(هل يوجد في حياتك ما يستحق أن تذكره لنا؟!) كان هذا السؤال مباغتا لـ”والتر ميتي”، من أحد المشرفين على أحد مواقع التواصل الاجتماعي المغلقة في أمريكا. توقّف والتر محتارًا أمام إجابة هذا السؤال وهو لا يجدُ في حياته ما يستدعيه للإجابة به. لكن ماذا لو كان في حياته الكثير من الإجابات التي تنتظره بالفعل؟ هذا ما يتتبّعه الفيلم الأمريكي “الحياة السرية لوالتر ميتي” (The secret life of Walter Mitty)، الذي قام ببطولته وأخرجه بن ستيلر.
انعدام الحياة السرية لوالتر ميتي
يعمل “والتر” منذ 16 عامًا مديرًا لقسم وضيع (قسم الصور النيجاتيف) في مجلة (LIFE) المعروفة، ورغم تخطّيه الأربعين من عمره فهو لا زال لا يجد في حياته شيئًا يستحقّ الذكر. يا للفراغ!
الإقبال على حساب والتر على موقع التواصل منعدِم؛ لذا لا يتمكّن من بعض الصلاحيات التي عادةً ما تتاح للمشتركين تلقائيًا في مراحل معيّنة. لكن ها هو لا زال لا يستطيع إرسال وينك (تشبه النكز) إلى حساب زميلته الجديدة في العمل التي أعجب بها لأول وهلة. يا للعجز!
يعاني والتر أيضًا بسبب الفراغ من نوبات “أحلام اليقظة العميقة” التي تفصله فانتازيتها عن الواقع وهو في خضمّ أمرٍ ما. يا للمأساة!
لذا، كل ما يفعله والتر في حياته أن ينهمك في عمله، ويتابع أمه وأخته لا أكثر.
اكتشاف الحياة بالصُدفة
تحين لحظة القرار المؤسسي المصيري بتحويل المجلة من الإصدار المطبوع إلى الإصدار الرقمي، ولابد من العمل على الإصدار الختامي المطبوع، وتصل الصور النيجاتيف من رئيس المجلة “شون أوكانول” (وهي صور يصوّرها شون نفسه غالبا) ناقصةً الصورة رقم 25 التي ستكون صورة للغلاف.
هنا يتورّط والتر في محاولة البحث عن هذه الصورة الناقصة، ولكن دون جدوى. يقرّر في نهاية المطاف العثور على “شون” نفسه لأخذ أصل الصورة منه، وهنا يخوض والتر رحلةً مروّعةً وسط مناظر طبيعية وتضاريس خلابة نادرة. وخلال يومين فقط، يسافر والتر إلى جرين لاند، ومنها إلى آيسلندا، ويقفز من مروحية يقودها طيار مخمور إلى قارب صيد في قلب المحيط، ويتعارك مع سمكة قرش، ويهرب من بركان متفجّر.. ومع ذلك يفشل في اللحاق بـ”شون” الذي كان يسبقه دائمًا بخطوة، متنقلاً لالتقاط صورٍ حصرية مثيرة.
الحياة لا زال لديها المزيد
لا تتوقّف الأمور عند هذا الحدّ، إذ يتم طرد “والتر” من العمل بالمجلة على يد مدير أحمق جديد. يعود “والتر” إلى بيته، ونلاحظ أن نوبات أحلام اليقظة قلّت بدرجة لافتة، ويكتشف والتر أن “شون” مرّ ببيته منذ أيام. يقرّر أن ينطلق للعثور عليه هذه المرة.
تأخذه الرحلة المثيرة إلى “اليمن”، ومنها إلى أجمل مرتفعات العالم الثلجية في “أفغانستان” ليعثر على “شون”، ويكتشف أن شون ترك له أصل الصورة في هدية تذكارية “محفظة جيب” لم يهتمّ والتر بالاحتفاظ بها طويلاً. يعود والتر بعد إلقاء القبض عليه لأنه (عائد من أفغانستان)، ويُفرج عنه سريعًا، ويكتشف ارتفاع شعبيته في موقع التواصل الاجتماعي.
في النهاية نكتشف أن غلاف المجلة في عددها التاريخي الختامي لم يكن سوى صورةً لـ”والتر” شخصيًا وهو منهمكٌ في فحص إحدى الصور في الباحة أمام المبنى العملاق للمجلّة، وعلى الصورة إهداء مباشر له من “شون”.
حياتك فريدة مهما ظننت غير ذلك
ربما تظنّ أن حياتك ليس فيها ما يستحق، أو أنك بالفعل عاجزٌ عن أن تجعل في حياتك ما يستحق، وربما تهرب لأجل ذلك إلى أحلام اليقظة أو الأوهام، وفي ظرف أيامٍ قليلة جدًا، ومع أحداث غير متوّقعة، تكتشف أنك حققت بالفعل أمورا مذهلة يعجز الملايين عن تحقيقها، وأنّ بإمكانك أن ترى العالم بصورة أخرى أكثر جمالاً وإثارة تختلف عن التنميط والملَل الذي يُقدّم إليك. ويا للروعة!