر الهين، والأهم أن تتغير تلك النفسية بمرور الوقت ومزيد من الصبر.
يحافظ يحيى حقي على حق الناس في التمسك بالموروث، ويحافظ أيضا على حق العلم في مجاراة ذلك الموروث، وأن يحترمه قدر إمكانه، حيث أن الإحترام المتبادل بين الموروث والعلم، هو طريق وسط ملائم لبلوغ العلم أهدافه.