الفيلم الأمريكي (Shot caller) من إنتاج 2017م. يعتبر أيقونةً في رصد وتقديم التغييرات التي تفرضها وترسّخها حياة السجن، في حياة الشخصيات.
ورطةٌ أبديّة
“جيكوب” سمسار بورصة ناجح وأنيق ومرِح ووديع، يُتّهم في حادثة قتل بالخطأ، ويضطر لقبول عرض بالاعتراف بأنه مذنب نظير سجنه لمدة 16 شهرًا، في مقابل ألا يتورّط في محاكمة تستنزف فيها أمواله وسنوات عمره. تبدو الـ 16 شهرًا مدّة لا بأس بها، لعلّه يمكنه التأقلم ريثما تمضي المدّة. لكن مَن قال إنّ مجتمع السجن قد يوافق توقّعاتك أصلاً؟!
ديستوبيا السجن
داخل السجن، سيجدُ جيكوب نفسه ملزمًا بالانضمام إلى تنظيم عصابي أبيض شديد الخطورة، فقط ليضمَن الفرصة في البقاء حيًا، وهي فرصة في حدّها الأدنى. مع تطوّر الأحداث، وانتقاله إلى سجن مشدّد الحراسة، تتضّح الحقائق الأكثر إخافةً بخصوص ما يجري. الأمور ليست على ما يتصوّره الناس، ليس الخارجُ هو مَن يتحكّم بالداخل؛ السجن هو مَن يتحكّم بالخارج ومصائره ويدير ما يجري: الاتفاقات والعمليات ومصائر الناس، بما في ذلك ضباط السجن أنفسهم إذ يخضعون لأوامر كبار نزلاء السجن.
ماذا إذا كان على جيكوب أن يحمي أسرته في الخارج من تهديدات قادة التنظيمات العصابية داخل السجن؟! عليه إذًا أن يسلك الطريق لإزالة هذه التهديدات وأصحابها من الوجود، تمامًا. المسار الذي اختارته شخصية جيكوب، يشبه بنسبة كبيرة المسارات التي اختارها “والتر وايت” في مسلسل بريكنج باد إزاء التهديدات المحيقة بأسرته؛ لكن مع الفارق، فشخصية والتر تبدو شديدة الخسّة والدناء والغشم في مقابل شخصية جيكوب.
التوحّش في الرأسمالية والجريمة
في نهاية أيقونية، وأداءٍ أسطوري من “نيكولاي كوستر والدو” لشخصية جيكوب، نكتشف تربّعه على عرش هذا العالَم الذي دخله كشخصٍ وديع للغاية لا يمكن تصوّر انتماءه إليه فضلاً عن صموده فيه وتربّعه على قمّته. وكأنّ حالة التوحّش الكامنة في الممارسة الرأسمالية التي تشرّبها جيكوب في عمله كسمسار بورصة، عادت وتمظهرت بشكل جديد مناسب لمجتمع السجن عندما احتاجها واضطر ليها. ومهما كانت الانقلابات النفسية المصاحبة، فإن جيكوب كان واعيًا بتحولاته ومتحمّلاً أعبائها، فلم يكن مجرّد شخص مقهور على التحول ليحيا حياةً أخرى بدون تأنيب ضمير، وإنما كان حزينًا، يعاني متحملاً مسئولية ما يفعله.