`ذكرنا في الجزء الأول عددًا من الكتب التي تحدثت عن السياسات العامة باعتبارها أحد الفروع التي تنتمي إلى العلوم السياسية، وترتبط أيضًا بالإدارة العامة، وفيما يلي نكمل التعريف بكتب أخرى تحدثت عن السياسات العامة، علمًا بأن غالب هذه الكتب ركز على القضايا والمحاور والتعريفات النظرية.
5- السياسة العامة| منظور كلي في البنية والتحليل – فهمي خليفة الفهدواي
لما كانت الكتابات المتعلقة بحقل السياسات العامة شحيحة نادرة في المكتبة العربية، وهذا الشحيح النادر غالبًا ما ينقل ما كُتب في الغرب دون مراعاة للخصوصية الثقافية والحضارية للعالم العربي والإسلامي، فقد شرع المؤلف في وضع هذا الكتاب ليركز على أهم القضايا والقيم والأوضاع ذات الخصوصية الثقافية فيما يتعلق بقضايا السياسة العامة في العالم العربي والإسلامي.
الكتاب مقسم إلى تسعة فصول تعرض لأهم محاور السياسات العامة، حقلًا وموضوعًا ومنظومة –على حد تعبير الكاتب- فيما يتعلق بالفعل الحكومي والقرار السياسي، وقد تناول الفصل الأول نشأة السياسة العامة وتطور مفاهيمها وعناصرها الأساسية، وفي الفصل الثاني تناول أنماط السياسة العامة ومستوياتها، المستوى الحكومي والتشريعي والتنفيذي الإداري، وتصنيف السياسات العامة الحكومية، الاستخراجية والتوزيعية والتنظيمية والرمزية، والأدوات المعتمدة في السياسات العامة.
ركز الفصل الثالث على تحليل السياسات، وأبرز المحاور التي تركز عليها ومجالات الدراسة والتحليل، والخطوات المنهجية المتعلقة بعملية التحليل، وجاء الفصل الرابع ليوضج نماذج اتخاذ القرار مثل النموذج الكلي الرشيد والتدريجي والفخص المختلط ونظرية اللعبة والاختيار العام، وتناول الفصل أيضًا القيم التي توجه صناع القرار مثل القيم السياسية العامة والايديولوجية والفردية.
اختص الفصل الخامس بدراسة نماذج صنع السياسة العامة، مثل نماذج الجماعة والنخبة والنظم والنموذج المؤسسي، في حين اهتم الخامس بالبيئة المؤثرة بعمليات السياسات العامة، وكذلك القائمين على صناعتها، فتحدث عن الثقافة السياسية والظروف الاجتماعية والاقتصادية والظروف والمتغيرات الدولية، والأجهزة والجهات الرسمية وغير الرسمية المشاركة في عملية صنع السياسات، من السلطتيتن التشريعية والتنفيذية والأجهزة الإدارية في الإطار الرسمي، ومثل الأحزاب وجماعات المصالح والنقابات في الإطار غير الرسمي.
الفصل السابع اهتم بعملية صنع السياسات وكيف يتم جدولة مهام ووظائف السياسات العامة، وقدم الفصل مقترحًا لصياغة نموذج عملي تجريبي لصنع سياسة عامة وطنية، أما الفصل الثامن فقد عُني بعملية تنفيذ السياسة العامة من حيث مفهومها والجهات المنوطة بالتنفيذ، كالأجهزة الإدارية والمستلزمات المطلوبة مثل عناصر التنفيذ والبناء التنظيمي والطاعة والاستجابة القانونية، وأخيرًا تحدث الفصل التاسعن عن عملية تقويم السياسة العامة مفهومًا وتطبيقًا .
اقرأ أيضًا: مفهوم النظام السياسي ووظائفه وإمكاناته
6- أصول تحليل السياسات العامة – أحمد دسوقي إسماعيل
اهتم هذا الكتاب بالقضايا النظرية المتعلقة بحقل السياسة العامة منذ نشأته، كما اهتم بالتطورات التي شهدها في العالم الغربي، وقام بتوضيح العلاقة بين كل من العلوم السياسة والإدارة العامة من جهة والسياسات العامة من جهة أخرى.
جاء الفصل الأول بعنوان “السياسات العامة بين حقلي الإدارة العامة والعلوم السياسية” ووضح العلاقة بينهما والإشكاليات الناتجة عن تداخل هذه الفروع مع بعضها البعض، وفي الفصل الثاني حاول تحليل ماهية السياسات العامة، ومراحل صنعها وأهم المتغيرات المؤثرة فيها، مركزًا على مفهوم شبكات السياسات العامة.
بحث الفصل الثالث عن إجابة لعدة تساؤلات؛ من قبيل ماهية علم تحليل السياسات العامة ومناطق اهتمامه، وأبرز التطورات العلمية التي لحقت به، وما أهم المنهجيات المستخدمة في تحليل السياسات، والدور الذي يقوم به محلل السياسات العامة، وفي الفصل الرابع كانت الإجابة عن سؤال: ما أهم الاقترابات والنماذج المستخدمة في تحليل وتقييم السياسات العامة، وما الأدوات المستخدمة فيها؟ وبالتالي يتعرض الفصل لطرق تشخيص المشكلات كخطوة على طريق حلها، وركز الفصل الخامس والأخير على أوراق السياسات Policy papers من حيث تكوينها وأهدافها، وكيفية كتابتها، ويهتم الساسة وصناع القرار بأوراق السياسات لأنها تساعدهم في فهم جوهر المشكلات وتقترح أهم الطرق لحلها.
7- تحليل السياسات العامة – ويليام ن. دن
مرجع ضخم في السياسات العامة لا يرى حصر مناهج وطرق تحليل السياسات في نظريات الاقتصاد الجزئي ولا مناهج دراسة العلوم السياسية، ولا في الطرق الرياضية والإحصائية، فمؤلف الكتاب يرى أن تحليل السياسات العامة يمكن تعريفها أنها “تخصص علم الاجتماع التطبيقي الذي يستخدم أساليب متعددة من التساؤل لحل المشاكل العلمية”.
الكتاب مكون من ثلاثة أجزاء يندرج تحتها تسعة فصول، الجزء الأول جاء بعنوان “منهجية تحليل السياسات”، تناول عملية تحليل السياسات فحدد مراحل تحليل السياسات وعناصره، وعرض لأربع استراتيجات للتحليل، والتفريق بين تحليل السياسات المستقبلي وتحليل السياسات بأثر رجعي، وتناول الفصل الثاني التحليل المتعلق بعملية صنع السياسات، فبين أن تحليل السياسات نشاط فكري مرتبط بالعملية السياسية، وكيف تطورت عمليات التحليل من الناحية التاريخية، وأهم التفسييرات لتغير السياسات، وقارن كذلك بين الاستخدام المحتمل والاستخدام الفعلي للتحليل.
الجزء الثاني ركز على أساليب تحليل السياسات، فبدأ بفصل عن هيكلة مشاكل السياسات ناقش فيه الفرق بين طرق تشخيص المشكلة وطرق حل المشكلة، مع التعرض لطبيعة مشكلات السياسات العامة والتي غالبًا ما تتسم بالتشابك والتداخل، وتوضيح أن المشاكل متعددة المستويات في صعوبتها وبالتالي فهي متعددة المستويات في إمكانية الحل، وتناول الفصل الرابع التنبؤ بالنتائج المتوقعة في السياسات العامة والتفرقة بين التقديرات والتوقعات والتخمينات، والسياقات المختلفة التي تؤثر على التنبؤ، وتناول الفصل الخامس “وصف السياسات المفضلة” ففرق بين وصف السياسات والطرق الأخرى المستخدمة في تحليل السياسات، والمعايير المستخدمة في الاختيار بين بدائل السياسات.
رصد نتائج السياسات العامة ووظيفة عملية المراقبة كان موضوع الفصل السادس، وضم كذلك التفرقة بين نتائج السياسات وتأثيراتها وعملياتها ومدخلاتها، وفي الفصل السابع تناول عملية تقييم السياسات وخصائصها، والمعايير الضابطة للتقييم، والفرق بين القيم والأخلاقيات.
حمل الجزء الثالث عنوان “أساليب نقل معنى السياسات” فجاء الفصل الثامن ليتناول الحجج الخاصة بالسياسات، وكيفية توضيح الأولويات الواجب تنفيذها، وتناول الفصل التاسع “نقل معنى تحليل السياسات” والتفرقة بين تحليل السياسات وتطوير الأدوات والاتصال التفاعلي، وأوجه العلاقة بين عملية تحليل السياسات عملية نقل معاني السياسات وعملية صنع السياسات.
في النهاية فهذا المرجع من أكبر المراجع المترجمة في حقل السياسات العامة، والتي تناول قضايا ومسائل تفصيلية في حقل السياسات العامة، والتركيز على مداخل ومنظورات مختلفة تتقاطع فيها العلوم السياسية والاقتصاد والإدارة والاجتماع، مع ضرب أمثلة للتوضيح.
اقرأ أيضًا: تعرف على أهم كتب مقدمات العلوم السياسية (1)
8- السياسات العامة مدخل لتطوير أداء الحكومات – عامر خضير الكبيسي
يجمع هذا الكتاب بين القضايا النظرية والتطبيقات العملية المرتبطة بحقل السياسات المقارنة، وقد قسم المؤلف كتابه من ثمانية فصول، تناول الأول منها تعريف السياسات العامة وكيفية نشأتها، ثم انتقل في الفصل الثاني للحديث عن أهمية دراسة السياسات العامة، والمداخل المتنوعة المستخدمة في فهمها ودراستها، وفي الفصل الثالث تحدث عن مشكلات السياسات وكيفية التعامل معها من حيث التشخيص وكيف تدرج ضمن الأجندة الحكومية.
انتقل الكاتب بعد ذلك لتناول أهم العمليات المرتبطة بالسياسات وهي صنعها أولًا، ثم كيفية التنفيذ والتقويم، وأهم الفاعلين في السياسات العامة سواءً كانوا فاعلين رسميين أو غير رسميين، والأدوار التي يقومون بها، أما الفصل الثامن والأخير فتناول عملية “تحليل السياسات” والدور الذي يلعبه محلل السياسات وكيف يتم إعداده، وما أهم الأساليب المستخدمة في عملية تحليل السياسات.
إلى هنا نكون قد انتهينا من التعريف بعدد من أهم كتب السياسات العامة العربية والمترجمة، وتبقى لنا في المقال القادم لنعرض لأهم الكتب التي ركزت على تطبيقات السياسات العامة.
