سانتا كلوز، أو بابا نويل، هو شخصية خيالية نشأت داخل الثقافة المسيحية الغربية، وتؤدّي دورها عبر تقديم هدايا ليلة عيد الميلاد من الحلوى والألعاب للأطفال. وارتبطت صورته الأسطورية بمساعدين من الجانّ يصنعون له الهدايا في ورشته في القطب الشمالي البارد، وكذلك بحيوانات الرنّة التي تشدّ عربته الزلاقة في أجواء السماوات. مِن أين جاءت صورة سانتا كلوز؟ وكيف تشكّلت؟ وما هي الطقوس المرتبطة بشخصيته؟
صورة سانتا كلوز
تظهر الصورة المعتادة لـ سانتا كلوز، باعتباره عجوزًا بدينًا مرِحًا ذا لحية بيضاء كثّة، يرتدي معطفه الأحمر ذا الياقة البيضاء والأساور من الفرو، وكذلك بنطاله أحمر مبدوء بفرو أبيض، وقبّعة حمراء، وحزام جلديّ أسود، وحقيبة مليئة بالهدايا للأطفال.
تعتبر هذه الصورة امتدادًا لصورة أودين، كبير آلهة النوروز الشماليين، المتلفّع بالعباءة، ذو القلنسوة الزرقاء واللحية البيضاء، الذي كان يركب سماء منتصف الشتاء على فرسه ذا الثمانية أقدام، ليزور شعبه مقدّمًا له الهدايا.
وقد ترسّخت هذه الصورة، بسبب رسّام الكاريكاتير توماس ناست، الذي أسّس تفاصيل هذه الصورة، وكذلك بسبب التأثير الكبير لقصيدة “زيارة من القديس نيكولاس”، عام 1823م، وصارت هذه الصورة شائعة جدًا بعد ذلك عبر الأغاني والراديو والتلفاز وكتب الأطفال والأفلام والإعلانات.
كيف تشكّلت قصة سانتا كلوز
تعتبر شخصية سانتا كلوز مزيجًا من شخصياتٍ تاريخية حقيقية، على رأسها: القديس نيكولاس دي ميرا. وهو أسقف مسيحيّ يونانيّ، اشتهر بتقديمه الهدايا الوفيرة للفقراء، وخصوصًا للفتيات اللاتي تنتمين إلى أسر فقيرة، كي يعفّهنّ عن الاتجاه لممارسة الدعارة من أجل توفير لقمة العيش.
وخلال العصور الوسطي، كان يتمّ منح الهدايا للأطفال في الليلة التي تسبق ذكرى القديس نيكولاس، على سبيل التبجيل له. ولاحقًا، روّج الإصلاحي المسيحي “مارتن لوثر” لهذه العادة من جديد، عبر تقديم هدايا الأطفال، لكن عبر التركيز على توجيه التبجيل للمسيح، بدلاً من توجيهه للقديسين. ومع ذلك ظلّت صورة القديس نيكولاس حاضرةً في الوجدان الشعبي المسيحي باعتباره حامل الهدايا.
في القرن السادس عشر، وفي إنجلترا، لم يعد الاحتفال بعيد القديس نيكولاس يجري في 6 ديسمبر ، وإنما جرى نقله ليتزامن مع احتفال “فاذر بيرث ذاي” في 25 ديسمبر، ويتزامن مع يوم عيد الميلاد.
لاحقًا، وفي المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية، التي صارت أمريكا فيما بعد، تم دمج النسخ المختلفة لـ سانتا كلوز، القادمة من الثقافات الأوروبية المختلفة، لتشكّل صورة سانتا كلوز المتعارف عليها حاليًا. وكان أول استخدام لاسم “سانتا كلوز” لأول مرة في الصحافة الأمريكية عام 1773م.
بمرور الوقت، كان يجري توظيف شخصية سانتا كلوز في الأحداث السياسية والصراعات الدائرة، خصوصًا في أمريكا. ثم تطوّر الأمر إلى استثمارها بصورة رأسمالية معتادة ومتكرّرة.
الطقوس المرتبطة بـ سانتا كلوز
تختلف الطقوس الشعبية في التعامل مع سانتا كلوز في الليلة المتوقع قدومه فيها. في أمريكا وكندا، يترك الأطفال في ليلة عيد الميلاد، كوبًا من الحليب والكوكيز لأجل سانتا الذي سيأتي جائعًا. في بريطانيا وأستراليا، يتركون البيرة وفطائر اللحم المفروم. في الدول الأسكندنافية (الدنمارك، النرويج، السويد) يتركون عصيدة الأرز مع السكّر والقرفة. في أيرلندا، يتركون له حلوى عيد الميلاد أو فطائر اللحم المفروم.
تشمل الطقوس أيضًا، قراءة حكايات أو روايات عن سانتا كلوز، أو مشاهدة برامج أو حلقات رسوم متحركة عنه مرتبطة بعيد الميلاد، والأغاني المتعلّقة به. وفي المعتاد، ينتظر الآباء خلود أطفالهم إلى النوم، ليلعبوا دور سانتا كلوز ويتركون لأطفالهم الهدايا تحت شجرة عيد الميلاد.