تجربتي مع اضطراب الشخصية الحدية كانت واحدة من أصعب التجارب التي مررت بها، حيث يصاحب هذا الاضطراب العديد من الأعراض المزعجة التي تتداخل مع الحياة اليومية. يعاني المصابون بهذا الاضطراب من تحديات كبيرة قد تسبب لهم وللأشخاص المقربين منهم الكثير من المضايقات دون معرفة السبب الحقيقي وراءها. في هذا المقال، سأشارك تجربتي الشخصية مع اضطراب الشخصية الحدية والتحديات التي واجهتها.
التجربة الأولى
فتاة تقول إنها بدأت تعاني من مجموعة من الأعراض النادرة بعد دخولها سن البلوغ، حيث شعرت بتغيرات ملحوظة في مزاجها وشعور دائم بالخوف من أمور غير معروفة. كانت تتصل بأصدقائها وأفراد عائلتها بشكل مستمر للتأكد من مشاعرهم تجاهها، وكانت هذه المشاعر غير الطبيعية تسبب إزعاجًا لبعض الأصدقاء الذين شعروا بأنها متطفلة أو تشعر بالشكوك تجاههم، مما جعلهم يبتعدون عنها دون سبب واضح. لاحظ أفراد عائلتها تغيرًا كبيرًا في شخصيتها، حيث تحولت من فتاة مرحة واجتماعية إلى فتاة انطوائية ومعزولة. قرروا عرض حالتها على طبيب نفسي متخصص، الذي قام بتشخيص إصابتها بمرض اضطراب الشخصية الحدية. بدأت الفتاة علاجها من خلال عدة جلسات، وسرعان ما بدأت تستعيد نشاطها وتعود إلى حياتها الطبيعية في وقت قصير جدًا.
التجربة الثانية
تقول فتاة إنها تعرضت خلال طفولتها لأزمة نفسية جعلت حياتها تتغير تمامًا. فقدت والدها في سن صغيرة، مما أثر عليها بشكل كبير، حيث شعرت دائمًا بحزن شديد وبأنها أقل من الآخرين. مع وصولها لسن البلوغ، ازداد تعلقها بأمها وعمها الذي كان بمثابة والدها بالنسبة لها. كانت تشعر بأنها تتبعهما في كل مكان، وكانت تعيش في حالة من التوتر الدائم. تناولت الأهل موضوع تخفيف العواطف من خلال الصلاة، لكن دون جدوى، حيث زادت مشاعر الاكتئاب لديها واعتقدت أن الآخرين لا يرغبون في وجودها. قررت والدتها أخذها إلى مشفى متخصص، حيث تم تشخيصها بالاضطراب الحاد في الشخصية. بعد عدة جلسات علاجية وتناول بعض الأدوية، شعرت بتحسن كبير في حالتها النفسية، وعادت إلى حياتها الطبيعية.
تعريف اضطراب الشخصية الحدية
اضطراب الشخصية الحدية (BPD) هو اضطراب في الصحة العقلية يؤثر بشكل أساسي على كيفية التعامل مع المشاعر والسيطرة عليها. يعاني الأشخاص المصابون بالاضطراب من عدم الاستقرار النفسي، مما يتسبب في اندفاع مفرط في العواطف تجاه الآخرين، ويؤثر على نظرتهم لأنفسهم وعلاقاتهم الاجتماعية. يتميز المصابون بسلوكيات غير متزنة مثل القيادة بسرعة مفرطة والسلوكيات التي تسبب الإيذاء الذاتي. يندرج هذا الاضطراب تحت النوع الثاني من اضطرابات الشخصية، ويتسبب في تشكيل علاقات اجتماعية متقلبة ومضطربة. ومع ذلك، قد لا يكون المصابون بالاضطراب على دراية بحالتهم النفسية أو بالمشاكل التي قد تنجم عن تفاعلاتهم مع الآخرين.
الفرق بين اضطراب الشخصية الحدية والاضطراب ثنائي القطب
الاضطراب ثنائي القطب واضطراب الشخصية الحدية يتشابهان في تغيرات كبيرة في الحالة العاطفية والنفسية والتصرفات، ومع ذلك، هناك اختلاف واضح في كيفية استجابة المرضى للمواقف. يتميز مرضى اضطراب الشخصية الحدية بتفاعل سريع جدًا مع المواقف وسلوكيات الآخرين، بينما يكون رد فعل المرضى ذوي اضطراب ثنائي القطب أبطأ ويستمر لفترة أطول. علاوة على ذلك، يعاني المرضى ذوو اضطراب ثنائي القطب من تغيرات واضحة في القدرة على ممارسة النشاطات وانخفاض مفاجئ في مستويات الطاقة.
ما هو سبب اضطراب الشخصية الحدية
سبب اضطراب الشخصية الحدية معقد ويتأثر بعوامل متعددة. من بين العوامل التي ترفع احتمال الإصابة بهذا الاضطراب:
1. الوراثة: قد يكون وجود أفراد في العائلة يعانون من اضطرابات نفسية، مثل الاكتئاب والقلق، يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالشخصية الحدية.
2. الجنس: يعتبر اضطراب الشخصية الحدية أكثر شيوعًا لدى الإناث منه عند الذكور.
3. بنية الدماغ والكيمياء الدماغية: الأشخاص الذين يعانون من تغيرات في بنية الدماغ وكيمياء الدماغ قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالشخصية الحدية.
4. العوامل المحيطية: الصدمات النفسية أو العاطفية التي يتعرض لها الشخص خلال الطفولة، مثل التعرض للعنف أو التنمر، قد تزيد من احتمالية الإصابة بالشخصية الحدية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يلعب عوامل أخرى، مثل التوتر النفسي والتغيرات الهرمونية، دورًا في زيادة خطر الإصابة بالشخصية الحدية.
أعراض اضطراب الشخصية الحدية
أعراض اضطراب الشخصية الحدية تتضمن مجموعة متنوعة من العلامات التي تظهر بشكل متباين بين الأشخاص المصابين. هذه الأعراض قد تشمل:
1. الخوف من الهجر: يشعر المرضى بالقلق وعدم الراحة بشكل دائم، ويعانون من الخوف المفرط من الهجر والانفصال عن الآخرين، مما يؤدي إلى ملاحقة الأشخاص المقربين والتشبث بهم بشكل مفرط.
2. العلاقات غير المستقرة: يظهر المرضى تقلبات سريعة في العلاقات الاجتماعية والأسرية، ويصعب عليهم بناء علاقات ثابتة ومستقرة، وقد يتغير مشاعرهم وتصرفاتهم تجاه الآخرين بشكل سريع وغير متوقع.
3. النظرة الدونية للذات: يعاني المرضى من الشعور بالقلق والحزن الدائم، وقد يصفون أنفسهم بأنهم أشخاص لا قيمة لهم ولا يستحقون الحب والاحترام.
4. تغيرات مزاجية سريعة: يتميز المرضى بتقلبات مفاجئة في المزاج، حيث يمكن أن ينقلبوا من الفرح إلى الحزن أو الغضب بسرعة، وتستمر هذه التغيرات لفترات قد تكون قصيرة أو طويلة.
5. السلوك الاندفاعي والخطير: قد يظهر المرضى سلوكيات خطرة مثل الاندفاع في القيادة، والعنف الجسدي أو العاطفي، والتصرفات العدوانية.
6. سلوكيات الأذى: قد يلجأ المرضى إلى أفعال تؤذيهم أو تؤذي الآخرين، مثل الإصابة بالجروح أو محاولات الانتحار.
7. الشعور المستمر بعدم الرضا: يعاني المرضى من الشعور بالعدم الرضا عن حياتهم بشكل مستمر، ويميلون إلى تقليل قيمتهم الذاتية.
8. مشاكل التحكم بالغضب: يصعب على المرضى التحكم في مشاعر الغضب، وقد يظهرون ردود فعل عدائية أو متهورة في حالات الغضب.
9. جنون العظمة: في بعض الحالات النادرة، قد يظهر المرضى سلوكيات تتضمن إفراطًا في تقدير الذات والتفاخر بأنفسهم.