تناولنا في الجزء الأول المباريات التي خرج على إثرها المنتخب المصري من نسخ كأس الأمم الإفريقية، أو أخفق في الصعود إلى النهائيات من الأصل. في هذا التقرير نعود بالذاكرة إلى أربع تصفيات لأربعة نسخ من كأس العالم أخفق الفراعنة في الوصول إليها، بالإضافة إلى كأس القارات التي شارك فيها المنتخب عام 2009 بجنوب إفريقيا بصفته ممثل إفريقيا عقب الفوز بكأس الأمم الأفريقية عام 2008.
إقصاءات المنتخب المصري في المونديال
مونديال 2002: مصطفى حجي يطيح بأحلام المصريين
أوقعت قرعة التصفيات المنتخب المصري في المجموعة الثالثة أو “مجموعة الموت”، لكونها ضمت بجانب مصر كلا من المغرب والجزائر والسنغال ونامبيا. كان على رأس الإدارة الفنية للمنتخب وقتها الجنرال محمود الجوهري؛ ورغم أن فرص مصر في الصعود ظلت قائمة حتى الجولة الأخيرة إلا أن المباراة الأهم والتي قلصت من فرص التأهل هي مباراة المغرب في الدار البيضاء في الجولة السادسة من التصفيات.
كان المنتخب المغربي على قمة المجموعة برصيد 12 نقطة، بينما كان في جعبة الفراعنة تسع نقاط؛ وانصب آمال المصريين وقتها على الفوز في هذا اللقاء والذي يعني بنسبة كبيرة الترشح لنهائيات 2002 المقامة في كوريا واليابان.
أقيمت المباراة في 30 يونيو 2001، ولعب المنتخب المصري بتشكيل هجومي بطريقة 4-3-3، وضمت التشكيلة الأساسية كلًا من: نادر السيد في حراسة المرمى، أحمد حسن وعبد الظاهر السقا ورضا سيكا ومحمد عمارة في خط الدفاع، محمد بركات وهاني رمزي وطارق السعيد في خط الوسط، وفي الهجوم عبد الستار صبري وأمامه أحمد حسام “ميدو” وأحمد صلاح حسني.
https://www.youtube.com/watch?v=bd7_Ikn4IXI
سيطر المنتخب المصري على مجريات اللقاء في الدقائق الأولى من المباراة، ونجح في الاستحواذ على الكرة وتهديد مرمى أسود الأطلسي؛ غير أنهم لم ينجحوا في هز شباك المغاربة إلى أن جاءت الدقيقة 32 وبالتخصص، يحرز نجم المغرب مصطفى حاجي هدفًا من تسديدة صاروخية من خارج منطقة الجزاء محرزًا هدف الفوز، لتتضاءل فرص مصر في الوصول للمونديال.
لعب المنتخب المباراة قبل الأخيرة ونجح في الفوز على نامبيا بنتيجة 8-2، وسافر في الجولة الأخيرة إلى الجزائر سعيًا لتحقيق معجزة بالفوز عليها في عقر دارها، على أمل أن تتعثر السنغال مع نامبيا، إلا أن هذا لم يحدث، فقد اكتسحت السنغال ناميبيا بخمسة أهداف، وخرج المنتخب بتعادل مع الجزائر، لتصعد السنغال للمرة الأولى في تاريخها إلى المونديال.
مونديال ألمانيا 2006: الخسارة من ساحل العاج ذهابًا وإيابًا
من جديد أوقعت القرعة منتخب مصر في المجموعة الثالثة وكانت أصعب المجموعات على الإطلاق؛ حيث ضمت المجموعة الكاميرون وساحل العاج وليبيا والسودان وبنين، وعلى الرغم من أن الكاميرون كانت مصنفة وفقا للاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) في التصنيف الأول، إلا أن الفريق الذي مثل خطورة ونجح في خطف بطاقة التأهل هو أفيال ساحل العاج لقد نجحت مصر في الفوز على الكاميرون بملعب الكلية الحربية بثلاثة أهداف مقابل هدفين؛ وتعادلت معها في ياوندي لتهدي بطاقة التأهل لكوت ديفوار.
المباراة التي أقصت مصر كانت مباراة ساحل العاج في أبيدجان، وكان المنتخب قد بدأ التصفيات تحت قيادة تارديلّي الإيطالي، إلا أنه رحل بعد الهزيمة التي تلقاها المنتخب من ليبيا على أرضها بهدفين لهدف، ليكون مجموع مصر من النقاط سبع نقاط، جمعتها من فوز على السودان على أرضها وفوز على الكاميرون وتعادل مع بنين، وهزيمتين من ساحل العاج وكوت ديفوار.
تم تكليف حسن شحاتة بالإدارة الفنية للمنتخب، إن نجح في المهمة المستحيلة سيُحمل فوق الأعناق، وإن لم ينجح فلديه كأس الأمم الإفريقية والتي ستستضيفها مصر في مطلع عام 2006، ونجح في الفوز في أول مبارتين، على ليبيا والسودان بنتيجة 4-1 و6-1 على الترتيب. بعدها يسافر المنتخب إلى أبيدجان للقاء الأفيال في لقاء الحسم، غير أن المنتخب خسر بهدفي للنجم الإيفواري ديديه دروجبا لتتبخر أحلام المنتخب في الصعود للمونديال هذه المرة أيضًا.
تصفيات مونديال 2010: الهزيمة من الجزائر في السودان
أوقعت القرعة مصر مع كل من الجزائر وزامبيا وروندا. كانت البداية للمنتخب المصري في استاد القاهرة مع زامبيا، وانتهت المباراة بتعادل بهدف لهدف، لتفقد مصر نقطتين غاليتين ويزداد صعوبة موقف الفراعنة مع الخسارة من الجزائر بثلاثة أهداف لهدف وهي نتيجة كبيرة نسبيا أثرت سلبا فيما بعد.
لم يكن هناك مفر من الفوز في اللقاءات الأربعة المتبقية، وهو ما فعله منتخب الساجدين ففازت على روندا في القاهرة بثلاثة أهداف، ثم كرر الفوز عليها على أرضها بهدف نظيف. في زامبيا، خطف المنتخب الفوز بهدف حتى جاء موعد لقاء الجزائر ونجح في إحراز هدف مبكر عبر عمرو زكي، ولا زال هدف عماد متعب الذي سجله في الوقت المحتسب بدلا من الضائع عالقا في أذهان المصريين.
لم يكن في الحسبان أن نتيجة 2-0 تعني الذهاب الى مباراة فاصلة تجمع بين مصر والجزائر لتحديد صاحب بطاقة التأهل في الخرطوم، وهناك كانت خسارة مصر أمام الجزائر بهدف نظيف لتذهب أحلام المصريين هباء كالعادة منذ آخر صعود قبل عشرين سنة آنذاك، حين أحرز حسام حسن هدف الفوز على الجزائر وصعد المنتخب تحت قيادة الجوهري لكأس العالم عام 1990 في إيطاليا.
https://www.youtube.com/watch?v=FvP5U1O_QgI&feature=youtu.be
وجهة نظر شاذة: احذر من الفرق الصغيرة ولا تفقد نقاطًا على ملعبك
لو سألت أيًا من مشجعي الكرة عن أهم مباريات التصفيات في أعوام 2002 و2006 و2010، فستجده يذكر المواجهات الأكبر أمام الفرق الأقوى، غير أن الواقع يُظهر لنا غير ذلك، وهذه هي وجهة النظر غير المشتهرة أو إن شئت الشاذة، ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء سنجد الآتي:
- تعادلت مصر مع ناميبيا على أرضها بصعوبة بالغة في الجولة الثالثة من تصفيات 2002، ولو فازت وقتها لتمكنت من اللحاق بالسنغال والمغرب، خصوصًا أنها كانت أكثر منهم تهديفًا.
- في تصفيات مونديال 2006، تعادلت مصر مع بنين في بنين، وخسرت من ليبيا في ليبيا، وبذلك فقدت خمس نقاط وهو ما يساوي الفارق مع منتخب كوت ديفوار الذي تأهل آنذاك، ولو أضفنا أن المنتخب قد خسر من كوت ديفوار ذهابًا وإيابًا، كان يكفيه تحقيق التعادل في أي من اللقاءين ليصعد بجدارة.
- في تصفيات مونديال 2010، خسرت مصر نقطتين مهمتين في الجولة الأولى من دوري المجموعات عندما تعادلت مع زامبيا، ولو فازت لتصدرت المجموعة وصعد الجيل الذهبي للمنتخب إلى المونديال.
النقاط الثلاث ترسم لنا معادلة بسيطة من شرطين؛ الأول لا تفقد نقاطًا على أرضك، والثاني اِنتصِر على أضعف فرق المجموعة خارج أرضه، وحتى لو خسرت من الفريق الأقوى ففي النهاية ستكون في الصدارة. وهذا ما حدث في تصفيات مونديال 2018، حيث فازت مصر في اللقاءات الثلاثة على أرضها، ونجحت في الفوز على الكونغو – أضعف فرق المجموعة- على أرضها، وبذلك ضمنت التأهل للمونديال، ولم تنتظر حتى الجولة الأخيرة.
مونديال 2014: هزيمة المنتخب المصري الثقيلة أمام النجوم السوداء
تولى الأمريكي برادلي تدريب المنتخب المصري، وفي دور المجموعات حقق العلامة الكاملة عقب فوزه في اللقاءات الست ذهابًا وإيابًا على كل من غينيا وموزمبيق وزيمبابوي، ليتأهل كأول مجموعة ليواجه غانا في مباراتين لتحديد من سيحوز على بطاقة مونديال 2014 في البرازيل.
سافر الفراعنة والآمال معقودة على أبوتريكة وصلاح ورفاقهم في الخروج بنتيجة إيجابية تُسهل من المهمة في مباراة العودة، إلا أن منتخب النجوم السوداء أمطر شباك المصريين بنصف دستة أهداف مقابل هدف يتيم أحرزه أبو تريكة من ركلة جزاء، ليجعل التعويض في مباراة العودة مستحيلة. وبالفعل فازت مصر بصعوبة على غانا بهدفين لهدف، لتضيع الفرصة الأخيرة للعب في كأس العالم على ما تبقى من الجيل الذهبي لمنتخب مصر مثل أبو تريكة وحسني عبد ربه ووائل جمعة وعمرو زكي.
كأس القارات 2009: خروج المنتخب المصري على يد أمريكا
بعدما أبهر منتخب “الساجدين” متابعي الكرة في بقاع الأرض عقب الخسارة بصعوبة بالغة من السامبا البرازيلية في الدقائق الأخيرة بنتجة 4-3، ثم الفوز على المنتخب الإيطالي بطل العالم وقتها بهدف أحرزه محمد حمص، وقعت المفاجأة وخسرت مصر أمام أمريكا في المباراة الأخيرة بنتيجة كبيرة 3-0.
الجدير بالذكر – والأسف أيضًا- أنّ أية نتيجة إيجابية للمنتخب كانت ستؤهله للدور قبل النهائي، بل لو خسر بفارق هدفين فقط. إلا أن شباك الحضري استقبلت ثلاثة أهداف في صدمة غير متوقعة لجماهير الكرة المصرية، فلم يكن من المعقول بعد الأداء المشرف أمام السامبا البرازيلية، وبعد الفوز على إيطاليا بطل العالم، أن تخسر بثلاثة أهداف من المنتخب الأمريكي، أضعف فرق المجموعة من الناحية النظرية.