عبر مشاهد شديدة النعومة، يطالعنا المخرج المكسيكي جيرمو ديل تورو بتحفته التي ألفها و أخرجها بالعام 2017، لتحصد جائزتي الأكاديمية عن أفضل فيلم و أفضل إخراج، تحفة جيرمو الفنية حملت أسم شكل الماء، وربما نعرف جميعا أنه ليس للماء شكل، ولكن جيرمو صنع له شكل.
إيلايزا
إيلايزا فتاة بكماء تعيش وحيدة في مدينة ساحلية، إيلايزا يتيمة وغير جميله، ولكنها تحمل قدر من الجمال لا يمكن فهمه، ولا يمكن شرحه، فهي حنونه وتهتم بالآخرين، وتهتم بنفسها بشكل خاص، فنراها تحرص على منزل نظيف أنيق، وعادات نظافة شخصية محببة.
إيلايزا فتاة أنيقة، تحرص على تصفيف شعرها بعناية، وتسوية ملابس بسيطة أنيقة، وتغذية بسيطة تعتمد على البيض، وعناية بتلميع أحذيتها، كل شيء كامل تقريبا بإيلايزا ، باسثناء صوتها، وقليل من الجمال المفرط المثير، الذي تستعيض عنه بضحكتها الآسرة.
المخلوق
تعمل إيلايزا بمنشأة حكومية سرية، وتصادف أثناء عملها بالمكان كائن برمائي أحضرته السلطات الأمريكية من أمريكا الجنوبية، يمكن لهذا الكائن التواصل والانصات إلى الموسيقى، ويشبه إلى حد كبير في تكوينه الإنسان، فهو ينتصبب على قدمين.
تتواصل إيلايزا مع الكائن، فهما يشبهان بعضهما البعض، كلاهما وحيد ومسجون، ترتب إيلايزا لقاءات سرية بينها وبين الكائن، فتحضر له بيض في نوبات الراحة، وجهاز اسطونات تشغل عليه موسيقاها المحببة، ويتواصل كلاهما بلغة الإشارة التي تجيدها إيلايزا بصفتها بكماء.
حب غير مشروط
تقرر السلطات تشريح الكائن، وتقرر إيلايزا تهريب الكائن، لا أحد يمكنه أن يشعر به أكثر منها، فطوال حياتها كانت إيلايزا نكرة، طفلة يتيمة وجدوها ملقاة بجانب النهر، وعلى امتداد حياتها لم يلحظ أحد وجودها، وكأنها ليست موجودة، أو كان يجب ألا تكون موجودة.
لا أحد ينظر إلي كما ينظر هو إلي، لا أحد يشعر بتلك السعادة وهو يراني، لا أحد يكترث بصحبتني وينتظرني كما يفعل هو، لقد جعلني أشعر من جديد أنني موجودة ومرغوبة، ويمكن لأحدهم أن يأنس لوجودي وينتظر لقائي ويكون سعيدا بقربي.
أنا سعيدة أننا أصدقاء
تنجح إيلايزا بتهريب الكائن من المنشأة قبل تخلص السلطات منه، وتخفيه في بيتها، وتتقرب منه، ويمارسان الحب سويا، وتنشأ بينهما عاطفة غير متوقعة، تتخطى حدود الإهتمام والصداقة، وتقترب كثيرا من الحب، الحب الحقيقي غير المشروط.
تملأ إيلايزا حمام بيتها بالكامل بالماء، وترقص مع المخلوق وسط الماء، وهي متجردة تماما من ملابسها، وملنصقة به تماما بمشهد شديد النعومة، يتبعه مشهدها وهي تنطق لأول مره وترقص وتغني، وتخبره كم هي تحبه، ولا يمكنها الحياة دونه.
الحياة ليست سوى حطام خططنا
يتأثر الكائن بوجوده خارج الماء لفترة طويلة، وتقرر إيلايزا رغما عنها إطلاق سراحه بالمياه المفتوحة، وتتمنى لو تذهب معه إلى حيث عالمه، حيث أنها هنا وحيدة بلا رفيق أو عالم، ولا خطط تنجح في بقاءها سعيدة، حتى خطتها بالإحتفاظ به معها.
ترحل إيلايزا عن العالم بصحبة الكائن، ترحل معه إلى عالمه أسفل سطح الماء، ترحل معه لأنها تحبه، ولأنه يحبها، ولأنه ليس بهذا العالم مكان بعد الآن لها، والمكان الطبيعي المنطقي الوحيد لوجودها هو بجانبه، حيث تنتمي له وينتمي لها.