” أجل، هناك أشياء كثيرة أنا خجلة من قيامي بها، في أوقات ما تبدو حياتي لا شيء سوى سلسله من الندم، من الخيارات الخاطئة، من الأغلاط المتعذرة الإلغاء، وهذه هي المشكلة حين تبدأ بالتأمل في الماضي، ترى نفسك كما كنت، وتنفر “
بول أوستر
بول اوستر هو روائي أمريكي من مواليد مدينة نيويورك، يطالعنا الروائي الاستثنائي هنا برواية استثنائية، حيث يفترض وهو ابن العالم الجديد فناء العالم، وتحوله إلى مدينة أشباح، تمثلها روايته في بلاد الأشياء الأخيرة، وبطلتها الشابة آنا بلوم.
آنا بلوم
آنا بلوم مراهقة تهرب على متن سفينة للبحث عن أخيها، وتتورط في سبيل ذلك البحث بالبقاء في مدينة متوحشة، مدينة يبدو أنها خلقت خارج هذا العالم، حيث كل شيء وارد الحدوث، بداية من هلاك الناس من الجوع في الشوارع، وصولا لبيع لحومهم.
تعيش آنا رغم ذلك الوسط الجاف المتوحش بدافع من غريزة البقاء، تلك الغريزة الغبية التي تدفعنا دفعا لرفض فكرة الانتحار، ومحاولات البقاء البائسة رغم انعدام الأمل في أي شيء، ورغم محاولات البعض بيع لحم آنا من أجل حفنة نقود.
سام
سام هو بقعة الضوء الوحيدة بحياة آنا، والدليل الوحيد الحي على بقاء قبس من الآدمية بهذا العالم، حين يحبها وينجب منها، ويصر على ولادة الطفل رغم توحش العالم، ورغم حياتهما سويا في مربع لا تتخطى مساحته المترين في المتر الواحد.
تظل مصائر سام وآنا مجهولة حتى النهاية، ولا يفقدا الأمل بالبحث عن المدينة الفاضلة، تلك التي تتناثر عنها الشائعات من آن لآخر، ويبقى الأمل أن يجدوها ويرحلوا إليها، بعيدا عن هذا العالم الباهت المتهالك.
في بلاد الأشياء الأخيرة رواية صادمة للغاية، ولكنها حميمة للغاية، ومقنعة للغاية، حيث لا تفرق أحداثها كثيرا عن كثير من المجتمعات الحالية الواقعية.