غازي القصيبي نجم الدبلوماسية والإدارة والأدب
غازي القصيبي نجم الدبلوماسية والإدارة والأدب

لم يقتصر إبداع المبدع السعودي غازي القصيبي وتأثيره الفارق على مجالٍ محدّد. فالرجل الذي أبدع في المجال الإداري والأكاديمي والدبلوماسي والتنموي، أبدع أيضًا وصار نجمًا في عالم الثقافة والأدب والشعر والسّرد الروائيّ، وألّف أكثر من 70 كتابًا في كل هذه المجالات وعنها، وكان له تأثيره الكبير على الوضع السعودي والخليجي والعربي عمومًا.

 

غازي القصيبي: مسيرة حياة

لا تكاد تخلو مرحلةً من مراحل حياة الدكتور غازي القصيبي من أداءٍ لافتٍ وتأثير واضح، ونفَسٍ إبداعيٍ ملازم له، ويؤثّر على كل مَن حوله، بل وعلى من يأتي بعده.

الدكتور غازي القصيبي
الدكتور غازي القصيبي

القصيبي ناشئًا

ولد غازي عبد الرحمن القصيبي في الهفوف بمنطقة الإحساء في 2 مارس عام 1940م / 1359هـ، وتوفيت والدته بالتيفوئيد بعد ولادته بتسعة أشهر، فنشأ في ظل مزيجٍ من شدّة وصرامة أبيه، وحنان وشفقة جدّته. انتقلت أسرته وهو في الخامسة إلى المنامة في البحرين، والتحق بالمدرسة الابتدائية الشرقية وأظهر تفوقًا لافتًا، وتخرّج منها في 1952م.

في عام 1958م، أنهى غازي مرحلته الثانوية بتفوق وتوقعات بمستقبلٍ مميّز، فبدأ رحلته للدراسة في القاهرة، فنال شهادة التوجيهية من مدرسة السعيدية في 1957م، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وتخرّج منها عام 1961م، ليعود إلى الرياض في العام ذاته ويتلقى عددًا من العروض للعمل في وظائف إدارية بجهات حكومية مختلفة.

 

القصيبي أكاديميًا

لكن غازي اختار مجال الدراسة الأكاديمية الذي يفضّله، وخاصةً في القانون الدولي، لكنه اضطر لدراسة العلاقات الدولية لعدم توافر مقرّرات القانون الدولي، وحصل على الماجستير عام 1964م، واختار أن يأخذ فاصلاً من العمل الوظيفي قبل الالتحاق بمرحلة الدكتوراة، فعمل مدرسًا مساعدًا في جامعة الرياض (جامعة الملك سعود حاليًا) عام 1964م، واختير مستشارًا قانونيًا مرافقًا للوفد السعودي المبتعث من الملك إلى اليمن.

خلال العام الدراسي 1966م، عمل القصيبي محاضرًا بالجامعة، وتلقى عروضًا عديدة من وزارات مختلفة، إلا أنه – مجددًا- اختار أن يتمّ مساره الأكاديمي نحو الدكتوراه، فالتحق بكلية يونيفرستي كولدج بجامعة لندن، وخصص أطروحته حول التاريخ السياسي لليمن.

مع بداية عام 1972م، عاد غازي القصيبي إلى جامعة الرياض، ليعمل بالتدريس إلى جانب الاستشارات القانونية، ثم صدر الأمر الملكي بتععينه عميدًا لكلية التجارة، وهو لا زال في الـ31 من عمره، وأمضى في هذا المنصب عدّة شهور، قبل أن ينتقل للعمل مديرًا عامًا لمؤسسة السكة الحديدية في 1973م. إلى جانب عضويته في عددٍ من المؤسسات الحكومية والاستثمارية.

 

القصيبي وزيرًا

في العام 1957م، كان غازي القصيبي هو أول وزير للصناعة والكهرباء في المملكة، وقد بادر القصيبي بوضع خطط للتصنيع، وهيكلة لمشاريع البتروكيماويات، والعديد من الإجراءات الداعمة للصناعة الوطنية. ووجه وزارته عبر برنامج التعاون السعودي الأمريكي إلى وضع خطة كهربائية شاملة للـ25 عامًا التالية.

تسلّم غازي القصيبي حقيبة وزارة الصحة في عام 1977م، فبادر إلى تطوير المستشفيات والخدمة الصحية، ووضع بعض اللوائح والإجراءات التي توفّر عملية التعاون بين الوزارة والمجتمع المدني، ورغم إحرازه لكثير من النجاحات المتتابعة، صدر الأمر الملكي بإعفائه من المنصب الوزاري في 1984م، ليعيّن بعدها مباشرة سفيرًا للمملكة في دولة البحرين.

لاحقًا، في الأعوام من 2002م إلى 2004م، تولى القصيبي وزارات المياه والكهرباء، ثم وزارة العمل بعد فصلها عن الشؤون الاجتماعية، وكان أداؤه فيها لافتًا ومميزًا أيضًا.

 

القصيبي سفيرًا

تعيّن غازي القصيبي سفيرًا للمملكة لدى دولة البحرين في الفترة من 1984م إلى 1992م، بناءً على رغبته الشخصية، وقد شهدت هذه المرحلة مواقفه الواضحة في التعامل مع الأزمات العربية والدينية والإقليمية.

في الفترة من 1992م إلى 2002م، انتقل القصيبي بالأمر الملكي ليعمل سفيرًا للمملكة لدى بريطانيا حيث العمل المكثف والخبرة الهائلة.

 

القصيبي فقيدًا

بعد معاناة طويلة مع المرض، انتقل غازي القصيبي إلى الرفيق الأعلى في العاشرة صباح الأحد 15 أغسطس 2010م، 5 رمضان 1431هـ، بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، وذلك عن عمر يناهز 70 عامًا،

 

غازي القصيبي: مسيرة أديب

كما كان القصيبي رجلَ الوزارات والدبلوماسية والسفارات، فقد كان أيضًا الأديب والشاعر والروائي. ومع أنه بدأ مبكرًا بكتابة المقالات الصحفية عبر المراحل الأولى من مشواره الحياتي، إلا أنّ ما أنتجه بعد ذلك في الموضوعات الأدبية والاجتماعية أحرز شهرة وصدىً كبيرًا في العالم العربي.

 

القصيبي شاعرًا

مبكرًا جدًا، ظهرت موهبة الشعر لدى غازي القصيبي. فمنذ كان عمره 9 سنوات، وهو يقرأ الشعر ويلقيه في المحافل المدرسية، وكانت أولى محاولاته في نظم الشعر وهو في الـ14 من عمره، ونشر قصائده باسم مستعار في مجلات وصحف خليجية وعربية.

في عِقدي الستينات والسبعينات، تتابع نشر دواوينه ومجموعاته ومختاراته الشعرية في موضوعات متنوعة، وتعتبر قصيدته “حديقة الغروب” من أصدق وأشهر ما كتب في أواخر حياته، حيث كتبها في رثاء نفسه بعدما عرف أنّ المرض قد تمكّن منه بلا رجعة.

 

القصيبي روائيًا

كانت لدى غازي القصيبي نظرة تحليلية نقدية ساخرة، ينسج على أساسها موضوعاته التي يختارها في رواياته وأعماله السردية، سواءً كانت واقعية (مثل شقة الحرية)، أو خيالية (مثل دنسكو)، أو سيرية (سعادة السفير)، أو كاريكاتورية ساخرة (أبو شلاخ البرمائي).

تتميز رواية “العصفورية” لغازي القصيبي، بتواجدها ضمن قائمة أفضل 100 رواية عربية، وهي تعدّ رواية موسوعية تدور داخل مصحّة للأمراض النفسية.

 

القصيبي ناقدًا

بالنسبة للقصيبي، فإن الشاعر المصري إبراهيم ناجي يُعدّ الشاعر النموذجي في الرومانسية والحبّ. وقد أفرد له دراسة خاصةً بعنوان “مع ناجي ومعها”، وهي دراسة تنتهج النقد الانطباعي التذوقي الذي يكشف الانعكاسات المختلفة لأشعار ناجي.

يؤكد غازي القصيبي: “شعر ناجي قريب من قلبي؛ عندما اقرأه أحسّ أنه يتحدث عن حبي أنا، عن سعادتي أنا”.

 

مؤلفات غازي القصيبي

ترك الدكتور غازي القصيبي إنتاجًا غزيرًا قارب 70 كتابًا في مجالات مختلفة، نستعرضها فيما يلي مرتّبة حسب تاريخ إصدارها.

من مؤلفات الدكتور غازي القصيبي
من مؤلفات الدكتور غازي القصيبي
  • أشعار من جزائر اللؤلؤ – 1380هـ/1960م – مطبعة دار الكتب، بيروت.
  • تاريخ اليمن السياسي وعلاقتها بالدبلوماسية بين عامي (1948 – 1962م) – جامعة لندن.
  • قطرات من ظمأ – 1385هـ/1965م – مطبعة دار الكتب، بيروت.
  • في ذكرى نبيل. – 1389هـ/1969م. – مطبعة دار الكتب، بيروت.
  • معركة بلا راية – 1391هـ/1971م – مطبعة دار الكتب، بيروت.
  • أبيات غزل – 1396هـ/1976م – دار العلوم، الرياض.
  • هل للشعر مكان في القرن العشرين – 1396هـ/1976م – نادي الطائف الأدبي، الطائف.
  • خواطر في التنمية – 1397هـ/1977م – دار ثقيف، الطائف.
  • أنت الرياض – 1397هـ/1977م – المكتب المصري الحديث، القاهرة.
  • سيرة شعرية – 1400هـ/1980م – دار الفيصل الثقافية، الرياض.
  • التنمية: الأسئلة الكبرى – 1402هـ/1982م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • الحمى: شعر – 1402هـ/1982م – دار تهامة، جدة.
  • قصائد أعجبتني – 1402هـ/1982م – دار ثقيف، الرياض.
  • في رأيي المتواضع – 1404هـ/1983م – دار تهامة، جدة.
  • العودة إلى الأماكن القديمة – 1405هـ/1985م – دار الصقر، المنامة.
  • مائة ورقة ورد – 1406هـ/1986م – دار تهامة، جدة.
  • المجموعة الشعرية الكاملة – 1407هـ/1987م – دار المسيرة، المنامة.
  • ورود على ضفائر سناء: شعر – 1407هـ/1987م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • عن هذا وذاك: مقالات – 1987م – دار الوطن، الرياض.
  • في خيمة شاعر: أبيات مختارة من الشعر القديم والحديث، 1408 – 1412هـ/1988 – 1991م، رياض الريس، لندن.
  • التنمية وجهًا لوجه – 1410هـ/1989م – دار تهامة، جدة.
  • قصائد مختارة – 1410هـ/1990م – دار الفيصل الثقافية، الرياض.
  • العودة سائحًا إلى كاليفورنيا – 1410هـ/1990م – دار الصافي، الرياض.
  • من هم الشعراء الذي يتبعهم الغاوون؟ – 1410هـ/1990م – بيت القرآن، البحرين.
  • المزيد من رأيي المتواضع – 1410هـ/1990م – دار الرفاعي، الرياض.
  • مرثية فارس سابق: ديوان شعر – 1411هـ/1990م – دار تهامة، جدة.
  • عقد من الحجارة – 1411هـ/1991م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • الغزو الثقافي ومقالات أخرى – 1412هـ/1991م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • شقة الحرية – 1414هـ/1994م – رياض الريس، لندن.
  • مائة ورقة ياسمين – 1415هـ/1995م – دار تهامة، جدة.
  • العصفورية – 1416هـ/1996م – دار الساقي، لندن وبيروت.
  • سحيم – 1416هـ/1996م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • الإلمام بغزل الفقهاء الأعلام – 1416هـ/1996م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • هما: مسرحية – 1417هـ/1997م – دار الساقي، بيروت ولندن.
  • صوت من الخليج – 1417هـ/1997م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • قراءة في وجه لندن – 1417هـ/1997م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • الأسطورة – 1418هـ/1997م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • القفص الذهبي: مسرحية – 1998م – مؤسسة الأيام للصحافة والنشر والتوزيع، المنامة.
  • حياة في الإدارة – 1418هـ/1998م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • سبعة: رواية – 1418هـ/1998م – دار الساقي، بيروت.
  • مع ناجي، ومعها – 1419هـ/1999م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • دنسكو – 1420هـ/2000م – دار الساقي، بيروت.
  • أبو شلاخ البرمائي. – 1420هـ/2000م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • استراحة الخميس – 1421هـ/2000م – مكتبة العبيكان، الرياض.
  • اللون عن الأوراد: شعر – 2000م – دار الساقي، بيروت.
  • عن قبيلتي أحدثكم – 2001م – دار الزمان، لندن.
  • الأشج: قصيدة – 2001م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • يا فدى ناظريك: شعر – 1421هـ/2001م – مكتبة العبيكان، الرياض.
  • تجربة اليونسكو: دروس الفشل – 1421هـ/2001م – المجلة العربية، الرياض.
  • أمريكا والسعودية: حملة إعلامية أم مواجعة سياسية؟! 1421هـ/2002م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • حكاية حب – 1422هـ/2001م – دار الساقي، بيروت.
  • رجل جاء وذهب – 2002م – دار الساقي، بيروت؛ لندن.
  • العولمة والهوية الوطنية – 1423هـ/2002م – مكتبة العبيكان، الرياض.
  • للشهداء – 1423هـ/2002م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • مائة من أقوالي غير المأثورة – 2002م – دار تهامة، جدة.
  • بيت – 2002م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • سلمى – 2002م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • سعادة السفير – 2003م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • ثورة في السنة النبوية – 2003م – دار الساقي، بيروت.
  • الجنية – 2006م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • المواسم – 2006م – مؤسسة دامه، جدة.
  • حديقة الغروب: شعر – 2007م – مكتبة العبيكان، الرياض.
  • باي باي لندن: ومقالات أخرى – 1428هـ/2007م – مكتبة العبيكان، الرياض.
  • البراعم: ديوان شعري – 1429هـ/2008م – دار القمرين، الرياض.
  • الوزير المرافق – 2010م – المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت.
  • استجوبات – 1431هـ/2010م – مكتبة العبيكان، الرياض.
  • أقصوصة ألزهايمر – 2010م – بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، بيروت.

 

اقتباسات غازي القصيبي

  • الذكريات الصادقة فنُّ توثيقيُّ فاضح.
  • بلا ذاكرة لا توجد تجارب؛ لا يوجد سوى الفراغ؛ فراغ الموت.
  • إذا قرأت كلاما لا تفهمه، لا تحتقر ذكاءك؛ احتقر ذكاء كاتبه.
  • الهجاء فنٌ لا علاقة له بالشتائم.
  • أبسط الكلمات يمكن أن تصف أقوى المشاعر وأعمقها.
  • الحب يعني أنك لست في حاجة إلى الاعتذار أبدًا.
  • الحبّ هو نسيان مؤقت للذات، وتذكّر مؤقت للآخر.
  • المقدرة الحقيقية على الحب هي أن نحب ما لا يحب، أن نعشق ما لا يعشق، أن نؤمن بما لا نرى، أن نعطي دون أن نأخذ، أن نعجز عن الكراهية.
  • لا تغضب إذا قلتُ لك إنك لا تعرف نفسك كما يعرفك أعداؤك.
  • ليس للتخلّف علاج سوى الحريّة.
  • إن اكتشاف المرء مجاله الحقيقي الذي تؤهله مواهبه الحقيقيه لدخوله، يوفر عليه الكثير من خيبه الأمل فيما بعد.
  • الهزيمة الحقيقية هي أن نستمر في طريق لا يحمل سوى الهزائم.
  • وراءَ كُلّ إنجازٍ عظيم، إيمانٌ عظيم.
  • لا يجوز لإنسان أن يدّعي العفة مالم يتعرض للفتنة.
  • لا يأخذ الناس، بجديّة كافية، أية خدمة تُقدّم لهم بلا مقابل أو بسعر منخفض.
  • لا أعرف أحدًا خُلّد في وظيفةٍ سوى إبليس الرجيم.

 

مصادر

  • حكاية اسمها غازي القصيبي، كمال عبد القادر، دار مدارك للنشر، دبيّ، 2011م.
  • غازي عبد الرحمن القصيبي: دراسة في حياته ومؤلفاته، سوسن جبار عبد الرحمن، جامعة كركوك، 2019م.