فيلم The current war وانتصار الجبروت الرأسمالي
فيلم The current war وانتصار الجبروت الرأسمالي

أيهما سيحدّد مستقبل الحضارة ومصادر تشغيل الطاقة فيها؛ جودة الابتكار أم قوة المنافسة؟ التيار المباشر أم التيار المتردد؟ توماس إديسون أم جورج وستنجاوس؟ هذا ما يناقشه الفيلم الأمريكي The current war، إنتاج 2017م، متناولاً القصة الملحمية للمنافسة الشرسة بين أعظم المخترعين في العصر الصناعي الذين سيؤثر نظامهم الكهربائي على القرن الجديد.

الصراع الملحمي في The current war

في فيلم The current war، الأمريكيان توماس إديسون وجورج وستنجهاوس، اثنان من أعظم المخترعين في العصر الصناعي، ينخرطان في معركة التكنولوجيا والأفكار التي سيتحدّد على أساسها النظام الكهربائي الذي سيشغل القرن الجديد. يستعين إديسون بدعم مالي من بنك جي بي مورجان، ويتمكّن من إضاءة مانهاتن بالتيار الكهربائي المباشر، في خطوة أبهرت العالم. وعلى الطرف المقابل، يستعين ويستنجهاوس بمساعدة نيكولا تسلا، مراهنًا بكل شيء على التيار الكهربائي المتردد.

لقطات من فيلم The current war
لقطات من فيلم The current war

في عام 1880، يكشف توماس إديسون عن مصباحه الكهربائي، وعن مخططه لتوزيع الطاقة على الأحياء الأمريكية باستخدام التيار المباشر (DC) الأرخص والأنظف من مصابيح الغاز، لكنه ينطوي على عيوب من بينها أنه محدود النطاق ويحتاج إلى بنية تحتية للأسلاك باهظة الثمن.

في المقابل، يحاول وستنجاوس إثبات أن التيار المتردّد (AC)، هو التقنية الأفضل والأنسب، حيث أنه يعمل على مسافات أكبر وبتكلفة أقل بكثير. هكذا تندلع المنافسة بينهما حول جعل المدن في جميع أنحاء الولايات المتحدة تستخدم نظام واحدٍ منهما.

يصل المخترع الفريد نيكولا تسلا إلى أمريكا، ويبدأ العمل مع إديسون، وتخيب توقعات وآمال تسلا تجاه اديسون، فيتجه إلى التعاون مع ويستنجهاوس، وهو ما يدفع إديسون إلى مقاضاة وستنجهاوس بتهمة التعدّي على براءات اختراعه.

وبينما يشنّ أديسون حملة دعائية على وستنجهواس مدّعيًا أن التيار المتردّد خطير ومميت، ينخرط وستنجهاوس في دعم المزايا الفنية للتيار المتردّد وتشغيله مع المحرّكات. وهكذا يتطوّر الصراع بين كلا الاتجاهين. ورغم إصابة كل من أديسون ووستنجهاوس بمأساة شخصية، ووقوع كل منهما في أزمة مالية كبيرة، إلا أنهما يتابعان كل منهما في مساره الخاص الذي التزمه.

يواصل أديسون تشويه سمعة التيار المتردد ووستنجهاوس، وينجح في هذا لبعض الوقت، حتى يكتشف وستنجهاوس تورّد إديسون ويكشف هذه المؤامرة للصحافة. ومن خلال دعمٍ مختلف يتلقاه كل منهما، يصلان إلى اللحظة التي يقام فيها المعرض الكولومبي العالمي في 1893م، ويلتقيان معًا، ويكشف أديسون لوستنجهاوس كيف كانت رؤيته للأمور وما اضطر إلى فعله كي يتمكّن من تحقيق اختراع عظيم.

تقييم فيلم The current war

حصل الفيلم على تقييمات منخفضة بسبب تفلّت بعض الأدوات والخيوط الدرامية، وعدم تركيز صنّاع العمل على أفكار وخطوط محدّدة. فالفيلم رغم احتوائه على طواقم عمل متميزة على مستوى التمثيل والقصة والشخصيات التي يتناولها، ألا إنه جاء أقلّ من المتوقّع بما يليق بهذه العناصر.

أيضًا، قدّم الفيلم توماس أديسون كما لو كان ضحيّة، استنادًا إلى مأساته الخاصّة التي عاناها في حياته؛ لكن على المستوى الذي يتناوله العمل، جانب الصراع، فإن أديسون كان متماديًا وقاسيًا في محاولته لتدمير وستنجهاوس، ولم يتوقف عند هذا الحدّ فقط، وإنما تجاوزه إلى مواجهته مع الأخوين لوميير.

جبابرة الصراع الرأسمالي

يقدّم فيلم The current war تصويرًا أنيقًا لصراعٍ فعليٍ على السُلطة، جرى على أيدي شخصيات وأحداث تاريخية مثيرة ومؤثّرة. هذا الصراع كان بين توماس أديسون وجورج ويستنجهاوس، الذَين أسّس كل واحدٍ منهما البنية التحتية الكهربائية التي سينافس بها.

تبدّى جبروت الصراع الرأسمالي في حوار أديسون مع وستنجهاوس في المعرض الكولومبي
مشهد من فيلم The current war

ما نراه هو اشتعال واحدة من أولى وأكبر صراعات الشركات في التاريخ الأمريكي، فيما يمكن اعتباره تأسيسًا لسلوك جبابرة الصناعة والرأسمالية، وتسويغ الحاجة إلى كسر جميع القواعد من أجل حسم المنافسة بشكل برجماتي.

وفي المقابل، كانت القاعدة التي كانت ولا زالت صحيحةً، أنّ الشخص الذي يفكّر أو يبتكر أو يخترع شيئًا ليس هو صاحب الحظوة والذي تُسَلّط عليه الأضواء، وإنما الشخص الذي يقوم بتسويقه.

مفارقات تاريخية في العمل

بالرغم من أن الفيلم يقدّم شخصيات حقيقية، ويرصد أحداثًا في فترة تاريخية محدّدة تمتد من ثمانينات إلى تسعينات القرن 19، إلا أن الفيلم تضمّن بعض المغالطات التاريخية التي افتقرت إلى بعض الدقّة، من بينها:

  • أظهرت الخرائط المعروضة في الفيلم ولايات يوتاه وأوكلاهوما ونيو مكسيكو وأريزونا، التي لم تصبح ولايات إلا في فترات لاحقة على أحداث الفيلم، وخصوصًا بين عامي 1896 و1912م.
  • أظهر الفيلم إعدام وليام كيملر في نفس توقيت افتتاح المعرض الكولومبي في شيكاجو عام 1893م، في حين أن عملية الإعدام هذه تمت قبل هذا التاريخ بثلاثة أعوام.
  • معظم معدّات السكك الحديدية المعروضة والمستخدمة في الفيلم بريطانية، بينما تدور القصة داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
  • أظهر الفيلم أن وفاة ماري إديسون تمت في 1888م، بينما كانت وفاتها على الحقيقة قبلها بأربعة أعوام. وفي التاريخ المذكور كان أديسون متزوجًا بالفعل من مينا ميلر منذ عامين.