يوضح مسار الآلة الحاسبة مدى التطور التكنولوجي عبر السنوات، فذلك الجهاز الصغير المتواضع الذي يقوم بعدد لا نهائي من عمليات الجمع والطرح ظهرت فكرته قبل 4 آلاف عام، إذا من هو مخترع الآلة الحاسبة؟
مخترع الآلة الحاسبة.. البداية على يد المصريين القدماء
في البداية، كانت الآلة الحاسبة عبارة عن عداد يدوي مصنوع من الخرز على قضبان، استخدمه المصريون القدماء لأول مرة منذ 2000 عام قبل الميلاد. كان المبدأ بسيطًا، عبارة عن إطار يحمل سلسلة من القضبان، مع 10 خرزات على كل منها، كل قضيب يمثل فئة: الآحاد، العشرات، المئات، الآلاف، الأمر الذي جعل عمليات الجمع والطرح أسرع وأقل عرضة للخطأ. وظل هذا التكنيك مستخدما لمدة 3 آلاف و600 عام، حتى بداية القرن السابع عشر الميلادي، عندما بدأت الآلات الحاسبة الميكانيكية الأولى في الظهور في أوروبا، ومع تطور علم اللوغاريتمات تطورت الآلة أيضًا على يد إدوارد غونتر وويليام أوغتريد وآخرين بحيث تستوعب عمليات الضرب والقسمة السريعة والعمليات الأسية والجذور التربيعية.
بليز باسكال
ظهرت أول آلة حاسبة ميكانيكية في عام 1642 على يد الطفل الفرنسي النابغ بليز باسكال، حيث اخترع أول آلة حاسبة حقيقية وتمت الإشادة بآلة حاسبة باسكال التي أجرت حسابات حسابية كان يُعتقد سابقًا أنها مستحيلة، من جمع وطرح رقمين مباشرة وضربهما وقسمتهما بالتكرار، لكن لسوء الحظ، كان من الصعب إنتاجها ولم يتم تصنيع سوى القليل منها. وكانت الآلة الحاسبة الميكانيكية التي اخترعها توماس دي كولمار في منتصف القرن التاسع عشر أسهل في الإنتاج، لكنها كانت كبيرة جدًا وضخمة.
الآلة الحاسبة الإلكترونية
في أواخر الثلاثينيات عندما بدأ العالم في الاستعداد للحرب، وحساب حساب المثلثات المطلوب لإسقاط القنابل من ارتفاع 30 ألف قدم، أو إصابة سفينة حربية يابانية من 30 عقدة بطوربيد، تطب الأمر حلولًا آلية محدثة باستمرار، وبالتالي تطور الآلة الحاسبة.
اختراع حقق ثروة لـ ويليام سيوارد بوروز
بعد ذلك انتشر الاختراع عبر المحيط الأطلسي وتم تطويره وكانت الآلة الأكثر شهرة هي P100 Burroughs التي طورها ويليام سيوارد بوروز. طراز الآلة السابقة كان الأول بين سلسلة الآلات المكتبية التي صنعت ثروة لعائلة بوروز خاصة بعد ظهر طراز Curta لأول مرة في عام 1948، ويمكن القول إنه الشكل النهائي عن الآلة الحاسبة الميكانيكية التي نعرفها اليوم، فهي مضغوطة للغاية بحيث يمكن أن تتناسب مع الجيب، كما أنها قادرة على الجمع والطرح والضرب والقسمة. سيطرت الآلات الحاسبة الميكانيكية على الحياة المكتبية في القرن العشرين حتى أواخر الستينيات، وبحلول ذلك الوقت، كانت الإلكترونيات قد بدأت في تولي زمام الأمور. ومن اللافت أنه حتى الثمانينيات من القرن الماضي، كان يجب أن يدرس ملايين الأطفال كيفية استخدام الآلة الحاسبة كجزء أساسي من الرياضيات.
ومع اختراع الشاشات الإلكترونية، تم إدخالها على الآلة الحاسبة، وتمكنت من إظهار 10 أرقام على شاشتها، وكانت اليابان رادة في تطوير هذا الاختراع باستمرار، وتخصصت شركات مثل كانون وكاسيو وسوني في إنتاجها وكانت آلة حاسبة توسكال BC-1411 من توشيبا ذات أهمية خاصة، حيث استخدمت شكل مبكر من ذاكرة الوصول العشوائي. كانت جميع الآلات الحاسبة الإلكترونية حتى هذه اللحظة آلات ضخمة وثقيلة، وتكلفت بعضها مبلغا أكثر من السيارات العائلية.
ومع اختراع أول هاتف ذكي في عام 1995، بدأ الأفراد في استبدال الآلات الحاسبة الرقمية باهظة الثمن بالجهاز المتعدد الاستخدامات، وقد تطلب ذلك ترقية حتى أكثر تصاميم الآلات الحاسبة تطورًا لكي تظل مناسبة في السوق. في النهاية، لم تعمل الآلات الحاسبة على تحسين قدرتنا بشكل كبير على إجراء العمليات الحسابية المنتظمة في حياتنا اليومية فحسب، بل وفرت للبشر القدرة على فهم الرياضيات على نطاق أكبر مما كان يتصور في أي وقت مضى. ويمكن الآن إجراء العمليات الحسابية التي كانت مرهقة في السابق وتستغرق وقتًا طويلاً في دقائق أو حتى ثوانٍ، كل ذلك بضغطة زر قليلة، وبدون الآلات الحاسبة، ستتطلب دورات الرياضيات المتقدمة، مثل حساب التفاضل والتكامل، فترات وحصص أطول بكثير وخطط دروس معاد تنسيقها.