من الأنسب لمن يريد التخصص في علم معين أن يبدأ ببناء تصور كامل عن العلم، فيلمّ بتعريفه أو تعريفاته المختلفة، والتطور التاريخي لهذا العلم، وأهم القضايا التي يتناولها هذا العلم، وأهم الأعلام التي أثرت فيه، وأهميته ومدى تأثيره في الواقع، وهو ما يوجد غالبًا في كتب المقدمات والمداخل، وهذه النوعية من الكتب أيضًا تناسب القارئ غير المتخصص، لكونها ترسم صورة إجمالية دون الولوج في التفاصيل، وفي السطور التالية نعرض الباقة الأولى من قائمةٍ بأهم كتب مقدمات ومداخل العلوم السياسية:
1. العلوم السياسية: مقدمة أساسية – مشاري حمد الرويح
قسم الأكاديمي الكويتي الدكتور مشاري حمد الرويح كتابه إلى 6 أقسام، وهي على سبيل الاختصار كما يلي:
- تاريخ الأفكار السياسية: فبدأ بالحديث عن تطور الأفكار السياسية في الغرب ومراحلها المختلفة (العصر اليوناني، العصر الروماني، العصر المسيحي، عصر النهضة والإصلاح الديني، نظريات العقد الاجتماعي، الثورة الفرنسية وتطور الإحساس القومي).
- الدولة: فتحدث عن مكوناتها والمؤسسات القانونية، والسلطة وأدواتها، والمجتمع، والإقليم الجغرافي، ووظائف الدولة (الأمنية والاقتصادية التنموية والتشريعية والقانونية)، وأنواع الدول البسيطة والمركبة.
- السلطات العامة والنظم السياسية: فتحدث بشيء من التفصيل عن السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأنماط النظم السياسية، النمط الرئاسي والنمط البرلماني.
- الأحزاب السياسية والمجتمع المدني: وتناول فيه تعريف الأحزاب والأدوار التي تقوم بها، وتنصيفها والأنظمة الحزبية المختلفة، ثم انتقل ليوضح مفهوم جماعات المصالح ومؤسسات المجتمع المدني، وتأثيرها داخل المجتمعات.
- الثقافة السياسية والإعلام والرأي العام، ودورهم في المشاركة السياسية.
- السياسة الخارجية والعلاقات الدولية: وبين الفرق بين كل من تحليل السياسات الخارجية والعلاقات الدولية، ثم سرد لأهم نظريات العلاقات الدولية (الواقعية واليبرالية والتركيبة أو البنائية والمدرسة الإنجليزية).
2. مقدمة في العلوم السياسية: مجموعة مؤلفين
هذا الكتاب يتم تدريسه في السنة الأولى لطلاب كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، مكون من فصل تمهيدي و7 فصول، وتناولت هذه الفصول القضايا الآتية:
- الفصل التمهيدي: تناول التعريفات الخاصة بعلم السياسة وعلاقته بالعلوم الأخرى، كالاقتصاد والاجتماع والجغرافيا والأنثروبولوجيا، والتاريخ، والقانون، وأخيرا علم النفس.
- الفصل الأول (جوهر عالم السياسة والظواهر السياسية): وأن الإنسان يبحث عن السيطرة من ناحية والطاعة من ناحية أخرى، وهناك أنواع من العلاقات تتشكل من الاجتماع الإنساني، كعلاقة الأمر والطاعة بين الحاكم والمحكوم، وعلاقة الصديق والعدو بين الدول وبعضها، وظاهرة المجتمع السياسي ومقوماته الثلاثة: التجمع البشري والسلطة السياسية والإقليم.
- الفصل الثاني (في التعريف بالدولة): وتناول مفاهيم التجانس القومي والدولة القومية، ومبدأ خضوع السلطة ونظام الشرعية، ومفهومي الدولة والحكومة المعاصرَين.
- الفصل الثالث (في مناهج المعرفة والفكر السياسي): وتناول المناهج المستخدمة في دراسة عالم السياسة/ مثل المنهج الفلسفي المثالي، والمنهج الاختباري (الاستقرائي)، ثم انتقل لعرض تاريخ الفكر السياسي، فتحدث عن تاريخ الفكر الإغريقي ودولة المدينة، وأفكار أفلاطون وأرسطو، والفكر السياسي الروماني، ثم تحدث عن أفكار ميكافيللي وفلاسفة العقد الاجتماعي توماس هوبز وجون وجان جاك روسو، ثم مونتيسيكو، وختم الفصل بالحديث عن الأيديولوجيات السياسية.
- الفصل الرابع (في المشكلة السياسية): وبدأ بالحديث عن كيفية منع السلطة من التعسف في استخدام القوة واستغلال أدواتها؟ وبالتالي جاء مفهوم الشرعية، ومعاييره، ومبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ سيادة الأمة ومبدأ سيادة الشعب.
- الفصل الخامس (النظم السياسية): فتناول مفهوم الحكومة والضبط السياسي والمؤسسات السياسية وأهدافها، والنظم السياسية الديمقراطية وغير الديمقراطية، وسماتها، وأشكالها، والدساتير وأنواعها، وغير ذلك من قضايا النظم السياسية.
- الفصل السادس (الحياة السياسية والرأي العام): وفيها كلام عن الأحزاب السياسية وخصائصها، وتصنيفها.
- الفصل السابع (العلاقات الدولية): وهو نبذة مختصرة عن قضايا العلاقات الدولية، تعريفها وعن السياسة الخارجية وأهدافها وأدواتها.
3. المدخل إلى العلوم السياسية: قحطان أحمد الحمداني
في قرابة الـ 500 صفحة وضع الدكتور قحطان الحمداني مؤلفه كقدمة للعلوم السياسية، في 16 فصلًا، يمكن تقسميها إلى 4 أجزاء، كما يلي:
- الجزء الأول: تحدث عن مفهوم العلوم السياسية من الناحية اللغوية وأهم التعريفات لها، وتحدث عن السياسة باعتبار كونها علمًا، وباعتبارها فنًا، وباعتبارها علاقات صراع، ثم تحدث عن تطور السياسة في العصور القديمة والوسطى والحديثة، وأهدافها ووسائلها، وأبرز مواضيعها، ثم انتقل لتوضيح أسس وخطوات ومناهج البحث السياسي، ثم استعرض علاقة العلوم السياسية بغيرها من العلوم الاجتماعية، مثل الفلسفة والأخلاق والاجتماع والاقتصاد والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس، والقانون والإدارة والإعلام، وكذلك علاقتها بقضايا كالفن والرياضة والأدب، وعلاقتها بالمؤسسات الكبرى كالجيش والشرطة والهيئات التعليمية.
- الجزء الثاني: تناول فيه نظريات نشأة الدولة؛ مثل النظرية الإلهية ونظرية القوة ونظرية الأسرة ونظرية العقد الاجتماعي، ثم ذكر أركان الدولة المتمثلة في السكان (الشعب) والإقليم (الأرض) والحكومة (السلطة) والسيادة (الاستقلال)، ثم عرض لأنواع الدول من حيث التكوين والزوال، فتكوينها إما دول بسيطة أو دول مركبة، وزوالها بالاتحاد أو الانفصال أو غير ذلك، وفي فصل بعنوان “وظائف الدول”، عرض لنظريات ثلاث: النظرية الفردية الرأسمالية (تقليص وظائف الدولة)، والنظرية الاجتماعية الاشتراكية (توسيع وظائف الدولة)، والنظرية الإسلامية.
- الجزء الثالث: وتتركز فصوله على بناء وبنية النظام السياسي، وأبرز الفاعلين فيه، فتحدث عن أنواع الدساتير وأشكال الحكومات، وأنماط النظم السياسية؛ الرئاسية أو البرلمانية أو نظام الجمعية أو النمط المختلط، والأحزاب أنواعها وتصنيفاتها التقليدية والحديثة، وجماعات المصالح أنواعها ووسائلها، والرأي العام خصائصه وكيف يتكون
- الجزء الرابع: وفيه تناول فيه تحدث عن المجال الخارجي، أي العلاقات الدولية والسياسات الخارجية، فتناول الزاويا القانونية المتعلقة بحقوق وواجبات الدول، والتعاون الدولي، والمنظمات الدولية، والمنظمات الإقليمية والمتخصصة، وحماية الأفراد وحماية الشعوب والجماعات، وختم الكتاب بالحديث عن السياسة الخارجية، أهدافها وكيفية صنع واتخاذ القرارات السياسية الخارجية ووسائل تنفيذها.
4. مقدمة إلى علم السياسة – حسن صعب
يتألف كتاب الأكاديمي اللبناني الدكتور حسن صعب من قسمين، الأول يشمل مجموعة محاضرات كان ألقاها على طلاب معهد العلوم السياسية والاقتصادية في الجامعة اللبنانية، والقسم الثاني مجموعة من الدراسات العلمية عن علم السياسية.
أهمية الكتاب تكمن في بيان كيف كان بدأ تدريس العلوم السياسية كعلم مستقل، وقد بدأ المؤلف بتناول أهم طرق ومناهج دراسة السياسة وقد وضعها في 6 نماذج كما يلي:
- الدراسة المنهجية التاريخية للنظريات والنظم الإسلامية.
- استخدام المنهج العلمي في دراسة الإيديولوجيات السياسية كالقومية والاشتراكية، وتوضيح كيف تُنشأ هذه الايديولوجيات أنظمة اجتماعية وسياسية.
- دراسة موضوع الخلافة أو الإمامة طبقًا للمنهج الفقهي أو المنهج العقدي.
- الطريقة التي تبناها عبد الرحمن بن خلدون في كتابه “المقدمة” في ذكر أسباب وعلل قيام الدول وسقوطها، واتبعها من بعده خير الدين التونسي في كتابه “أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك”.
- دراسة السياسة باعتبارها جزءً من دراسة القانون الدستوي وهي مقتبسة من النهج الأوربي.
- الطريقة العلمية التي اعتبرت السياسة علمًا قائمًا بذاته، ولعل عبد الرحمن الكواكبي كان له السبق في ذلك كما وضح في كتابه “طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد”، وفيه عرف السياسة بأنها: “إدارة الشئون المشتركة بمقتضى الحكمة”.
5. مدخل إلى علم السياسة – موريس دوفرجيه
كتاب لعالم السياسة الفرنسي موريس دوفرجيه، صدر هذا الكتاب والحرب الباردة على أشدها، وقد بدأ الكاتب بالحديث عن الاختلاف في تعريف علم السياسة، فعام 1870 عُرف أنه “علم حكم الدول”، وبعدها بقرابة قرن صار تعريفها “السياسة فن حكم المجتمعات الإنسانية”، وكلاهما جعل الحكم الموضوع الأساسي للسياسة، وماهية السياسة والسلطة عند دوفرجيه أنها وجهان لعملة واحدة، فهي من ناحية أداة لسيطرة بعض الطبقات على حساب طبقات أخرى لتحقيق مكاسب، ومن الناحية الأخرى هي أداة لإقرار نوع من النظام الاجتماعي، وتتفاوت نسبة هذين الوجهين من مجتمع إلى آخر ومن عصر إلى عصر.
بناء على ما سبق فإن عمليتي الصراع والتكامل لا يتوقفان، بل وربما لا يتعارضان، بل يظهران كأنهما عملية كلية واحدة، وهو ما تبناه دوفرجيه وبنى عليه هيكل كتابه، فقسمه إلى 3 أجزاء:
- أولا (عوامل الصراع): وهي العوامل البيولوجية والعوامل النفسية والعوامل الديمجرافية (السكانية) والعوامل الجغرافية والعوامل الاجتماعية-الاقتصادية، والعوامل الثقافية.
- ثانيًا (أشكال الكفاح): وقسمها إلى (أطر الكفاح) أي الأنظمة السياسية والبنايات الاجتماعية-الاقتصادية، و(منظمات الكفاح) فتحدث عن الأحزاب السياسية وبنيتها وجماعات الضغط، و(أسلحة الكفاح) كالعنف المادي والمال ووسائل الإعلام وغير ذلك، والاستراتيجيات السياسية المتبعة كاليمين واليسار أو الإصلاح والثورة، و(حدود الكفاح) هل هو صراع سافر واضح أم مقنع، وهل هو صراع على النظام أم صراع داخل النظام.
- ثالثًا (من التصارع إلى التكامل): وتناول فيه نظرية التكامل وتكنيكاته، وحقيقته، وعلاقته بمستوى النمو.
6. مقدمة في العلوم السياسة – مايكل روكسن وآخرون
وهو كتاب مكون من 5 أجزاء، تندرج تحتهم 17 فصلًا، وكانت مواضيعه كما يلي:
- الجزء الأول (أصول السياسة):
- السياسة والعلوم السياسية: وفيه تساؤل هل السياسة علم أم لا؟ وما هي تعريفاتها.
- النظريات السياسية المختلفة، الكلاسيكية والحديثة، سواء المتعلقة بالقيم الأساسية للنظام السياسية، أو النظريات المرتبطة بمنهجية البحث في السياسة
- الأيديولوجيات السياسية، مثل الليبرالية والاستراكية والمحافظية والقومية، مه طرح تساؤل: هل انتهى عصر الايديولوجيا؟
- الدول باختلافاتها، الدول القوية الفاعلة أو الدول الفاشلة أو الدول الضعيفة.
- الدساتير والقوانين، ومدى ضمانها للحقوق.
- الأنظمة الديمقراطية والشمولية وعمليات التحول الديمقراطي.
- الجزء الثاني (العمليات السياسية)
- الثقافة السياسية: كيف تتكون، وكيف تتآكل، ما هي التنشئة السياسية وكيف تتم؟
- الرأي العام: كيف يتشكل؟ وكيف يمكن استفتاءه؟
- الجزء الثالث: التفاعلات السياسية
- التواصل السياسي: وفيه الحديث عن وسائل الإعلام وتأثيرها في السياسة، وكيف صار الحكومة والإعلام خصمان لا يتصالحان؟!
- جماعات المصالح وفاعليتها واستراتيجياتها وعلاقتها بالحكومة.
- الأحزاب ووظائفها وأنواعها وأدوارها في النظم الديمقراطية وغير الديمقراطية.
- الانتخابات وأهميتها وكيف يحصد المرشحون أصوات الناخبين.
- الجزء الرابع: المؤسسات السياسية
- المجالس التشريعية والأصول التاريخية للبرلمانات، والفرق بين النظم الرئاسية والنظم البرلمانية، والبرلمانية أحادية الغرفة وثنائيتها.
- الفارق بين الأشخاص التنفيذيين والأشخاص البيروقراطيين.
- الهيئات القضائية وأنواع المحاكم والأدوار التي تقوم بها وأدوراها السياسية.
- الجزء الخامس: وظائف النظم السياسية
- الاقتصاد السياسي، والعلاقة بين الحكومة والاقتصاد.
- العنف والثورة، وما هي أسباب انهيار الأنظمة، وأنواع العنف والإرهاب، والثورات.
- العلاقات الدولية، تعريفها ومفاهيم القوة والمصلحة الوطنية، وأسباب قيام الحروب.
رغم أن مؤلفي الكتاب صرحوا في بدايته أن الكتاب مجرد محاولة لإيقاظ الفضول نحو مجال العلوم السياسية، إلا أن الكتاب يُعد مدخلًا شاملًا للقضايا العلوم السياسية، لا يعيبه بالطبع إلا أنه كُتب ليدرس في الولايات المتحدة.
7. علم السياسة: منظور عالمي – ليوناردو مورلينو، ديرك بيرج شلوسر، برتراند بديع
الكتاب مكون من 16 فصلًا تندرج تحت 5 أبواب، وتوضيحها كما يلي:
- الخلفية المعرفية: وتناول الأصول المعرفية والتوجهات المنهجية المختلفة داخل حقل العلوم السياسية، وطرق البحث وتصميمها، والعلاقة بين العلوم السياسية وغيرها من العلوم الاجتماعية.
- السياسة العامة الكلية: وفيه الحديث عن الأسس الاجتماعية لعلم السياسة، والنظم الديمقراطية، والتحول الديمقراطي والأنظمة غير الديمقراطية.
- الحوكمة: وتناول هذا الفصل الحديث عن الحكومة والبرلمان والقضاء أي السلطات الثلاث، والسياسات العامة والإدارة العامة.
- علم السياسة في مستوى التحليل المتوسط والدقيق: وتعرض الباب لمفاهيم المشاركة السياسية والحركات الاجتماعيىة والاجتجاجات والثورات، والتواصل السياسي ووسائل الإعلام، وجماعات المصالح والأجزاب السياسية، والانتخابات والسلوك الانتخابي.
- السياسة الدولية: وركز على فكرة عولمة السياسة الدولية، ودور الحروب فيها وهيمنة النظرية الواقعية، والأنظمة الإقليمية.