أمير الشعراء أحمد شوقي كما لم تعرفه من قبل
أمير الشعراء أحمد شوقي شابًا على اليسار، وعلى اليمين في كهولته

“أحمد شوقي” ابن علي ابن أحمد شوقي، اشتهر بعدّة ألقاب، منها: أمير الشعراء، وشاعر الإسلام. ولد أحمد شوقي في 16 أكتوبر عام 1868م، الموافق 28 جمادى الثاني عام1285هـ، منحدرًا من أسرةٍ ذات أصول تتنوّع بين الكردية، واليونانية، والتركية، والعربية.

قدِم جدّه لوالدته إلى مصر في شبابه، والتحق بخدمة والي مصر إبراهيم باشا، الذي زوّجه من إحدى معتوقاته. وحظي كلاهما بمكانة رفيعة في القصر، خصوصًا لدى الخديوي إسماعيل، الذي عيّنه وكيلاً للخاص الخديوي.

التحق أحمد شوقي في الرابعة من عمره بكّتّاب الشيخ صالح، ومنه انتقل إلى مدرسة المبتديان الابتدائية، ثم إلى المدرسة الخديوية ليكمل دراسته الثانوية، ونظرًا لتفوّقه التحق بكلية الحقوق عام 1883م، ودرس فيها عامين، ثم التحق بقسم الترجمة، وأتمّ دراسته فيه عام 1887م.

خلال تلك الفترة، بدأ أحمد شوقي ينظم بواكير شعره، وأطلع أستاذه الأزهري “محمد البسيوني البتاتوني” عليها، فأعجب بها، وهذّبها له، وأبلغ الخديوي توفيق بنبوغ شوقي في الشعر، فاستدعاه الخديوي واطّلع على أعماله، وتحمّس لإرساله إلى باريس لإتمام دراسته هناك.

رحلة شوقي الدراسية في فرنسا

في فرنسا، طالع شوقي الآداب الأوربية، وهو ما أتاح له أن يمدّ قصائده السياسية لاحقًا بالفكر القانوني والسياسي لقضاياه العربية والوطنية. كما تأثر بروائع الفن والحضارة الأوربية، وطالع أعمال هوجو ولافونتين ولامارتين وغيرهم، وتشكّلت لديه بذرة الكتابة في المسرح الشعري.

تمثال أمير الشعراء في القاهرة على اليمين، وفي روما على اليسار

أصيب شوقي بوباء الكوليرا، رغم هربه منه من باريس إلى مارسيليا ثم الأستانة، وكاد أن يودي بحياهت، وبعد أن ذهب إلى رحلة استشفاء في الجزائر، عاد إلى باريس إكمال دراسته، ونال شهادةً في الحقوق. وكان تجواله في عددٍ من الدول الأوربية في تلك الفترة سببًا في أن يتوجّه بالنقد العنيف إلى المجتمع المصري لاحقًا، بعد أن عقد مقارنات بين أحوال المجتمعين.

تفاعل شوقي مع الأوضاع السياسية

كانت الأحداث السياسية الساخنة المتقلبة في تلك الفترة، بدءًا من احتلال بريطانيا لمصر في 1881م، مرورًا بصراع الدولة العثمانية مع روسيا وفرنسا إيطاليا.. سببًا في انعكاس هذه الأوضاع السياسية والاجتماعية على أعماله الأدبية، الشعرية والروائية، وعلى حياته أيضًا.

التحق شوقي بقصر الخديوي توفيق، بعد عودته إلى مصر عام 1892م، ثم سافر بعدها بعامين إلى سويسرًا ممثلاً عن مصر، لحضور مؤتمر المستشرقين، ومنها انتقل إلى بلجيكا.

بعدما تمكّنت بريطانيا من السيطرة على مصر، أثناء الحرب العالمية الأولى، أصدر قرارًا بنفي أحمد شوقي إلى أسبانيا، وقضى في النفي خمس سنوات أثّرت على فنه وأدبه بشكل عميق، وأنتج فيها شعرًا وطنيًا متحررًا من قيود القصر الخديري، ومتقرّبًا أكثر من هموم المجتمع وآلامه، منتصبًا لمواجهة المستعمر الإنجليزي.

العودة من المنفى

وبعد عودته من المنفى، تفرّغ لإدارة أملاكه الخاصّة قاطعًا علاقته بالقصر، دون أن يتخلى عن موقفه السياسي الداعم للثورات العربية والقضايا الوطنية، مكرّسًا شعره وقلمه ضد الاستعمار الغربي.

في عام 1927م، انعقد مؤتمر في دار الأوبر المصرية لمبايعة شوقي أميرًا للشعراء العرب، بحضور ممثلين عن الدول العربية.

مؤلفات أمير الشعراء أحمد شوقي

دواوين أحمد شوقي

جُمعت قصائد أحمد شوقي التي ألقاها في مناسبات متنوّعة، ودواوينه، في الشوقيات، التي تمثّل الأعمال الشعرية شبه الكاملة له.

روايات أحمد شوقي

كتب أمير الشعراء أحمد شوقي عددًا من الروايات، لم تحظَ بنفس شهرة كتاباته الشعرية، وهذه الروايات هي:

1- رواية “عذراء الهند”، نشرها عام 1897م، وتدور أحداثها في زمن رعمسيس الثاني المعروف باسم سيزوستريس، في العام 1237 قبل الميلاد.

2- رواية “لادياس أو آخر الفراعنة”، نشرها عام 1899م، مستلهمًا من تاريخ الفراعنة أيضًا، وتدور في زمن الملك أبرياس.

3- رواية “دل وتيمان”، نشرها عام 1899م، وهي تمثل الجزء الثاني من رواية “لادياس”.

4- رواية “شيطان بنتاءور أو هدهد سليمان”، نشرها عام 1901م، وكتبها بأسلوب المقامات، متناولاً فيها أحوال مصر السياسية والأخلاقية والاجتماعية.

5- رواية “ورقة الآس”، كتبها عام 1905م، وهي الوحيدة التي تتناول أحداثًا عربية عام 272م، وليست فرعونية مثل باقي روايات.

من روايات أمير الشعراء أحمد شوقي

المسرحيات النثرية لأحمد شوقي

كتب شوقي مسرحية نثرية واحدة، بعنوان “أميرة الأندلس”، عام 1932م، في منفاه في أسبانيا، وضمّنها الكثير من الرسائل السياسية الموجّهة إلى الاحتلال البريطاني لمصر.

المسرحيات الشعرية لأحمد شوقي

انطلاقًا من تأثر شوقي  بقراءاته في الآداب الأوروبية المتنوّعة في فترة دراسته التي قضاها في فرنسا، وتجواله في بعض المدن الأوروبية.. أنتج شوقي عددًا من المسرحسات الشعرية، من بينها:

1-  مسرحية “مصرع كليوباترا”، كتبها عام 1927م.

2-  مسرحية “مجنون ليلى”، في عام 1932م.

3-  مسرحية “قمبيز”، في عام 1932م.

4-  مسرحية “عنترة”، في عام 1932م.

5-  مسرحية “علي بك الكبير”، بدأها في باريس في عام 1893م، وأعاد تنقيحها في عام 1932م.

6-  مسرحية “البخيلة”، في عام 1932م.

7- مسرحية “الست هدى”، في عام 1932م.

كما كانت لشوقي كتابات أخرى متنوّعة، بين النثر الشعري والخواطر النثرية، والمقالات والحكم الاجتماعية والسياسية، والرسائل، وأدب الرحلات.

وفاة أحمد شوقي

كان أحمد شوقي مولعًا بشرب الكحول؛ وهو ما تسبب بإصابته بتصلّب في الشرايين، والتزم الفراش لمدة 4 أشهر في عام 1932م. وخلال هذه الأشهر، ألّف الكثير من روائعه الشعرية، مثل: مجنون ليلى، وعلي بك الكبير (إعادة كتابة وتنقيح)، والبخيلة، والست هدى. وفارق الحياة صباح يوم 14 أكتوبر 1932م.

وكان أحمد شوقي قد أوصى أن يُكتَب على قبره بيتان من قصيدته “نهج البردة”:

يا أَحمَدَ الخَيرِ؛ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي، **  وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمِيُّ؟

إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ، لي أَمَلٌ ** في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ.

المصادر

– نثريات أحمد شوقي: خواطره، حكمه، محاوراته، سيد صديق عبد الفتاح، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 1997م.

– الأدب والحياة المصرية: دراسات في شعر البارودي وشوقي وحافظ، محمد حسين هيكل، كتاب الهلال، القاهرة، 1992م.

– الشوقيات، شِعر المرحوم أحمد شوقي، دار العودة، بيروت، 1988م.

– أحمد شوقي: دراسة في أعماله الروائية، أصيل عبد الوهاب، جامعة النجاح الوطنية بنابلس، 2010م.